زعيمي العصابة

لم يتبادر إلى ذهني، وأنا أشاهد صورة نتنياهو وهو يقدم شهادة ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام، إلا صور رجال العصابات وهم يمارسون الثناء على بعضهم البعض عمّا ارتكبوه من جرائم.
لنتأمل المشهد: قاتل الأطفال، أكثر من 15 ألف طفل قتلهم نتنياهو، وأكثر من ستين ألف رجل وامرأة في غزة، وهو مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية لارتكابه جريمة الإبادة. هذا المجرم يرشح مجرمًا مثله، هو ترامب، الذي اعتدى على اليمن وإيران ولبنان، وأمدّ إسرائيل بكل أسلحة الدمار والقتل. أي نوبل وأي سلام؟
ترامب لم يقصّر مع نتنياهو، بل راح يُسدي إليه أوصافًا مثل “رجل عظيم”، وأنه أوصى برفع العقوبات عن سوريا، واعتبر “أبو محمد” رجلًا شجاعًا وطيبًا.
إسداء وصف “رجال عصابات” ليس مجرد شتيمة، بل في حقيقته يعكس خصائص رجال العصابات.
رجال العصابات -وحسب دراسات نفسية- يعتبرون الإجرام والقتل عملًا خيرًا، لأنه دعم للجماعة التي ينتمون إليها.
يتعاون رجال العصابات لانتهاك القانون الدولي والمحلي. ألم تقف أمريكا والغرب، وعلى امتداد عشرين شهرًا، حاميةً لإسرائيل من أي إجراء دولي؟ بل لم تكتفِ بذلك، بل برّرت هي والغرب الإجرام الصهيوني بأنه “دفاع عن النفس”.
زعيم العصابة يمتاز بالأنانية والغرور والشعور بالعظمة، ولا يُبدي أي استعداد للندم أو الرحمة.
شخصية متعجرفة تمارس البلطجة لإرهاب الآخرين وإجبارهم على دفع الإتاوات.
ما جرى قبل أقل من شهر، والترليونات الأربعة التي حملها ترامب، دليلٌ آخر على طبيعتهم.
هذا هو العالم الذي نعيش فيه، لا حق فيه إلا للقوة ومن يملكها، وأنّ التذلل لزعماء العصابات لن يزيدهم إلا تجبرًا واستهانة بالآخر.
هل نُفيق كعرب من أننا أناس يُمارس بحقنا كل أنواع الاستهانة والبلطجة والإذلال؟
هل نُفيق كشعوب وأنظمة إلى أن هذا الثنائي، وما يُمثّلان، لن يُمكننا من العيش بسلام؟ بل على العكس من ذلك.
هل فكرنا بما جنيناه من التطبيع والسلام معهم؟
لا ينفع أن نكون خرافًا وسط عالم تحكمه الذئاب.
لن نكلّ من دقّ جدران الخزان، حيث تصادف ذكرى استشهاد صاحب هذه المقولة، الشهيد غسان كنفاني.
لعلّنا نسمع من يهمّه الأمر ما هو مطلوبٌ منهم.