ذياب في نادي أسرة القلم: طوفان الأقصى أحدث حالة من الوعي المعرفي والإنساني على المستوى الفلسطيني والعربي
أقام نادي أسرة القلم ندوة بعنوان “من النكبة إلى الطوفان” قدم فيها الرفيق الأمين العام الدكتور سعيد ذياب ورقة فكرية أورد فيها بداية فكرة الاستعمار الاستيطاني لليهود في فلسطين واختيار أرض فلسطين. وأشار الى أن القوى الاجتماعية التي تتحكم في امريكا تستند الى رؤية غربية دينية استعمارية تُلقي بظلالها على المسألة الفلسطينية، ومع بدايات القرن الماضي تكاملت كل العناصر من هزيمة الدولة العثمانية، وسقوط معظم الوطن العربي في فكيّ الاستعماريين الفرنسي والبريطاني، وتقسيم الوطن العربي وفق سايكس بيكو ووعد بلفور.
كل هذه العناصر ووضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني على قاعدة أن الدولة المنتدبة تقوم بتهيئة الشروط والظروف الموضوعية من أجل تطبيق وعد بلفور، ليس لتهيئة الشعب الفلسطيني لاحتلاله، بل كانت مهمة الدولة المنتدبة لتهيئة الظروف الملائمة لإقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين.
وقال الدكتور ذياب أن هذه المسيرة التي سارت فيها الى أن وصلنا الى النكبة، استندت فيها “اسرائيل” على نقطتين: العنف والإلغاء…
العنف، القتل، والجريمة في الفكر الصهيوني مُبرر لأنهم ينطلقون من أنهم شعب الله المختار والأخرين دون البشر، وهذا ما قاله وزير الدفاع للكيان بأن الفلسطينيين حيوانات ووحوش، هي ليست مجرد شتيمة، هو يقدم هذا على أنه تقييم على قاعدة الذبح المبرر.
أما الإلغاء، فكان إلغاء الوجود لتبرير وجودهم وفق قاعدة أرض بلا شعب، وتسويق كل الجرائم التي ممكن أن يمارسها ويقدم عليها. الى أن وصلنا الى النكبة وما بعدها حيث أن الشعب الفلسطيني عاش فترة من الزمن في غيبوبة سياسية بدون ترجمات سياسية قوية الى منتصف الستينات حيث بدأت تتبلور الفصائل ومنظمة التحرير الفلسطيني وتعاظمت هذه الصورة مع هزيمة السابع والستين التي كانت بالنسبة للفلسطيني صدمه ولكنها خلقت حالة من ردّ الفعل بأن الاعتماد على هذه الأنظمة خاسر، ويجب أن يؤخذ الشعب الفلسطيني على عاتقة النضال فبرزت ظاهرة الكفاح المسلح التي امتدت وشكلت ظاهرة قوية جدا، والتي عانت من حالة من الفصام السياسي التي لم نفهم من خلالها العدو الصهيوني والسؤال هل يمكن أن نعيش مع العدو الصهيوني؟
الرهان على امكانية العيش مع هذا العدو وضع السلام معه الذي اوصل الشعب الفلسطيني الى ما وصل اليه، لأنه اعتقدت بعض القيادات الفلسطينية أنه ممكن أن نصنع سلام ودولة ونتعايش معه!
في الآونة الأخيرة كانت الحكومة الاسرائيلية في بنيويتها من أكثر الحكومات تطرفا ويمينة في خططها في القدس والاقصى، ضم الضفة والتي بدأ بتحقيق نتائجه والمضي قدما في التطبيع خاصة مع السعودية.
حتى جاء طوفان الأقصى، جاءت أحداث السابع من اكتوبر…
طوفان الأقصى ليس حدثا عاديا مطلقا.. الحروب هي التي تحدد الجغرافيا السياسية القائمة ونحن أمام حرب ستغير سياسيا على مستوى العالم.
أولا… الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية استطاعت أن تحدد اللحظة التاريخية المناسبة التي كانت في السابع من اكتوبر انطلاقها.
ثانيا …. التي أعادت الثقة لأنفسنا قبل أي شيء آخر فلسطينيين وعرب .. أن هذا العدو كان بعبع مبالغ فيه، تم تصويره وإحداث حالة من الخوف حوله بأنه الجيش الذي لا يهزم ولا يقهر، وهذا ما ذاب أمام الساعات الأولى من السابع من اكتوبر.
ثالثا … اثبت السابع من اكتوبر أن المقاتل الفلسطيني يمتاز بحرفيه قتالية كما يجب أن يكون القتال. حيث أن الأداء العسكري لهذه الضربة سيبقى يدرس في المعاهد العسكرية من حيث طبيعة المفاجئة وانعكاسها.
رابعا … طوفان الأقصى لن تبقى محصورة جغرافيا في غزة أو الوطن العربي، أو بدون تأثير بل امتدت لتشمل العالم.. مع أن تأثيرها كان محدودا على الشعوب العربية التي لم تأخذ دورها كما يجب منذ النكبة في وجه الكيان الصهيوني ولم تساعد فلسطين على أنها جزء من هذه الأمة، فلن ترتقي المشاركة العربية والاسلامية الى حجم الحدث لإحباط المخططات الصهيونية التي لم تكن قدرًا يجب أن نسلم فيه.
كان ممكن أن يكون التحرك الشعبي العربي أوسع من على قاعدة التصدي للتطبيع في الدول العربية، بدلًا من أن تتحول هذه الأنظمة إلى أداة تعويض لهذا الكيان لكل ما ينقصه من نفط وغذاء وبالتالي عملت هذه الأنظمة على إجهاض الحصار البحري الذي نجحت فيه اليمن.
خامسا … لا شك أن النجاح الاعلامي العالمي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وكل التكنولوجيا الحديثة باتجاه خدمة القضية الفلسطينية .
سادسا… كمان أن الحراك الطلابي في أمريكا والعالم لا يجب أن نستهين فيه، سيكون له تداعياته وانعكاساته المستقبلية حيث أن غالبية النخب السياسية تخرج من رحم هذه الجامعات والتي بدت ترفض اليوم سياسات حكوماتها في دعم الكيان الصهيوني.
سابعا …. كما أن طوفان الأقصى أحدث حالة من الوعي المعرفي والإنساني على المستوى الفلسطيني والعربي، حيث أن الوعي هو المحرك من أجل التمرد على الواقع.
وختم الرفيق الدكتور سعيد ذياب محاضرته بأن هذه المعركة يتعامل معها الكيان الصهيوني بعكس ما ينظر إليها العرب، حيث أن نتنياهو وحزبه يرى فيها معركة وجود إذا خسر فيها يعرف جيدا أنها ستكون نقطة انطلاق لهزيمة الكيان الصهيوني، ومن هنا بدى التوافق الامريكي الصهيوني في القضاء على المقاومة بخلاف التكتيك ووجهات النظر في بعض القضايا هناك وهناك.