صندوق النقد الدولي والاحتلال “المالي” للأردن
عقب انتهاء زيارة بعثة صندوق النقد الدولي للأردن، كشفت الحكومة عن برنامج إصلاح واتفاقية أخرى مع صندوق النقد لمدة ثلاث سنوات. وكانت بعثة الصندوق قد عبّرت عن استيائها من حجم الدين العام المترتب على الأردن وزيادة الإنفاق، وذلك بعد أن تخطّت المديونية حاجز الــــ 32 مليار دولار مشكّلة ما نسبته 92% من الناتج المحلي الإجمالي. ولعل من أبرز ملامح برنامج الإصلاح المالي الجديد والذي يستمر لثلاثة أعوام (2016-2018) هو قرض جديد للحكومة الأردنية تبلغ قيمته 3 مليارات دولار والعمل على زيادة إيرادات الخزينة وتقليل النفقات.
فيما يتعلق بزيادة الإيرادات، فلن يكون أمام الحكومة سوى زيادة العبء الضريبي على المواطن وخصوصاً في ظل الحديث عن تعديلات على قانون ضريبة الدخل تتجه نحو تخفيف العبء الضريبي عن القطاعات التي تحقق عوائد كبيرة بالقيمة المضافة وتستهدف تخفيف العبء الضريبي بالأساس عن المستثمرين والقطاعات الاستثمارية الخارجية، في مقابل زيادة العبء الضريبي على المواطن والقطاعات الاقتصادية المتوسطة، ومن المتوقع أن يرافق ذلك زيادة على ضريبة المبيعات التي يتحمل العبء الضريبي لها المواطن.
في آخر تقاريره حول الاستقرار المالي، يشير البنك المركزي إلى ارتفاع مديونية الأردنيين لدى البنوك والمؤسسات المالية بنسبة 15.9% عام 2014، مقارنة بنحو 9.2% عام 2013. ويؤكد التقرير أن مديونية الأردنيين بلغت نحو 12.4 مليار دولار عام 2014 مقابل 10.7 مليار عام 2013. ويحذر البنك المركزي الأردني من الارتفاع الكبير لمديونية الأفراد نسبة للدخل المتاح وحجم الثروة. وقد ارتفعت نسبة مديونية الأفراد في الأردن إلى دخلهم خلال الأعوام 2008-2014 من 40.4% في نهاية 2008 إلى 63.2% نهاية عام 2014. وتعكس هذه الأوضاع حالة الفقر في البلاد، فقد قدّرت نسبة الفقر بحوالي 14.4% عام 2010، في حين يقدّر البنك الدولي نسبة الأردنيين الذين يقعون على خط الفقر بـ 37.5%. وكشف تقرير حديث للبنك الدولي أن 18.6% من مجموع السكان مهددون بالانضمام إلى قافلة الفقراء، أي أن 56.% من الشعب الأردني سيقبع تحت خط الفقر.
أما البند الآخر من برنامج الإصلاح المالي الجديد، فيتمثل بخفض النفقات، وهو البند الذي لن تستطيع الحكومة تطبيقه إلا من خلال تنفيذ مطالب صندوق النقد برفع أسعار الكهرباء والمياه العام القادم. إلا أن الأخطر يتمثل بمطالبات الصندوق للحكومة الأردنية بإلغاء الدعم عن سلع أساسية أهمها وأخطرها هو إلغاء الدعم عن مادة الخبز.
ويبقى الأهم، أن حجم الدين العام تضاعف في السنوات الخمس الأخيرة، رغم التنفيذ الأعمى من قبل حكومتنا لإملااءات وشروط صندوق النقد الدولي، وذلك في ظل غياب سياسة اقتصادية حقيقية باستثمارات وطنية، تغلّب مصلحة الوطن على مصالح القوى الإمبريالية. الأمر الذي يطرح تساؤلاً حول أسباب الإصرار الحكومي على توقيع المزيد من الاتفاقيات مع صندوق النقد الدولي، ومفهوم السيادة الوطنية في ظل تحكّم هذا الصندوق بمفاصل القرار الاقتصادي الأردني؟!