رسائل النظام المصري في الدراما الرمضانية: شعب فاسد وتبرئة لرجال الأعمال والأمن
كعادته، يحاول النظام في مصر تسويق رسائله إلى الجمهور عبر الدراما الرمضانية التي أدمنها المواطن المصري بشكل خاص، والعربي بشكل عام. هذه الدراما التي أصبحت أحد أهم طقوس شهر رمضان حالها حال القطايف والفوانيس وصلاة التراويح.
النظام المصري بحلّته الجديدة القديمة يتبع سياسة سلَفَيه، السادات ومبارك، اللذين استغلا الفن المصري أفضل استغلال لتسويق سياستهما. ومن منا ينسى فيلم “ثرثرة فوق النيل” الذي أعلن انتهاء عهد عبد الناصر وبداية عهد ما بعد الضباط الأحرار، لتتوالى الأفلام والمسلسلات التي عملت على شيطنة عصر عبد الناصر والاستخفاف بإنجازاته مقابل تضخيم أخطائه، مثل فيلم “إحنا بتوع الأوتوبيس”، وفيلم “اثنين على الطريق”، وفيلم “حافية على جسر الذهب”، وغيرهم.
في أواخر عهد مبارك، وفي ظل تغوّل الأجهزة الأمنية على المواطنين وتعاملها بوحشية معهم، جاءت دراما رمضان لتحاول محو هذه الصورة عبر مسلسلات تظهر ضباط الأمن بمظهر المثاليين في أخلاقهم وتعاملهم كما حدث في مسلسل “يتربى في عزو” ليحيى الفخراني، حيث ابن يحيى الفخراني ضابط الأمن المثالي مقابل الابن الآخر القاطن في أحد الأحياء الشعبية المدمن والذي تحول إلى متطرف “إرهابي”.
في هذا العام حاول النظام المصري استخدام دراما رمضان لتسويق فكرة أن المشكلة في الشعب وليس النظام وسياسته، وهي الأسطوانة المشروخة التي تتغنى بها منذ فترة برامج التوك شو المصرية. إضافة إلى تلميع صورة رجال الأعمال كما هو الحال في مسلسل عادل إمام “مأمون وشركاه”، حيث يجسّد عادل إمام شخصية المواطن العادي الذي يتهرب من واجباته تجاه الدولة بعدم دفع الكهرباء والضرائب، في مقابل رجل الأعمال مصطفى فهمي الذي يقوم بدفع كافة التزاماته تجاه مصلحة الضرائب، ويقوم بتقديم التبرعات للفقراء بالملايين، بل إنه يقوم بتركيب جهاز تكييف لحارس قصره.
والأمر نفسه ينطبق على مسلسل “فوق مستوى الشبهات”، الذي يحاول أن يظهر انتهازية الشخصيات العامة ومحاولتها تلميع نفسها بشعارات زائفة، حيث تجسّد يسرا دور دكتورة علم الاجتماع السيدة المثقفة والمرشحة لعضوية مجلس الشعب، والتي تمارس أقذر الأساليب من الخداع والتضليل للمواطنين للوصول إلى أهدافها السياسية.
وفي مسلسل “هي ودافنتشي” والذي تقوم ببطولته الفنانة ليلى علوي يظهر لنا رجال الأمن بمظهر الأبرياء والمظلومين الذين يقعون ضحية تذاكي وتحايل المحامية كرمة.
استخدام ممثلين كبار بحجم عادل إمام وليلى علوي ويسرا وغيرهم لترويج أفكار وأهداف الناظم المصري ليس بالأمر الجديد، ولكن الحذر كل الحذر أن توصلنا الأنظمة العربية القمعية والدكتاتورية إلى قناعة تامة بأن المشكلة تكمن فينا كشعوب وليس في هذه الأنظمة.