دور المرأة في الحركات الجهادية وتنامي هذه الظاهرة ….رانيا لصوي
لم تندمل تلك الجراح التي أوجعتنا إذ سرقت منا الأرض ولم يبقى لنا سوى مفتاح صدىء من طول الانتظار.. وأمل نتعلق به أن حقنا في العودة قادم لا محال.. هي نكبة فنكسة فنكبات لم نعد نعلم من أين نذكرها ولا بأي بقعه جغرافية .. من القادم ومن يليه في دور التقسيم هذا.. في هذا الوجع المستمر وفي خضم كل هذه المؤامرات على شعوبنا العربية هناك عامل أساسي طاله التغيير الممنهج وهو المرأة..
أعدائنا الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف ، تنبهوا لأهمية دور المرأة المؤثر في المجتمع ، ومن يقرأ التاريخ وتطور الحركة النضالية النسوية يعي تماماً أن هناك تغييرا في دور المرأة ووجودها في المجتمع. فبعد أن كانت مناضلة قادرة على تنفيذ العمليات العسكرية وممارسة الحياة السياسية ومتواجدة في دور الثقافة والنقابات والاتحادات، أصبحت اليوم أسيرة لمصطلحات جديدة تصنع لها قوالباً جاهزه من الفصل والعنصرية والتمييز السلبي لها، فهي اليوم أداة نزاع أو تباهي، تغتصب هنا، وتقتل هناك، ويمنع خروجها من منزلها في منطقة ما بحجة الحفاظ على الشرف، في الوقت الذي كانت فيه هي من تصنع أمجاداً للأمة جنبا الى جنب مع الرجل شريكها بالاضطهاد.
ذلك التشويه الممنهج الذي طال قضايا المرأة ودورها في المجتمع بدأ من تحكم النظام الرأسمالي الذي نظر الى المرأة وتعامل معها على أنها سلعه ممكن استغلالها بما يكفي لحصد المزيد من المال، فزج بها في قطاع الاعلانات والمصانع ذات الأجور الزهيده وجعل منها أداة في حالة إعلان الطوارئ لزيادة الاستثمار ليس إلا..
إلا أن أحد أهم افرازات الأنظمة الرأسمالية اليوم هو الحركات المتطرفة والجهادية التكفيرية والتي ناقشنا مراراً انعكاسها على واقع المرأة من ظلم وقتل واغتصاب، ولكن يجب أن لا نغفل أيضا أن هناك وعي جديد تشكل لدى حالات متعددة من النساء بأنهن يجاهدن ضمن هذه الحركات ويحققن مبادئ ايجابية لتغيير المجتمع الى الأفضل.
كتائب الخنساء… ام ريان.. هي تشكيلات تابعة لتنظيم داعش مكونة من نساء يعتقدن أنهن يناضلن من أجل احقاق الحق.. وغيرهن الكثير ممن اخترن التواجد مع جبهة النصرة وغيرها يرون أن في الجهاد واجب ديني عليهن تقديمه الى جانب الرجل المجاهد.
تغيُّر نمطية النظرة الى المرأة من محدودية دورها في تربية الأبناء ورعاية المنزل وتحريم عملها خارجه، الى الوعي المفاجئ الى أهمية دورها ما هو إلا تأكيد على زيف قناعات هذه الجماعات ومحاولة استغلال ما أمكن من أجل نشر فكرها وتعميق أدواتها داخل المجتمع.
ويجب علينا أن نعي خطورة هذا الدور على المجتمع من واقع أهمية دور المرأة فيه وحجم تأثيرها الكبير كأم ومعدة أجيال وعلينا أن لا نغفل سهولة تجنيد المرأة في مثل هكذا جماعات على عكس الرجال. وأهمية دور المرأة المجندة في جذب الآخرين الى ذات الهوّه والتخبط الفكري لدعم تلك الجماعات.
فكرة التكفير عن الذنوب وترك حياة المعصية والتوبة هي محرك أساسي في استقطاب عنصر النساء الى التطرف، ووضع المرأة في صورة مختلفة وغريبة عن الواقع هو محرك أخر لاستقطاب فئة مختلفة من النساء في دول الغرب. كثير من التقارير والبحوث المعنية في واقع الجمعات المتطرفة تشير الى أن أغلب المواقع الالكترونية والمنابر الاعلامية الخاصة بهم تديرها نساء، وينشرن من خلالها العديد من الدعوات لأخريات للانضمام لهن.
وفي الوقت الذي نرى فيه أن الدول التي سيطر عليها الاسلام السياسي مثل “ليبيا وتونس”مؤخرا هي الممول الرئيس البشري لدعم هذه الحركات ، إلا أنه يجب أن لا نغفل مشاركة نسوة من الغرب أيضا بين صفوف هذه الفصائل.
تعدد استغلال المرأة من هذه الأنظمة الرأسمالية و التنظيمات المتطرفة ماهو إلا تأكيد وتكريس لأهمية دور المرأة في المجتمع وقدرتها على نشر ثقافة معينه فيه، وتعميق المفاهيم الوطنية والقومية – أو عكسها – في أجياله.
خاصة في انخراطها بهذا الكم من العنف وتقبلها لفكرة القتل السهل، وهو مايبرر استقطاب الصغيرات من النسوة، سينعكس على طريقتها في إنشاء جيل جديد دموي يعتبر نواة الدولة المنتظرة للفكر التكفيري.
وإذ تطرقت اليوم الى دور المرأة في الحركات الجهادية، فما هو إلا بسبب استذكار دورها البناء منذ عقود الثلاثينات مع تنامي المد القومي العروبي والوطني، والتعبئة الشعبوية الحقيقية اتجاه المفاهيم الوطنية، ومقارنته مع دور المرأة المشوهه اليوم والمتناقض حتى بداخل هذه التنظيمات، فتغيير القناعات لديها مرتبط بالغايات.
ومن واقع الاتفاق على هذه الأهمية للمرأة وبعد هذه الاضاءة على قضية جوهرية يجب أن نلتفت مالها من دور جديد للمرأة في الجماعات الجهادية، فاننا نؤكد على دورنا التقدمي في توعية المرأة ، ونعمل على تكريس حقها في المعرفة الصحيحة ضمن المعايير القومية والوطنية التي تحدد مصلحة الشعوب في التحرر وتحقيق العدالة الاجتماعية، والابتعاد بها عن الاستغلال كأداة من أدوات تفتيت المجتمع وتغيير قيمه الايجابية، وزرع مصطلحات جديدة من عنف وقتل وطائفية بين أبنائه.