سياسيون وخبراء يحذرون من تغول المجالس التنفيذية على صلاحيات البلديات المنتخبة
أعلنت الهيئة المستقلة للانتخاب منتصف آب القادم موعداً لإجراء الانتخابات البلدية وانتخابات مجالس المحافظات، كما صرح مصدر حكومي عن نية الحكومة حل المجالس البلدية، أواخر شهر آذار الحالي، ويأتي قرار الحل بعد مذكرة وقعها أكثر من 90 نائب طالبوا فيها بحل المجالس البلدية كي لا تُستخدم للتأثير على الانتخابات.
ويرى المواطنون بأن الإختلالات التي باتت تظهر في البلديات والتجاوزات المالية والإدارية والنزاعات بين أعضاء المجالس البلدية ورؤساء بلديات شكلت تحديا إضافيا حال دون قدرتها على القيام بواجباتها المطلوبة.
مجالس المحافظات .. ما الداعي؟!
انتخابات مجالس المحافظات أو اللا مركزية التي تجري في الأردن لأول مرة، والتي صاحب إقرارها الكثير من اللغط حول الدوافع الخفية لإقرارها خاصة وأن الأردن بلد مساحته صغيرة، وبالتالي تصبح هذه المجالس غير عملية، حيث يرى الرفيق عماد المالحي عضو المكتب السياسي في حزب الوحدة الشعبية أن اللامركزية والتي تعني إعطاء صلاحيات مالية وإدارية من قبل الحكومات المركزية للمحافظات، تكون عملية في بلدان مساحتها كبيرة، مشيراً إلى أن أكثر من دولة عربية قامت بتطبيق اللامركزية وفشل مشروعها، منها مصر وتونس والبحرين .
المالحي: القانون في جوهره هو ضرب لمفهوم الحكم المحلي من خلال سحب صلاحيات البلدياتوكانت الحكومة قد أكدت حين إصدار قانون اللامركزية بأنه سيساعد على تحقيق التنمية الاقتصادية في الأطراف وسيؤدي إلى تفرغ البرلمان ممثلا بأعضائه للرقابة والتشريع، مما سيؤدي (حسب الحكومة) إلى تعزيز الحياة البرلمانية. لكن الحكومة تجاهلت أن فشل أداء المجالس النيابية يعود في الأساس لقانون الانتخاب الذي لا يسمح لوصول قوى حزبية وكتل برامجية إلى البرلمان وفق ما يؤكد الرفيق المالحي.
ويضيف الرفيق عماد المالحي في تصريح لـ نداء الوطن أن قراءة لواقع البرلمان الحالي وأدائه تكشف أنه كسابقه من ناحية الأداء، فالقانون الذي أفرز المجلس الحالي لم يبتعد عن مجلس قانون الصوت الواحد المجزوء، وأن إفرازاته لا تخفى على أحد و بالتالي فالهدف الذي سوقت له الحكومة في حينها بأنها تقسيم العمل لم يتحقق، من خلال إقرار قانون اللامركزية، وها نحن نرى برلمان مدجن تتسابق عضويته بالتزلف للحكومة، من أجل مصالح ذاتية لعضويته و خدمته القاعده الاجتماعية التي أفرزت هؤلاء النواب وتناول مريب عن الدور المناط به.
المجالس البلدية ومجالس المحافظات: تنازع الصلاحيات
إقرار قانون مجالس المحافظات، خلق لغطاً آخر، تمثل في تضارب الصلاحيات بين هذه المجالس ومجالس البلديات، والخشية من أن تتغول المجالس التنفيذية –المُعيّنة- للمحافظات على صلاحيات ودور المجالس البلدية المنتخبة.
وفي تصريح سابق لوزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة أكد أن تطبيق اللامركزية لن يؤثر على استقلالية البلديات، بل إنه زاد من صلاحياتها وأن مجالس المحافظات لن تتغول على البلديات.
وأشار المعايطة إلى أنه سيتم تخصيص موازنات لمشروع اللامركزية في موازنة عام 2018، حيث أن الانتخابات للمجالس المحلية ورئاسة البلدية ومجالس المحافظات ستجري في يوم واحد لافتا إلى أن فلسلفة اللامركزية قائمة على تجنب الشكوى المتكررة سابقاً من مركزية القرار التنموي في العاصمة عمان.
فيما يرى الرفيق عماد المالحي أن القانون في جوهره هو ضرب لمفهوم الحكم المحلي من خلال سحب صلاحيات البلديات وإعطائها للمجلس التنفيذي الذي سيترأسه المحافظ مع العلم أن الأصل أن البلديات هي وحدة تنموية وبالتالي المطلوب أن تكون البلديات هي صاحبة الصلاحيات في كل المسائل التي تخص نطاق عملها.
أبو رمان: قانون البلديات و قانون اللامركزية لم يقدما أي تطوير على الصعيد الانتخابي يفيد الأحزاب السياسيةويلفت مدير وحدة الدراسات لمركز القدس للدراسات السياسية الأستاذ حسين أبو رمان في اتصال هاتفي أجرته نداء الوطن إلى أن الانتخابات اللامركزية القادمة استحقاق قانوني بموجب قانون اللامركزية لسنة 2015، وفكرة اللامركزية هي فكرة إصلاحية بامتياز, لأنها تقلص المركزية الشديدة التي بُني عليها النظام الإداري الأردني منذ مطالع السبعينيات، حيث تم مصادرة العديد من صلاحيات البلديات في مجالات التعليم والصحة والخدمات الأساسية لصالحالوزارات والسلطات التابعة لها.
وتساءل أبو رمان “هل يكفل قانون اللامركزية توازناً في توزيع الصلاحيات بين المركز والمحافظات، ويؤدي دوره في تنمية المحافظات؟ “
مجيبا , أن التطور الرئيسي المؤكد يقع في مجال توسيع المشاركة بوجود مجالس محافظات منتخبة على صعيد تحديد أولويات إنفاق موازنات المحافظات، وكل تطور حقيقي خارج ذلك يحتاج إلى معجزة، ولهذا السبب باتت بعض النخب تحبذ تأجيل البدء في وضع هذا المشروع على سكة التنفيذ لإخضاعه لمزيد من المراجعة والتطوير ، ولتجنب تحمل كلف إنشاء طبقة جديدة من الإدارة في ظل الأزمة الاقتصادية المستفحلة.
الأحزاب وقانون الانتخاب.. كلاكيت ثاني مرة
الانتخابات البلدية واللامركزية التي تنوي الحكومة إجراءها في منتصف آب المقبل، قوبلت بفتور شعبي وتخوف حزبي من عدم توفير مناخ إيجابي ينعكس في تمثيلها داخل مجالس المحافظات والبلديات في ظل قانون انتخاب يتماهى مع قانون الانتخابات البرلمانية من ناحية تحجيم الأحزاب والحد من قدرتها على الحصول على مقاعد في المجالس المنتخبة.
ويرى الرفيق عماد المالحي أن إعادة الثقة لأية عملية انتخابية يتطلب رفع القبضة الأمنية عن الحياة السياسية وخلق مناخ يوفر مشاركة شعبية حقيقية.
فيما يحذر الأستاذ حسين أبو رمان من أن قانون البلديات و قانون اللامركزية لم يقدما أي تطوير على الصعيد الانتخابي يفيد الأحزاب السياسية، كما أن معدلات المشاركة لن تختلف عن سابقاتها في البلديات إلا من حيث العودة إلى المجالس المحلية. ومما يؤسف له أن الأحزاب السياسية لا تبدي اهتماماً بالحد الأدنى إلا بالانتخابات النيابية، لكنها تغفل أن العمل البلدي هو مدرسة الديمقراطية الأولى.