دلالات الأول من أيار
احتفل الأردن وعموم دول العالم بعيد العمال، احتفلوا به ابتهاجاً لما حققوه من مكتسبات وحقوق عبر سنين طويلة من النضال. وفي الآن ذاته، فإنهم يؤكدون تصميمهم القوي على المضي قدماً في النضال للتخلص من كل أشكال الاستغلال.
تأتي ذكرى الأول من أيار هذا العام، والطبقة العاملة الأردنية تصعد من نضالها وفي أكثر من موقع، حيث خاض عمال ميناء العقبة إضراباً من أجل المطالبة بحقوقهم، وها هم عمال الفوسفات قد نفذوا إضراباً شاملاً في مواجهة سياسة الهيكلة التي تنوي إدارة الشركة الإقدام عليها، واستطاعوا تحقيق العديد من المطالب التي حملها الإضراب.
وها هم العمال ينجحون في ترجمة الحق في التعددية النقابية من خلال تشكيل النقابات المستقلة التي اعتبرت صوتاً رافضاً لهيمنة الأجهزة على الاتحاد العام لعمال الأردن. هذا الاتحاد الذي فقد دوره في الدفاع عن حقوق العمال وتحول إلى مجرد أداة طيّعة لخدمة الأجهزة وقوى رأس المال.
وفي ذات السياق، فإن القوى الديمقراطية تخوض نضالها بحزم في مواجهة سياسة الإفقار والتبعية التي تنتهجها الحكومة، سياسة الانفتاح وتحرير الأسعار، هذه السياسة التي قادت إلى زيادة نسبة الفقر، وارتفعت نسبة البطالة، وازداد الفرز المجتمعي خاصة مع تآكل الطبقة الوسطى.
إن حدود تلك السياسة الخاطئة لم تقف عند شقها الاقتصادي، فالفساد ينتشر ويتعمق ولم نسمع حتى الآن عن محاسبة جادة لحالة فساد واحدة، بالرغم من تكشّف الكثير من الحالات وانفضاح التجاوزات في سياق ما عُرف بالخصخصة لمؤسسات الدولة، إن هذه التجاوزات طالت القيمة الفعلية لتلك المؤسسات وفي الوقت ذاته تجاوزت الأسس التشريعية والقانونية التي حكمت تلك العملية.
بل إن القوى المحافظة راحت تمعن في سياسة عرقلة عجلة الإصلاح، وراحت تكشف عن وجهها المعادي لحرية الرأي والتعبير، من خلال التمسك بقانون الانتخاب (الصوت الواحد)، وقانون المطبوعات، وانعكاس ذلك على الحريات الصحفية.
وبالرغم من تلك الردة الواضحة لقوى البيروقراط، فإن عمال الأردن وشغيلته وكل القوى الديمقراطية مصممة على الاستمرار في درب النضال، من أجل تمكين العمال من نيل كامل حقوقهم، وتوفير الضمانات الاجتماعية لهم، الصحية والتعليمية لأبنائهم، والسير الحثيث للأمام من أجل تحقيق إصلاح سياسي يوسع المشاركة الشعبية، ويثري الحياة الحزبية ويرتقي بدور المؤسسة التشريعية، إصلاح يرفع من مستوى الشفافية ويوفر البيئة القانونية لمحاربة الفساد والمفسدين.
إننا في حزب الوحدة الشعبية، ومن موقع التزامنا بفكر الطبقة العاملة، فإننا نؤكد استمرارنا مع الطبقة العاملة وكل القوى الديمقراطية في النضال من أجل تعزيز الحريات النقابية، ورفع يد الأجهزة ووقف تدخلها في الشؤون النقابية وتطوير قانون العمل وصولاً إلى الإقرار بالتعددية النقابية لتكون النقابات قولاً وفعلاً معبرةً عن مصالح العمال وحقوقهم.