مقالات

صورة .. وقضية -بعد أربع سنوات على تأسيسها: نقابة المعلمين ما تزال تحت خطر الاستهداف ..د. موسى العزب

     

  الصورة لإعتصام سابق للمعلمين مقابل مبنى رئاسة الوزراء، إحتجاجاً على قوانين ديوان الخدمة المدنية، غابت عن الصورة الأعمار الشابة، وغلب عليها حضور كبار السن، وهي حالة تشي بضعف التعبئة حول مطالب محددة، وعن مدى عزلة الهيئات القيادية في النقابة عن التواصل مع العضوية.

        رفع الحضور بعض الأعلام الوطنية، وحملوا يافطة رئيسية، مهداة من فرع النقابة في إربد، وفي واقع الأمر حتى كهول المعلمين لم يتمرسوا بعد في الحراك الميداني، فقبل تأسيس النقابة قبل أربع سنوات، لم ينجز هؤلاء نشاطات مطلبية حقيقية، وبعد تشكيلها، اصاب الجسم النقابي المستجد حالة من البلبلة والإنكفاء.

        التيار الذي سيطر على مجلس النقابة خلال الدورة الحالية وسابقتها، يملك خزاناً هاماً من الأصوات ولكنه يفتقد إلى الرؤية والبرنامج النقابي الواقعي، ويستمرئ الاستحواذ على قيادة النقابة، وإقصاء الآخرين.

        حالة القلق والتردد تظهر بوضوح على وجوه المعتصمين، بينما تكشف اليافطة الوحيدة المرفوعة عن خلط في المفاهيم، وارتجالية في الشعارات المطروحة .. ماذا نفهم مثلاً من شعار “نزع الخوف من المعلم “؟؟ ولمن يوجهون هذا الطلب؟؟ وعندما ترفع النقابة شعار  ” إطلاق الحريات العامة في الإبداع والتعبير “، نحتار كيف يرفع المعلمون شعاراً سياسياً، ثم يكتفون بربطه بمواصفات يفترض بأنها يجب أن تتوفر بالعلم نفسه وتتأتى عادة من إستعداداته الشخصية وجهوده المبذولة وظروف عمله. يرفع المعلمون شعار ” القضاء على الروتين ” دون ان يحددوا عن أي روتين يتحدثون!؟ وهل يرفع بمثل هذا الشعار إلى مستوى مطلب نقابي يستوجب الاعتصام في الشارع؟

        لعل شعار ” علاوة الميدان ” هو الوحيد الذي يحمل  دلالة نقابية مطلبية، ولكن هنا أيضاّ لم يتم تحديد فيما إذا كان المعلمون يطالبون باستحداث هذه  العلاوة أو زيادتها.

        في واقع الأمر، فإن موضوع إقرار علاوة الميدان، كانت المطلب الرئيسي لنقابة المعلمين في إضرابها الأخير الذي إستمر لثلاثة وخمسين يوماً دون ان تتمكن النقابة من الحصول على أي مكسب ملموس، حيث إستطاعت الحكومة، وبتواطؤ مع بعض النواب بإجهاض الإضراب مقابل تقديم وعود ضبابية وغير ملزمة، كما أسهم في إفشال الإضراب، عجز النقابة في كسب مؤسسات المجتمع المدني إلى جانبها، وعدم قدرتها على الربط الجدلي بين المصلحة الخاصة للنقابة والمعلم، والمصلحة الوطنية للمجتمع والطالب.

         في منتصف نيسان، وبدون مقدمات أو العودة إلى مجلس النقابة، تقدم بعض النواب بمذكرة نقابية تطالب بتعديل قانون نقابة المعلمين، وقد أدت هذه الخطوة إلى رفض النقابة للتعديلات المقترحة شكلاً ومضموناً وحذرت من خطورتها.

المطالعة الأولية للتعديلات المقترحة تظهر حجم الإستهداف المبيت للنقابة وهويتها ودورها، حيث حاولت المذكرة إلغاء إلزامية الإنتساب للنقابة، وتؤدي في حال إقرارها إلى حرمان حوالي (30) الف معلمة ومعلم من الإداريين من علاوة التعليم والمكرمة لأبنائهم بسبب إعادة تعريف المعلم وحصره بالعلم في الغرفة الصفية.

ومن جهة أخرى، فإن التعديلات تطالب بإضافة القائمة النسبية إلى المادة الخاصة بالانتخابات، وهي في الحقيقة فكرة منصفة وجديرة بالنقاش، وربما تكون هذه النقطة بالذات هي التي إستفزت مجلس النقابة والتيار الذي يمثله ودفعته للتحرك ورفض مبادرة النواب.

تأخذ النقابة على النواب التعدي على صلاحية الهيئة المركزية والمجلس باجراء التعديلات، وتتهم النواب بمحاولة تقزيم دور النقابة، وتبهيت حقها في تنظيم المهنة والدفاع عن منتسبيها، وتمزيق جسم النقابة إلى عدة هيئات وتجعل منها هيئة ملحقة بوزارة التربية.

مؤخراً، نزع إجتماع للجنة القانونية النيابية، بحضور وزير التربية ورئيس مجلس النقباء ونقيب المعلمين، وعقد في مجلس النواب، فتيل الأزمة الشائكة التي كانت مرشحة للإشتعال. حيث صرّح رئيس اللجنة القانونية، بان لجنته قررت رفض المذكرة النيابية الخاصة بتعديل قانون المعلمين، ولكنه أضاف بان على النقابة أن تقدم التعديلات التي تراها مناسبة وذلك ” بالتنسيق مع وزارة التربية للسير بالخطوات التشريعية اللازمة “!؟

قد يكون هجوم إستهداف نقابة المعليمن قد تراجع مؤقتاً ولا نعرف متى سيعاود للظهور. مؤخراً حذرت وزارة التربية بانها ستُعَرّض أي معلم للعقوبات  في حال قيامه بنشر بوست على مواقع التواصل الاجتماعي دون الرجوع للإدارة!

مجلس النواب ما زال متحفزاً، ومجلس النقابة ما يزال غارقاً في حساباته الفئوية، والحكومة ما تزال تراقب وتتحين الفرص.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى