دفاعٌ مُستميت عن مخرجات لجنة الإصلاح، بعض أعضاء اللجنة تحوّلوا إلى كُتّاب للرّد السريع
ما أن رشحت بعض النتائج التي أقرتها أو توافقت عليها اللجان الفرعية، في لجنة تحديث المنظومة السياسية، حتى تحوّل بعض أعضاء لجنة الإصلاح إلى كُتّاب للردّ السريع، فأصبحت مهمة البعض منهم البحث عن أيّ رأي مخالف لما توافقت عليه اللجان، بل وصل بهم الامر للردّ بمقالات على منشورات و/أو تغريدات نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
في الوقت الذي يشرع فيه أعضاء اللجنة لتحديث القوانين الناظمة للحياة العامة، وبدلًا من أن يقدموا نموذجًا جديدًا ينسجم وعنوان اللجنة والهدف الذي من المفترض أنها تشكّلت من أجله، أي اللجنة، ذهب البعض منهم لمهاجمة الأحزاب والقوى السياسية التي انتقدت مخرجات لجنة الأحزاب المنبثقة عن اللجنة العامة، ليصل بهم الأمر إلى كيل الإتهامات والتشكيك والغمز واللمز.
بدأ أحد المدافعين عن اللجنة، بكتابة مقال، لم يرتقِ فيه الى مستوى تفنيد الآراء الرافضة لمخرجات اللجنة أو المتخوفة تخوفًا مشروعًا من نتائج تعتقد أنها ستنعكس سلبًا على الحياة السياسية عمومًا والحزبية على وجه الخصوص، فأخذ عضو اللجنة، الحزبي “المعارض” السابق، بالتهجم والتشكيك بالاحزاب واتهامها، بالغمز واللمز والتشنج والتهديد والوعيد، دون أن يدافع بالمنطق والحُجّة عن مخرجات لجنة الإصلاح أو يتحدث عن فلسلفة توافقاتها، وجدوى ما رمت إليه نتائجها.
لتتوالى بعد ذلك المقالات، مقالات من المؤيدين المتطوّعين، وأخرى من بعض أعضاء لجنة الإصلاح، الذين يتحملون عناء عمل اللجنة من جهة، وعناء البحث والتفتيش عن آراء تنتقد مخرجات اللجنة أو تقول رأيها، ليردوا بذات الطريقة التي تُشكِّك بكل من ينتقد عمل اللجنة، وكأن مخرجاتها أصبحت كتابًا مُنزل، لا اجتهاد فيه.
إن من السذاجة بمكان ما يرمي إليه البعض من أن بعض الأحزاب تنتقد مخرجات مشروع قانون الأحزاب، لأنها لا تستطيع أن تجمع 1000 عضوًا وفقًا لمشروع القانون الجديد، وبطريقة تكشف عن النزعة العدوانية للعمل الحزبي، بل وتكشف عن عداء من حيث المبدأ للحياة الحزبية، والمصيبة الأكبر أن هؤلاء هم من سيضع “خارطة التحديث” وسيقرر شكل الحياة الحزبية، فبعضهم ليس له أي تجربة تُذكر في العمل الحزبي، والبعض الآخر له تجربة تكللت بانتهازية وخلاص فردي ليصبحوا بعدها مقربين من السلطة، أيّ سلطة.
إن القارئ بحيادية لمشروع قانون الأحزاب المُسرب من اللجنة، سيجد بكل وضوح، وفي معظم بنوده، ما يعيق العمل الحزبي، من تدخل في كافة تفاصيل العمل الحزبي التنظيمي، من حيث التسجيل وعدد العضوية واللوائح وعدد الحضور والنصاب والموافقات التي لا تنتهي، ولا تنّم إلا عن عقلية التسلّط والتضييق والوصاية التي تضرب أسس وقواعد العمل الحزبي والديمقراطية، فضلًا عن خرقها للأنظمة الداخلية التي تنظم عمل الأحزاب.
المسألة لا علاقة لها فقط بعدد المؤسسين، بل هي مرتبطة بمدى الجديّة بتوفير مناخ حاضن وبيئة عمل تشجع العمل الحزبي بالممارسة لا بالكلام الفارغ والمستهلك إعلاميًا، وعلى الواقع تحاربها بشتّى الطرق تبدأ بمحاولات الاحتواء والتدجين، ومن لم تفلح بجعله مطواعًا، تستخدم معه وسائل الترهيب والتهديد والشيطنة والاتهامات والتشكيك بنواياه، تمامًا كما عبّر ويُعبِّر عنها بعض أعضاء لجنة الإصلاح.
إقرأ أيضاً: تسريبات قانون الأحزاب تجريف أم تحديث؟!..