رفع سعر الفائدة وآثاره المدمرة على الاقتصاد الأردني
أعلن البنك المركزي الفيدرالي الأمريكي في مطلع شهر كانون أول لعام 2016 عن رفع سعر الفائدة بمعدل 25 نقطة بما نسبته 0.25% لتتراوح ما بين 0.5 % الى 0.75 %. ويأتي هذا القرار بناءً على عدد من المعطيات التي تعكس تعافي الاقتصاد الأمريكي بعدد من النواحي وبنسب مطمئنة حيث وصلت معدلات التضخم الى ما يقارب 2% مما شكل سبب ونتيجة لرفع معدلات النمو في الاقتصاد الامريكي بعده الى ما يقارب 2.1% لعام 2017 ، علماً بأنه كان من المتوقع أن لا تتجاوز النسبة للعام 2016 الـ 1.9 % ، وعلى المدى الطويل ان لا تتجاوز ما نسبته 1.8%.
وأتى انخفاض نسبة البطالة في الربع الرابع للعام الحالي الى 4.7 % معززا لهذه الأرقام، رغم أن التوقعات كانت تشير إلى أن نسبة البطالة في الأعوام الثلاثة القادمة لن تقل عن 4.7 % في أفضل حالاتها. حيث من المتوقع بعد هذه المعطيات، وبناءً على الدراسات الاقتصادية أن تنخفض نسبة البطالة إلى ما يقارب الـ 3% في الاعوام القادمة مما يعني نسبة التشغيل الكامل.
كما يُتوقع بناءً على دراسات البنك المركز الامريكي أن يتم رفع سعر الفائدة لنهاية عام 2017 ليصل الى 2% بعد ان كان مع نهاية شهر 11 للعام الحالي بنسبة 0.5%، ومن المتوقع أن يستمر الرفع الى ان يصل الى 3 % بنهاية عام 2019 .
وما إن تم الاعلان قرار رفع سعر الفادة على الوداع خلال مؤتمر صحفي على لسان رئيس البنك المركزي الامريكي، حتى اتى صدى هذا القرار ليردد حروفه كببغاء ناطق في الاردن. فبادر البنك المركز الاردني بالاعلان عن رفع سعر الفائدة بنسبة 0.25 % اي بنفس النسبة وبالطبع كان المبرر للقرار هو ارتباط سعر صرف الدينار بالدولار .
تبرير رفع سعر الفائدة بارتباط سعر صرف الدينار بالدولار لا يعدو كونه تبريراً غير كامل لا يراعي معايير الاقتصاد الكلي ولا يتعدى عن مفهوم الاقتصاد التابع المبني على تغيرات العامل المستقل دون مراعاة المعطيات الاقتصادية والتي من اهمها ان لم تكن اهمها السياسات النقدية المبني عليها الاقتصاد الكلي وذلك لما لهذا القرار من انعكاسات ليست بالبسيطة فلا بد له ان يؤثر على اداء الشركات المعتمدة على التمويلات والقروض وسيعمل على تعزيز تراكم فائض راس المال في القطاع المالي غير المنتج مما سيحققه من تعظيم هامش الربح المتحقق ما بين الفوائد المدفوعه على الودائع والفوائد المقبوضة على الإقراض .
وكانت ابرز نتائج هذا القرار رفع سعر صرف الدولار مقابل العملات الاخرى ومقابل الذهب وبالتالي ارتفاع سعر صرف الدينار مقابل العملات الاخرى غير المرتبطة بالدولار الامريكي , لياتي قرار رفع سعر الفائدة بالاردن ليعزز هذا الارتفاع الذي بدوره سيشكل عائقاً اما قطاع السياحة المستهدف السياح من دول عملاتها غير مرتبطة بالدولار مثل اليورو، حيث سترتفع تكلفة الرحلة السياحية بالنسبة للسائح بعملته الرئيسية ، الأمر الذي سيؤدي إلى إضعاف النشاط السياحي في الأردن وبالتالي إنخفاض الايرادات السياحية.
ولن يكون وضع القطاع الصناعي بأفضل من السياحة، حيث سيؤدي القرار إلى ارتفاع تكلفة الصادرات الاردنية على المستوردين من الدول الأخرى بناءً على سعر الصرف الجديد، ما سيؤدي إلى بحث هؤلاء عن بدائل غير الأردن.
كما سيؤدي القرار إلى حالة من الركود في القطاع العقاري، نتيجة ارتفاع تكلفة القروض العقارية وهذا الركود ينعكس على عدد كبير من شرائح الطبقات العاملة والمهنية من ناحية ارتفاع تكلفة القرض العقاري عليهم ومن ناحية جمود في هذا القطاع وعدم وجود شواغر وفرص عمل. وعلى صعيد البيئة الاستثمارية، ونتيجة ارتفاع سعر صرف الدينار، سيؤدي القرار إلى نفور المستثمرين وخاصة أولئك الذين لا ترتبط عملات بلادهم بالدولار.
في الختام، لا بد من التأكيد على أن رفع سعر الفائدة في الاردن، ولكون اقتصاده اقتصاداً تابعاً، وبالتالي هذا سيعملل على تقليل فرص النشاط الاقتصادي المحلي مما سيؤدي الى زيادة نسبة البطالة وبالتالي زيادة العرض وقلة الطلب وبالتالي تخفيض الانتاج وبالتالي زيادة العجز التجاري مما سيؤدي الى زيادة النفقات مقابل الايرادات وزيادة العجز وزيادة في طلب قروض دولية جديدة بتكلفة اعلى والتي علاجها بوصفات صندوق النقد والبنك الدوليين زيادات جديدة في الضرائب.