ضعف دولنا وغياب تأثيرها دوليًا

ترتبط فاعلية الدول على الساحة الدولية، وفاعلية دورها في النظام الدولي إلى حد بعيد بالشروط الداخلية، فإذا كانت الجبهة الداخلية بخير، ونظامها السياسي جيد الأداء، واقتصادها الوطني قويًا، تصبح عندها لدى الدول حرية الالتفات إلى المجال الدولي والقيام بدور نشط وفاعل.
ولكن عندما تكون الدولة معتمدة على الخارج، ومؤسساتها فاسدة ومتدنية الكفاءة، ولا وجود لمجتمع وطني، والولاءات موجهة إلى أطر قبل وطنية بسبب ضعف أو غياب مفهوم المواطنة، في هذه الحالة يتراجع دور وتأثير هذه الدول على المستوى الدولي، ويصبح هامشيًا.
إن هذه النظرة هي التي تفسر ضعف أو محدودية الدور على المستوى الدولي لدولنا العربية، وذلك لاتصافها بدرجة كبيرة من الهشاشة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لقد انشغلت أنظمتنا بإيلاء المؤسسات المتصلة بقمع السكان، وأهملت المؤسسات المرتبطة بالتنمية.
ولأن هذه الأنظمة افتقرت إلى الشرعية القائمة على إجماع وطني، راحت تبحث عن شرائح للاعتماد عليها بديلًا عن الإجماع الوطني، الأمر الذي أضعف وحدة وتماسك المجتمعات.
خلاصة الفكرة أن طابع دولنا طابع هش وضعيف، لذلك فإن دولنا ضعيفة وغير مؤثرة على المستوى الدولي، عدا عن عجزها عن تلبية متطلبات شعوبها في التنمية والعدالة.
أي أننا بقدر ما نعاني على المستوى الداخلي، فإن معاناتنا خارجيًا أكثر.
إن المعالجة الداخلية الشاملة التي تنطلق من احترام القانون وحرية المواطنين، وإيلاء التنمية وتطوير المؤسسات، هي الأساس في تحصين الدول وأخذ مكانها الصحيح.