مقالات

روسيا الأرثوذكسية الملحدة وأمريكا البروتيستانتية المسلمة / فاخر دعاس

لم أتخيل أن يصل حجم التضليل الذي تمارسه قناة الجزيرة الى هذا الحد. بالأمس قرأت منشوراً منسوباً لاحمد منصور المذيع في قناة، ولحجم السخافة التي يحتويها المنشور، اعتقدت أنه جزء من الحرب الفيسبوكية بين مريدي الجزيرة وخصومها. وعندما لاحظت تكرار نشره، اضطررت صباح اليوم الى الدخول لصفحة احمد منصور لأتفاجأ بانه بالفعل قد قام بنشر هذا الكلام وبل كرره في منشورين اثنين، أما الأسوأ فإن هذا المنشور حاز على عشرات آلاف الاعجابات وآلاف المشاركات.

يقول منصور في منشوره: الحكام العرب الذين انحازوا لروسيا (الارثوذكسية الملحدة) على حساب تركيا (المسلمة) جلبوا لانفسهم ولبلادهم الذل والعار.

وهنا دعونا نطرح جملة من الملاحظات على هذا المنشور الذي يعلم صاحبه تمام العلم انه مليء بالكذب والسخافة ولكنه يعلم ايضاً ان هكذا منشور يدغدغ مشاعر المواطن العربي البسيط الذي مارست الجزيرة على مدى سنوات سياسة التجهيل والتضليل بحقه:

الملاحظة الاولى: كيف استقام عند شخص احمد منصور ان تجتمع الارثوذكسية مع الالحاد؟! وهل الديانة المسيحية بحد ذاتها تهمة؟ ام ان التهمة مقتصرة على الطائفة الارثوذكسية من المسيحيين؟! ولو افترضنا ان الشعب الروسي يعتنق المذهب الكاثوليكي او البروتستانتي ، فهل ستتغير وجهة نظر احمد منصور فيه؟!

الملاحظة الثانية: من اين اتى السيد منصور بتهمة الالحاد للجمهورية الروسية وهوالذي يعلم جيداً ان الحزب الشيوعي الروسي لا يحكم روسيا ، ويعلم ايضاً بان روسيا – حالها حال تركيا تماماً – دولة علمانية، ويعلم السيد منصور الفارق الكبير بين العلمانية والالحاد؟!!

الملاحظة الثالثة: لا اعلم من اين اتى السيد منصور بمصطلح (تركيا المسلمة) ؟! هل يكفي ان يكون غالبية سكان دولة ما يعتنقون ديانة او مذهباً لتصبح هذه الدولة موسومة بهذه الديانة؟! هل نقول -مثلاً- امريكا البروتيستانتية او فنزويلا الكاثوليكية او الصين البوذية او حتى الهند الهندوسية؟!

تركيا المسلمة بالنسبة للسيد منصور تحتل المرتبة العاشرة على العالم من حيث ايرادات البغاء والدعارة بايرادات سنوية تتجاوز ال٤ مليارات دولار سنوياً .. وتركيا المسلمة قامت يوم امس بمقايضة قضية اللاجئين السوريين بحفنة من الاموال والعودة للدخول في مفاوضات الانضمام الى الاتحاد الاوروبي

وتركيا التي اعلنت اسلامها في عهد اردوغان، ارتفع حجم التبادل التجاري بينها وبين الكيان الصهيوني في العام الماضي الى ارقام غير مسبوقة، حيث تجاوز مبلع الخمسة مليارات ونصف المليار دولار، وبنسبة نمو بلغت ١١.٥٪ عن العام ٢٠١٣، حيث بلغت الصادرات الصهيونية لتركيا ٢.٧٥مليار دولار فيما بلغت الصادرات التركية لدولة الكيان ال٢.٨ مليار دولار تقريباً.

الملاحظة الرابعة: لماذا لم نقرأ تعليقاً ولو من باب المجاملة للسيد احمد منصور على الدعم الامريكي غير المحدود للصهاينة في مجازرهم تجاه الشعب الفلسطيني وآخرها تصريح جون كيري بان امريكا تساند اسرائيل التي تتعرض لهجوم من قبل الفلسطينييين؟! لماذا لم يلعن السيد منصور الحكام العرب المتحالفين مع الامريكان ( البروتيستانت ) ؟! وهل يجرؤ هذا الاعلامي الدعوة لمقاطعة البضائع الامريكية؟! بل هل يجرؤ على انتقاد وجود اكبر قاعدة امريكية في المنطقة في دولة قطر؟!

لن أبني موقفي من الاحداث في المنطقة وفق مسطرة احمد منصور الكاذبة والمضللة، فهي مسطرة هدفها الاساسي والوحيد حرف الصراع الرئيسي مع العدو الصهيوني الى صراعات عرقية ومذهبية خدمة للاجندة الصهيو-امريكية في المنطقة العربية.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى