سامح شكري.. “مهمة في تل أبيب” / حاتم استنبولي
الاتفاق التركي “الإسرائيلي” عجّل من حركة النظام المصري نحو “إسرائيل” ودفعها لأن ترسل وزير خارجيتها للتخفيف من نتائج الاتفاق التركي “الإسرائيلي”، خاصة أن عدة ملفات ما زالت مفتوحة بين تركيا و”إسرائيل” وأهمها الملف الفلسطيني (الغزي), وعلى ما يبدو أن اتفاقاً تم ما بين أردوغان ونتنياهو على أن تقوم تركيا بترويض حماس وفتح قناة اتصال لبدء حوار مباشر بين الطرفين.
إن الاندفاعة المصرية نحو تل أبيب وعرضها المساعدة في ترتيب لقاء فلسطيني “إسرائيلي” تكون القاهرة مكاناً له تمهيداً لعقد مؤتمر دولي لتتويج اتفاق الحل النهائي، يهدف لتقويض المساعي التركية المدعومة من قطر لإنجاز اتفاق بين حماس و”إسرائيل” لا يكون للقاهرة دور فيه.
من الملاحظ أن الحركة الدوبلوماسية المصرية تحاول أن تخفف من ارتدادات الحركة “الإسرائيلية” لمحاصرة مصر جنوباً في حوض النيل وشمالاً في غزة وشرقاً في ليبيا، لتشكيل حزام ضاغط يجبر مصر على الرضوخ والعودة لحظيرة كامب ديفيد وملحقاتها.
ناهيك عن الحرب غير المعلنة التي تشن على الجيش المصري في سيناء، وإذا ما أضيف إلى كل ذلك الوضع الاقتصادي المتردي، فإن الحركة الدبلوماسية المصرية تفهم على أنها تندرج تحت عنوان “الدفاع السلبي”.
والسؤال المُلّح، هل هذا الخيار الوحيد لمصر للخروج من حالة التقوقع والدفاع السلبي؟ إن العامل الداخلي ومحاولات إسناده باللجوء إلى كل من الرياض و”إسرائيل” ليس خياراً يمكن أن يخرج مصر من أزمتها الداخلية. فالرياض تعاني من ارتداد فشل حروبها العبثية الانتقامية وهي تريد من القاهرة أن تشكل لها عوناً مباشراً في حربها باليمن وسوريا. و”إسرائيل” تريد من القاهرة إعادة تأكيد موقفها من كامب ديفيد وملحقاته.
أما الولايات المتحدة الأمريكية، فمن الملاحظ أن هنالك موقف سلبي من القاهرة وتدفع الأمور باتجاه إعادة تركيب النظام المصري وإبقائه بحالة الموت السريري سياسياً. وعلى ما يبدو أن نتائج معركة حلب ستشكل عنواناً للمرحلة المقبلة وكل تقدم يحرزه الجيش السوري وحلفاؤه يدفع باتجاه انهيار حلف (الاعتدال) ويرعب دول مجلس التعاون ويسرّع في الاندفاعة نحو تل أبيب بعد أن أدركوا أن الإدارة الأمريكية تركتهم لوحدهم ولا أمل في أي تدخل مباشر.
إن صمود حلب أسقط المشروع التركي السعودي وجعلهم لوحدهم يبحثون عن ملاذات آمنة. وأدرك البعض أن سقوط دمشق هو سقوط المنطقة وتفتيتها ولن تنجو لا أنقرة ولا الرياض من ارتداداته. فأنقرة أخذت خياراً بإعادة التموضع سريعاً بإعادة ترتيب العلاقات مع محيطها لتحمي نفسها من التفتيت, أما الرياض فتوجهها لمصر كان من أجل توريطها في الحرب على الشعب اليمني المقترح الذي لم تقبل به القاهرة وعلى إثرها جمدت الاتفاقات المشتركة.
وبدل أن تعيد الرياض تقييم سياساتها وتوقف حروبها العبثية، فقد هربت للأمام، للبيت الإسرائيلي وأعلن وزير خارجيتها عن استعدادها للعمل من أجل إنهاء المقاومة الفلسطينية كقربان مقابل مساعدتها في هزيمة الشعبين اليمني والسوري. ومن الملاحظ أن كل من أنقرة والرياض يعرضون خدماتهم لتصفية القضية الفلسطينية ومقاومتها ظناً منهم أنهم سيحمون عواصمهم من ارتدادات صمود حلب وانتصارها. أما عن القاهرة، فإن خيار الدفاع السلبي يعمق أزمتها ويهدد وحدتها، وخيارها الوحيد في الخروج من مراوحتها، هو بفك قيودها والانحياز لخيارها العروبي، ومدّ يدها لكل من سوريا والعراق ووقف نزيف الشعب اليمني .