سؤال الخصوصية: لماذا نحتفل في الأول من أيار؟؟ / فايز الشريف
مئات الملايين من البشر وعلى امتداد مناطق العالم المختلفة يحتفلون في الاول من ايار من كل عام في اليوم العالمي للعمال. أغلب هذه الاحتفالات تتم بمسيرات ضخمة تجوب شوارع العواصم والمدن يتقدمها العمال بقبضاتهم القوية وسواعدهم الجبارة وإصرارهم العنيد, يهتفون ويؤكدون ان وحدة الطبقة العاملة العالمية وكافة الشعوب المضطهدة والمقهورة هي السبيل الوحيد للوقوف في وجه الظلم والقهر والاستبداد والاستغلال البشع وهو السبيل لتحقيق العدالة والمساواة. تخرج هذه الجموع وهي مؤمنة بما تفعل وموقنة بأن عملها النضالي هذا سيؤتي ثماره ويطرح اكله ولو بعد حين.
ولكن ما الداعي لهذه الطقوس السنوية ولماذا يتم الاحتفال وتحديد يوم عالمي للطبقة العاملة وليس غيرها من الطبقات كالفلاحين مثلا او الطبقة المتوسطة؟
يعيد البعض سبب الاحتفال وتحديداً الاول من أيار كيوم عالمي للطبقة العاملة إلى استعادة ذكرى المجزرة العمالية التي حدثت في الأول من أيار عام 1886 في الولايات المتحدة الأمريكية وذهب ضحيتها عشرات العمال الذين كانوا يطالبون بحقوقهم. لقد كانت هذه الذكرى إحدى دوافع الأممية الثانية في تحديد الأول من ايار يوما عالميا للطبقة العاملة. ولكن هذا السبب في تحديد يوم الاحتفال – حتى وان كان سببا وجيها – لا يمكنه ان يجيب عن التساؤل المشروع عن هذه الخصوصية التي تنفرد فيها الطبقة العاملة دون غيرها من الطبقات حتى تقام لها الاحتفالات الملايينية الضخمة في مختلف مدن وبقاع الأرض، حيث تشارك الطبقة العاملة في هذه الاحتفالات مختلف طبقات وشرائح الكادحين والمسحوقين والأحرار والمثقفين الثوريين.
ولن يسعفنا الحظ عندما نعيد سبب الخصوصية الى الفقر والمعاناة والاستغلال والاضطهاد فهذه الصفات كلها مشتركة مع العديد غيرها من الطبقات والشرائح الاجتماعية ولكن بنسب متفاوتة.
ان الطبقة العاملة بحكم تعاظم حجمها العددي وموقعها المميز في الانتاج ألاجتماعي وبحكم عدم امتلاكها لأي من ادوات هذا الإنتاج فهي لا تملك المصانع ولا المعامل ولا البنوك والمصارف، لا تملك سوى قوة عملها الجسدي وخبراتها في الإنتاج الاجتماعي تبيعها لصاحب العمل بابخس الاثمان وبأقل بكثير من القيمة الحقيقية لها، وبحكم ان ثمار هذا الانتاج تذهب لجيوب طبقة صغيرة جدا «عدديا» هي الطبقة البرجوازية والتي تمتلك ادوات هذا الانتاج وتتملك ثماره… ونظرا لان من يعمل حقا لا يستحوذ على ثمار عمله, فان الطبقة العاملة مرشحة علميا للعب دور تاريخي، وهي تحمل رسالة تاريخية، لا بد وان تؤديها بأمانة، وهي نقل المجتمع من مجتمع يسوده القهر والظلم والاستبداد المتمثل في المجتمع الرأسمالي القائم, الى مجتمع ينتفي فيه استغلال الانسان لاخيه الانسان وهو المجتمع الاشتراكي.
الرسالة التاريخية للطبقة العاملة التي ستقود المجتمع نحو اذابة الفروق الطبقية ما بين افراده هي بالضبط ما يجب على الطبقة العاملة تأكيده في كل فعالية من فعالياتها, ومع كل نضال مطلبي تقوم به، وهذه الرسالة التاريخية هي بالضبط ما تبرر وتوجب وتلزم الطبقة العاملة على ان تبني حزبها اليساري القيادي المتميز من بين نخب طلائعها المناضلة والواعية.