رفض شامل لتعديلات الأعيان على ضريبة الدخل
لاقت التعديلات المقترحة من مجلس الأعيان على المشروع المعدل لقانون ضريبة الدخل رفضاً واعتراضأ من قبل الأوساط المعنية والشرائح الاجتماعية كافة، لكون هذه التعديلات تعمق الفجوة الطبقية في المجتمع الأردني، ولا تساعد في تنشيط الاقتصاد وتزيد من عدم ثقة المستثمر سواء المحلي أو الأجنبي، ذلك أن مثل هذه التعديلات ليست سوى زيادة الأعباء الضريبية على المواطن الذي لم يعد دخله يتحمل مزيداً من هذه الأعباء.
إن هذه التعديلات المقترحة، إذا ما أقرت، ستدفع بمن تبقى من الطبقة الوسطى إلى الطبقات الفقيرة، مما يعمق الفجوة الطبقية ويسرع في خلق طبقة الأوليغارشيا ورجال المال على حساب زيادة إفقار الطبقة المحرومة وضعيفة الدخل.
لقد تضمنت التعديلات المقترحة تخفيض سقف الإعفاءات للعائلة من 24 ألف دينار إلى 12 ألف دينار سنوياً للأسرة، الأمر الذي سيشمل ذوي الدخل المحدود ويلحقهم بالشرائح الفقيرة، علاوةً على أن التعديلات المقترحة سترفع نسبة الضريبة على الأفراد وصولاً إلى 35% بدلاً من 20%، كذلك من شأن هذه التعديلات حسب ما ورد في الإعلام المحلي، أن تلحق أضراراً جديدة بالقطاع الزراعي غير أضرار الإهمال لهذا القطاع المنتج الذي أصبح لا يساهم بأكثر من نسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي. فقد أعيدت ضريبة الدخل على القطاع الزراعي بدلاً من الإعفاء، وذلك بفرض ضريبة على من يزيد ربحه على 150 ألف دينار.
رئيس اللجنة المالية في مجلس الأعيان لم يستطع إخفاء حقيقة الهدف من وراء هذه التعديلات المقترحة، واصفاً إياها بأنها جاءت تلافياً لإحراج الحكومة مع المؤسسات الدولية، ونحن نعرف أن هذه المؤسسات ومنها صندوق النقد الدولي هي التي أوعزت للحكومة الأردنية فرض مثل هذه التعديلات، ومعلوم أن المؤسسات الدولية تسعى إلى معالجة العجز المالي الذي ما زال ينمو رغم كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة على كافة الصعد.
وما تجنيه الحكومة من إيرادات نتيجة فرض التعديلات المقترحة، يحقق زيادة في الإيرادات بنحو 150 – 200 مليون دينار، بحيث تصل الإيرادات المتأتية عن التعديلات إلى 880 مليون دينار عام 2015، مقارنة بـــ 766 مليون دينار عام 2014.
لكن هذه الإيرادات رغم مساهمتها الضعيفة في سد العجز في الموازنة الذي يصل إلى أكثر من 1,5 مليار دينار، إلا أنها ستعمل على إضافة 10% من الشرائح الاجتماعية الخاضعة للضريبة إلى الشرائح الفقيرة وذوي الدخل المتدني، مما يزيد من رقعة الفقر.
ووفق جمعية المصدرين التي رفضت التعديلات إلى جانب عدد من الوزراء رفضوا بدورهم إقرار مثل هذه التعديلات على المادة 12 من القانون، فإن التعديلات تتهم المكلف الذي لم يورد المبالغ المستحقة عليه بجرم سوء الائتمان، وبالتالي إخضاعه لقانون العقوبات، مما يجعل صاحب الشركة حتى وإن لم يكن يقصد التأخر في إيراد المبالغ المستحقة عليه لأية أسباب كانت، عرضةً للحبس، وكذلك المستثمر الذي لا يمكن أن يغامر في أمواله إلى جانب تعرضه للحبس، الأمر الذي يحول المناخ الاستثماري إلى بيئة طاردة للاستثمار.
وإذا أضفنا إلى البيئة الاستثمارية التعقيدات الإدارية المعروفة والفساد، وهما عاملان طاردان للمستثمر، إذا أضفنا إليهما كثرة التعديلات حيث خضع قانون ضريبة الدخل المقر من عام 1951، فكأننا نقول للمستثمر المحلي أو الأجنبي إذهب إلى جهة أو بلد استثماري آخر. وهذا لا يمكن أن يساهم في تحقيق النمو الاقتصادي المنشود.
إن الزعم بأن التعديلات المقترحة تأتي بهدف مواكبة المستجدات الاقتصادية والاجتماعية، غير مقنع، فالقوانين الخاصة بالضرائب وخاصة ضريبتي الدخل والمبيعات تبقى ثابتة لسنوات طويلة في البلدان صاحبة القرارات السيادية غير الخاضعة لسياسات الصناديق المالية التي لا تنظر إلى أوضاع الشعوب بقدر ما تنظر إلى أهدافها الاقتصادية والسياسية.
فضريبة المبيعات المدمجة بضريبة الدخل والتي تم فرضها منذ عام 1926 على شكل ضريبة المكوس خضعت أيضاً إلى تعديلات عديدة وكانت كلها تعديلات ليست في صالح الشرائح الفقيرة التي اكتوت بنار الغلاء للسلع والخدمات على مدى أربعة عشر عاماً أي منذ عام 1/1/2001، حتى أن الشعب الأردني هو الأكثر خضوعاً للضرائب من بين معظم شعوب العالم.