مقالات

رام الله وأريحا أولاً صفقة أمنيّة / بقلم: محمد محفوظ جابر

بعد أن أغفل العالم القضية الفلسطينية بما فيهم الوطن العربي المتشاغل بالاشتباكات المستمرة لإتمام عملية “الفوضى الهدامة” في المنطقة، أجبرت الانتفاضة الفلسطينية الكيان الصهيوني على إدراج الوضع الفلسطيني على جدول أعماله طوال الستة أشهر الماضية.
وظهرت الدعوة الفرنسية بعد لقاء المعارضة الإسرائيلية في باريس لقيادات فرنسية، بينما ظهرت وعودة أمريكية لدولة فلسطينية من جديد. وطرح الكيان الصهيوني حلاً اقتصادياً.


وفي شباط تم طرح حلاً أمنياً تحت شعار “رام الله وأريحا أولاً ” كشفت جريدة هآرتس النقاب عنه في منتصف آذار أن مفاوضات سرية تجري بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني تتعلق بإعادة السيطرة التدريجية للأمن الفلسطيني على مدن الضفة الغربية بحيث يتوقف الجيش الإسرائيلي عن القيام بعمليات ميدانية في مناطق “أA” باستثناء حالات الإنذار حول ما يعرف حسب الأمن الإسرائيلي “القنبلة الموقوتة” أي ورود معلومات تدل على قرب وقوع عملية فدائية.
وحسب “المدرسة الصهيونية” إذا نجحت السلطة في تثبيت الوضع الأمني في رام الله وأريحا فإن نجاحها سيكافئ بإعطائها مدن أخرى في الضفة وبالتدريج وكل نجاح يتحقق تأخذ السلطة مدينة جديدة مكافأة لها لتفرض سيادتها الأمنية عليها.
نعم المطلوب هو “حل أمني” وليس سياسي والمطلوب عملياً هو أن يتطور التنسيق الأمني بين الطرفين بحيث تقوم قوات الأمن الفلسطينية بمهمة الجيش الإسرائيلي وتقتل أبناء الشعب الفلسطيني وتزج بهم في السجون الفلسطينية بدلاً من الزج بهم في السجون الصهيونية.
هذا ما تفتقت عنه الذهنية الصهيونية العنصرية للتخلص من حملة التحريض العالمية ضد جيشها الذي يقوم بعمليات القتل بدم بارد إن دلت على شيء إنما تدل على التربية العنصرية اللاأخلاقية والمرفوضة دولياً.
إن استمرار الجلوس وإجراء المفاوضات حتى الآن حول هذا الموضوع، هو قبول من حيث المبدأ من السلطة الفلسطينية بأن تقوم بدور القاتل المأجور، وإن خروج جيش الاحتلال يجب أن لا يخضع لشروط مطلقاً فالمنطقة “أA” هي من نتائج “أوسلو” ولكن شارون أعاد احتلالها عام (2002) على أثر الانتفاضة الثانية، أي أن شارون سحب صلاحيات السلطة الفلسطينية في المنطقة المذكورة عندما أعاد احتلالها، وأصبحت سلطة شكلية لا قيمة لها، وأصبحت فعلياً قابلة للانهيار، لكن الحكومة الإسرائيلية التي اكتشفت احتمالات الانهيار، رأت أن تستغل ذلك بفرض شروط جديدة لإحياء سلطة عباس بإعطائه سلطة عملية تنفيذية تخدم مصالح الكيان الصهيوني دون خسائر من الطرف الصهيوني سوى فتات الإشارة من المال يدعم بقاء عباس.
وتجدر الإشارة هنا إلى قول رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي غادي آيزينكوف لوفد من البرلمان الأمريكي أن هناك أهمية كبيرة للحفاظ على التنسيق الأمني مع الفلسطينيين.
نحن نعمل معهم كي نمنع عمليات الإرهاب وهم يقومون بعمل جيد، ونحن راضون عن التنسيق معهم. يذكر أن (60%) من العمليات التي أحبطت قام بها الاحتلال، بينما أحبطت السلطة (40%) وهذا يعطي العدو الثقة بدورهم في منع العمليات الفدائية ضد الاحتلال.
ولا شك أن وقف صرف الحقوق المالية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من الصندوق القومي لمنظمة التحرير بقرار من الرئيس محمود عباس هو جزء من الصفقة التي تجري في الخفاء بين مندوبي عباس وبين مندوبي ناتنياهو، لأن الجبهة الشعبية هو التنظيم الفعّال الذي يرفض التنسيق الأمني ويأخذ حصة مالية من الصندوق القومي، ولا شك أن هناك إجراءات ضد الجهاد الإسلامي الناشطة في الانتفاضة كمزيد من الاعتقالات في صفوفها من قبل السلطة كونها من الجهات التي لا تحصل على المال من الصندوق القومي. وأما حماس فالحرب الأمنية دائرة بينها وبين السلطة وحوار الطرشان مستمر.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى