مقالات

ذياب: قوى الشد العكسي ترى في الأحزاب خطراً عليها وعلى مصالحها

تالياً كلمة الدكتور سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني التي ألقاهافي ندوة “العمل الحزبي في الأردن: التحديات والمعيقات” والتي نظمتها دائرة الإعلام في الحزب بتاريخ 31 تشرين أول 2017:

 تعيش الاحزاب هذه الأيام حالة من التهميش والإقصاء والعجز عن الفعل والمشاركة في الحياة السياسية، الأمر الذي حدى ببعض الأحزاب للتلويح بحل نفسها والانكفاء عن المشاركة في العمل الحزبي.

هذه الحالة بقدر ما أثارت الأسئلة حول طبيعة هذا التوجه فإنها ساهمت في تحفيز الذهن لتفكير في الواقع الحزبي، أزمته وأسباب هذه الأزمة وسبل تجاوز هذه الأزمة بما يمكننا من قرأة آفاق العمل الحزبي.

أيها الرفاق،،،

منذ عام (1989) وبدأ مرحلة الإنفراج الديمقراطي بعد أحداث هبة نيسان المجيدة وما قادت إليه من تحجيم للقبضة الأمنية ولو بشكل محدود عن الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، وكذلك إنفتاح الآفاق أمام الأحزاب للعمل بعيداً عن المرحلة السرية وما تبع ذلك من إقرار لقانون الأحزاب، بذلك تكون الحياة الحزبية قد دخلت مرحلة جديدة اتسمت بحرية العمل وحرية تشكيل الأحزاب وفق لما أقره الدستور والقانون، إلا أن مسار الأحزاب لم يكن بشكل بياني متصاعد بل كان متعرجاً وسرعان ما راحت الأحزاب تراوح مكانها وتواجه أزماتها.

أسباب الأزمة:

* منظومة القوانين:

في مجملها لم تكن تلك القوانين صديقة للعمل الحزبي، بل كانت معيقة له.

_ قانون الإنتخاب:

بعد انتخابات عام (1989) والصورة الإيجابية التي جسدها البرلمان الحادي عشر، أدرك الحكم أن تعديلات القانون باتت ضرورة لإحتواء العمل الحزبي لأنه بدون ذلك التعديل لن يكون قادراً على تمرير سياسة ما عرف (ببرنامج التكيف الإقتصادي) وفق طلبات صندوق النقد، ولن يكون قادراً على تمرير إتفاقية وادي عربة، الأمر الذي دفعه لإقرار قانون ما عرف (بقانون الصوت الواحد).

_ قانون الإجتماعات العامة وقانون المطبوعات والنشر وقانون الأحزاب:

شكلت الأرضية لما عرف لاحقاً (الديمقراطية المقيدة) حسب الدكتور علي محافظة.

* البيئة المحيطة بالأحزاب:

البيئة المحيطة بالعمل الحزبي بيئة معادية ومرد ذلك إلى ثقافة تشكلت في الماضي ولا تزال وإن كان بشكل مختلف بيئة معادية لأي عمل منظم، لأن قوى الشد العكسي ترى في هذه الأطر خطراً عليها وعلى مصالحها، لقد تجلى التضيق وانعكست الروح العدائية للعمل الحزبي من خلال استمرار السياسة الأمنية باستدعاء الحزبين بسبب انتمائاتهم الحزبية بالرغم من وجود نص قانوني يمنع هذه المحاسبة.

في حقيقة الأمر أنه عند حدوث الإنفراج الديمقراطي لم يترافق هذا الإنفراج بتغيير في سبل واسلوب التعامل مع مؤسسات المجتمع، ولم يتم التسليم الواقعي لوجود الأحزاب ولجوهر العملية الديمقراطية (التعددية والتبادل السلمي للسلطة)، ولم يتم التفهم والقبول بمبدأ المواطنة بل لا تزال سياسة شيطنت الأحزاب قائمة ومستمرة.

على المستوى الذاتي:

من الأسباب الذاتية التي ساهمت في تكريس أزمة العمل الحزبي:

* غياب التقاليد الحزبية وتحديداً على مستوى الأحزاب التي نشأت بعد إقرار قانون الأحزاب.

* غياب الرؤية الواضحة لبعض الأحزاب لمفهوم الحزب ودور الحزب على المستوى الوطني.

* موقف الأحزاب من السلطة، بالرغم من عدم وجود هذه الأحزاب في السلطة وعدم توافقها مع السياسات الحكومية فإن هذه الأحزاب تحجم عن إعتبار نفسها أحزاب معارضة، الأمر الذي يدلل على عدم وضوح الدور وحدوث إلتباس في المفاهيم ودلالتها.

* استمرار فلسفة التبرير لدى الأحزاب من خلال ربط ضعفها الحزبي بثقافة العداء والخوف من الإنخراط في العمل الحزبي.

* قصور في الوعي والجانب النظري الأمر الذي أضعف المشاركة الحزبية في قرأة الواقع السياسي والإقتصادي والإجتماعي، هذه الأزمة تعتبر جزءاً من أزمة النخب السياسية بشقيها داخل السلطة وخارجها، فالتاريخ علمنا أن التغيير كان يرتبط دوماً بدور ريادي للنخب والإعداد الفكري والسياسي الذي يمهد للتغيير الأشمل للحراك الشعبي، فالنخب بمقدار ما تتسم بحالة من القلق والتطلع للمستقبل فإنها تلعب دور خميرة التقدم والنهوض، ولكن هذه النخب عندما يصيبها العطب والفساد فإن دورها بدلاً من فتح الطريق للسير للأمام يتحول ليكون عنصراً معيقاً ومكرساً للمراوحة في المكان.

* تغلغل المؤسسات والمنظمات الأهلية (NGOS) في المجتمع وقدرتها على إستقطاب الطاقات البشرية تحت ذرائع شتى، بما فيها إغراء المال الأمر الذي يؤدي إلى التحكم بتوجهات أولائك الشباب السياسية وإبعادهم عن الحياة الحزبية.

* تسلل الخطاب الليبرالي لدى أحزاب اليسار تحديداً بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وشيوع مقولة (نهاية التاريخ ونهاية الأيديولوجيا) بما وفر بيئة خصبة للعداء للأحزاب الأيديولوجيا بشكل خاص وللأحزاب عموماً.

أيها الرفاق،،،  

إن تجاوزنا لهذا الواقع لا بد أن ينطلق من إيماننا الكامل بدور الأحزاب في تنظيم وتأهيل الجماهير للمشاركة في التغيير وصناعة القرار وهذا لا يتحقق إلا بتعزيز الروح الكفاحية وذلك من خلال التمسك بحق الناس، بالحرية وحقهم بالمشاركة وحقهم بالعيش ضمن مجتمع ديمقراطي وحر.

* وبدون شك فإن الإرتقاء بالوعي بشكل المدخل لذلك، فالوعي هو الذي يمكننا من توحيد صفوفنا ضمن إطار منظم، ويمكننا من التصدي للقوى الفاسدة التي تخشى على مصالحها الأنانية وتحكمها في شؤون البلاد والعباد.

* تعزيز الديمقراطية داخل الأحزاب شرط لا بد منه ليتطور العمل الحزبي ويأخذ مكانته على المستوى الوطني.

* إن تشجيع العقل النقدي يمارس دوره في كشف الظواهر الفاسدة وبؤر العفن هو الذي يشكل رافعة للعمل الحزبي، ونحن حينما نتحدث عن العقل النقدي فإننا لا نقصد المناكفة والإنشداد لصغائر الأمور بقدر ما نريد الإنشداد نحو تطوير الوعي من خلال التركيز على ما هو جوهري ورئيسي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى