د.سعيد في مقابلة صحفية مع جريدة مصر العربية : حكومة النسور فشلت في مواجهة التحديات ..الدولة العميقة تحكم مصر .. وغرور الإخوان أفشلهم
اعتبر القيادي وأمين عام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني الدكتور سعيد ذياب أن سياسات الحكومة الأردنية الحالية لا تستطيع مواجهة التحديات الخطيرة التي تحيط بالمملكة ، منوهاً إلى أن اللجوء إلى الحل الأمني فقط دون إحداث إصلاحات سياسية حقيقة لن يؤدي لحل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية .
وعن الوضع المصري قال ذياب في حوار خاص لـ”مصر العربية” أن تدخل الجيش في مصر بعد 30 يونيو كان ضروريا لحماية السلم الأهلي من حرب أهلية كانت تلوح بالأفق بسبب انقسام الشعب المصري إلى قسمين نتيجة السياسات الإخوانية الخاطئة ، موضحاً أن الإخوان المسلمين في مصر انحدروا نحو العنف دون إداركهم أنهم بذلك يهددون كيان الدولة المصرية ويخلقون حالة من الفوضى.
وأضاف أنه بعد عام على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يتم تحقيق أي إنجازات ملموسة على أرض الواقع ومصر لا تزال تراوح مكانها دون اتخاذ مسار ديمقراطي خال من الفساد ، وذلك لأن مكونات الدولة العميقة لا تزال ممسكة بقوة بمفاصل الحكم في مصر.
وأكد – ذياب- أن الهوية العربية مهددة من خلال الانقسامات والصراعات التي تواجهها العديد من الدول ، مبيناً أن القوى الاستعمارية نجحت في إحداث فوضى خلاّقة لتخريب الوطن العربي من خلال إذكاء النعرات الطائفية والمذهبية.
وانتقد مشاركة الأردن فيما أسماه عدواناً على اليمن ، مشيراً إلى أن تلك المشاركة من شأنها إحداث شرخ لدى اليمنيين وتعزيز الخلاف العربي العربي.
وفيما يلي نص الحوار كاملا :
كيف ترى الواقع العربي الحالي ؟
هذه الفترة الزمنية من أصعب الفترات التي عاشتها الأمة العربية،ولو استعرضنا التاريخ القديم لن نجد فترة زمنية اتسمت بما يجري الآن في الوطن العربي الذي يواجه تهديد حقيقي لهويته العربية ، ووحدة دولته الوطنية ، كما أن هناك احتراب داخلي يقود إلى تدمير المجتمعات العربي من خلال إذكاء روح الفتن الطائفية والمذهبية من أجل خلق ظروف مواتية للمخططات الاستعمارية التي تسعى لرسم خارطة سياسية جديدة للوطن العربي ، إضافة لما يواجهه الوطن العربي من أزمات اقتصادية وبطالة و فقر وفساد الأنظمة والأمية والفجوة الكبيرة بين ما وصلت إليه معارف العرب وما وصل إليه العالم .
هل هذا التوصيف يقودنا إلى الشرق الأوسط الجديد؟
الشرق الأوسط الجديد كمشروع استعماري طرحته – كوندوليزا رايس – وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس جورج بوش الابن يهدف لتقسيم الوطن العربي ، وهذا لن يتحقق دون خلق الفوضى الخلاقة تم إيجادها من خلال الصراعات والانقسامات داخل الدول العربية ، حيث تم استنزاف الدول بالقتال الداخلي للوصول إلى لحظة مطواعة لقبول المخططات الاستعماري ،و الحالة التي نعيشها يمكن أن تقودنا إلى ما يسمى الشرق الأوسط الجديد ، فالعراق تم تقسيمه ولكن لم يتم تشريع التقسيم ، والسودان انقسم إلى دولتين ، وكذلك اليمن وليبيا و سوريا .
مارأيك في مشاركة الأردن بالتحالف العربي ضد اليمن ؟
نحن كحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي كنا ضد العدوان على اليمن ، وطالبنا الحكومة بالانسحاب من التحالف ، لأننا لا نريد التدخل بالشأن اليمني الداخلي ، فمن المؤكد وجود صراع باليمن ولكن كل القوى المتصارعة من مكونات الشعب اليمني ، وهذا التدخل من شأنه أن يشرع تدخل دول عربية في دول أخرى تحت ذريعة الدفاع عن الشريعة ،كما أن العدوان على اليمن من شأنه إحداث جرح عميق في مشاعر اليمنيين اتجاه الأردن وكل الدول المشاركة بالتحالف.
ما رؤيتكم للخروج من الأزمة في سوريا ؟
الأزمة في سوريا لها شقين الشق الأول العدوان الدولي الذي تتعرض له سوريا ،هذا العدوان له عدة أشكال من خلال فتح الحدود الدول المجاورة لسوريا للعناصر الإرهابية كي تتسرب للأراضي السورية ، حث أن هناك أكثر من 90 دولة متورطة في عملية تسهيل دخول الإرهابيين لسوريا ، وما يجري على الحدود مع تركيا والدور التخريبي لتركيا أكبر دليل ، إضافة إلى دور الأردن ومجموعة 14 آذار في سوريا ودور الكيان الصهيوني ،إلا أن ذلك لا يلغي مطالب السوريين المشروعة ، فهم يريدون العيش بسلام والديمقراطية وتحقيق هذه المطالب يأتي من خلال النضال السلمي والديمقراطي وليس بحمل السلاح ، ولكن القوى الخارجية نجحت بحرف المطالب السلمية للسوريين وعملت على تسليح وتوظيف المجموعات الإرهابية ، بهدف تفتيت الدولة السورية وتحطيم النسيج الاجتماعي وإعادة سوريا عشرات السنين إلى الوراء .
ولو نظرنا إلى البديل المطروح في سوريا نجد أنه مجموعة قوى متطرفة إرهابية معادية للديمقراطية وهذا دليل على أن ما يحدث في سوريا مجرد مؤامرة معادية لكيان الدولة السورية ، والحل برأيي يبدأ من خلال رفع يد القوى الدولية والعربية عن الصراع في سوريا واللجوء إلى حل سلمي من شأنه أن يحقق متطالب مكونات الشعب السوري دون استثناء لأي طرف.
من وجهة نظركم من الذي صنع داعش؟
ليست بالضرورة أن تكون صنيعة طرف ، فهناك ظروف خلقت داعش حيث يتحمل الاحتلال الأمريكي للعراق بالدرجة الأولى المسؤولية من خلال تقسيمه للمجتمع العراقي على أساس طائفي ، وممارسة سياسية القمع والذبح للعناصر الرافضة للاحتلال عبر من خلال محاولات اجتثاث البعث ، الأمر الذي دفع ضباط عراقيين لجؤوا إلى التطرف لمواجهة الظلم هذا من جهة ، ومن ناحية أخرى يرتبط التطرف كظاهرة باستبداد الأنظمة والواقع الاقتصادي من فقر وبطالة ، إضافة إلى الاستخدام الخاطئ للخطاب الديني عبر عشرات السنين ، ودعم حركة الجهاد في أفغانستان من قبل السعودية ودول الخليج لمواجهة التيار القومي واليساري في الوطن العربي.
سياسة الحكومة الأردنية الحالية هل يمكنها مواجهة التحديات ؟
الأردن يواجه تحديات أمنية واقتصادية هائلة ، وقد تكون هذه الفترة من أصعب اللحظات على الأردن بسبب الفقر والبطالة والمديونية والعجز بالموازنة ، وللأسف الحكومة غير قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية وكل ما قامت به من إجراءات تسبب في تعميق الأزمة .
نحن في الأردن نعيش حالة تحدٍ أمني خاصة وأن معظم الدول المجاورة مشتعلة وتواجه مشاكل ، إلا أن شكل التعامل مع الموضوع من قبل الحكومة لا يزال من زاوية أمنية وليس من خلال رؤية سياسية تعيد ترتيب الأولويات وتعزيز الوحدة الوطنية والشروع بعملية إصلاح سياسي وخلق ديمقراطية وفتح فرصة لمشاركة شعبية بصياغة القرار هذه الإجراءات يمكن أن تحاصر الإرهاب والتطرف .
هل أزمة إخوان الأردن مفتعلة ؟
منذ فترة كان هناك حالة تصادم بين الحكومة والإخوان ، والموقف على المستوى الإقليمي لعب دوراً أكبر في تأزيم حالة الاحتكاك بين الدولة والإخوان ، وبرأيي الحكومة تسير في سياسية تحجيم كامل للإخوان واحتوائهم من خلال سحب الشرعية عنهم وخلق اتجاه شرعي تحت إبط الحكومة ، – هذا التيار يتمثل في جماعة عبد المجيد ذنيبات الذين تم احتواءهم من قبل الحكومة.
والواضح أن التعامل الحكومي يسير باتجاه محاربة الإخوان ، وهذا له علاقة بموقف الإخوان وخاصة بعد استلامهم للسلطة في مصر ، حيث شعر الإخوان بشكل عام بالنشوة و الغرور ، وقاموا بالاستهتار بقرارات وتوجهات الحكومة الأمر الذي ولد حالة توجس لدى الدولة وصناع القرار بالأردن من السياسيات الإخوانية .
وأخيراً إخوان الأردن لن يجدوا أمامهم سوى اللجوء العمل السري فإما البقاء ساكنين بدون حراك ما سيؤدي لتآكلهم أو تسرب عدد منهم للجماعة الجديدة ، أو قد يأخذوا خطوات باتجاه العمل تحت الأرض وهذا قد يدفعهم نحو العنف ، ولاكني لا أستطيع أن أجزم اتجاههم للعنف ، ولكن بعد انقسامهم وإلغاء الشرعية عنهم قد يدفعهم ذلك للعمل تحت الأرض ، وهذا يمكن أن يولد عنف إلا أن جزء كبير من القيادات التاريخية الإخوانية عقلانية لذلك لا أرجح ميلهم إلى العنف.
كيف يمكن الوصول لحكومة ديمقراطية بالأردن ؟
مسار الديمقراطية طويل و يتطلب تعديلات قانونية ودستورية تتمثل بتعزيز المشاركة الشعبية واحترام التعددية السياسية والفكرية والتعامل مع الأحزاب كجزء أصيل من المجتمع ، كما أن التعديلات يجب أن تنطلق من مبدأ أن الشعب مصدر السلطات ، وهذا يتطلب قانون انتخاب يعتمد مبدأ التمثيل النسبي وقانون يتيح حرية تشكيل الأحزاب ، وإعادة النظر بوضع مجلس الأعيان الذي يجب أن يكون منتخباً أو ذو طابع استشاري ، إلا أن تلك التعديلات ليس من اليسير انجازها ، لأن القوى المتحكمة بالقرار السياسي قوية ، ولا تزال ترى بالإصلاحات الديمقراطية مساس بمصالحها ، وهذا يحتاج نضال جدي وتحرك جماهيري للضغط على أصحاب الحكم ، من خلال الاعتصامات والمظاهرات والندوات وخلق الوعي .
هل تسمي ما حصل بمصر انقلاب ؟
بالكامل ليست شروط انقلاب ،فعندما بدأت ثورة 30 يونيو كان تحليلنا في حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي أنه على ضوء خروج الملايين للمطالبة باستقالة الرئيس السابق محمد مرسي فإن هناك انقسام في الشارع المصري ، وعملية الاحتراب باتت ممكنة وقائمة ، و تدخل الجيش كان ضرورياً للحفاظ على السلم الأهلي من ناحية وإنهاء عوامل الصراع من ناحية ثانية ، إلا أننا لم نفهم تدخل الجيش بالتوصيف الكامل على أنه انقلاب ، بل لوضع مصر على سكة استكمال ثورة يناير وملاحقة مكونات النظام السابق وليس استبدال الأشخاص وبناء دولة مؤسسات ومشاركة الشعب وشق طريق اقتصادي جديد يتحرر من التبعية للمركز الرأسمالي ويحارب الفساد ويعيد لمصر مكانتها الإقليمية والدولية .
بعد عام على استلام الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم ماذا تحقق ؟
لا تزال مصر وكأنها تراوح مكانها ولا يوجد دلائل على أن مصر تشق طريقاً جديداً مغايراً لما كان سابقا بل على العكس هناك حالة من الرتابة والاستمرار لشكل الحكم السابق وكأن التغيير بالأشخاص فقط ، ولا تزال مكونات الدولة العميقة تمسك بقوة بمفاصل الدولة المصرية .
وماذا عن وضع الإخوان بمصر ؟
ارتكبوا خطأ عندما انجرفوا للعنف أو دعم التيارات التي تمارس العنف ، لأن في ذلك إلحاق ضرر بالدولة والكيان المصري من شأنه أن يهدد وحدة الدولة المصرية ، وعلى الإخوان مراجعة تجربتهم من خلال فترة الثورة ثم عندما استلموا السلطة ، وتحديد مكمن الخطأ المتمثل بسياسة الإبعاد والإقصاء للقوى الأخرى ، حيث أثارت تلك الممارسات حالة من الفزع عند المصريين تتمثل في أن بلادهم تتجه إلى الأخونة ، بمعنى فرض كل أسلوب الإخوان على الدولة المصرية ، ومن هنا انطلقت حركة 30 يونيو لتصويب الوضع .
رأيك بانقلاب قيادات شبابية في جماعة الإخوان بمصر ؟
من المؤكد أن تفاعلات الأزمة ستترك آثارها على بنية الجماعة ، ومخطئ من يعتقد أن جسم الجماعة سيبقى متماسك ، فالجماعة اتخذت عدة قرارات خاطئة من خلال العداء للدولة المصرية ،و هذا سيترك سؤالاً مهماً: إلى أين تذهب جماعة الإخوان ، ولا استغرب انقلاب جماعات شبابية .
هل تتوقع مصالحة فلسطينية قريباً؟
لا أعتقد أنها قريبة رغم حاجتنا إليها ، والوضع الفلسطيني الحالي بغاية التعقيد منذ التورط في مستنقع أوسلو ، حيث استندت اتفاقية أوسلو على رهانات واهية تتمثل بأن الولايات المتحدة يمكن أن تكون وسيطاً نزيهاً و الكيان الصهيوني يمكن أن يقبل بالسلام وهذا الرهان أدى لإحداث شرخ عميق بالجسم الفلسطيني، إضافة إلى أن طرفي الانقسام – حماس وفتح – دخلا ضمن لعبة المحاور العربية الأمر الذي عقد مسألة المصالحة الفلسطينية .
وختم بالقول :” نحن بحاجة لتحرك شعبي فلسطيني يفرض على كل الأطراف الاحتكام للحوار الديمقراطي والعودة للبرامج التي تم الاتفاق عليها عام 2005 ومنها إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطيني والالتزام ببرامج تهتم بشؤون الأسرى إضافة إلى مجموعة من النقاط يمكن أن تكون بداية انطلاق لإعادة بناء الهيكل الوطني الفلسطيني .