خوذ بيضاء وحكومة شفافة و”سيادية”
في الوقت الذي برهن الأردن الرسمي على صوابية موقفه، حين أغلق الحدود أثناء معركة تحرير الجنوب السوري، تفاجأنا بخبر نشرته وسائل إعلام صهيونية وغربية، تؤكد قيام الأردن باستقبال ما يزيد على الأربعمائة شخص ممن يسمون ب”أصحاب الخوذ البيضاء”، وذلك على الرغم من انتهاء المعارك قرب الحدود الأردنية، وعودة كافة النازحين من هذه الحدود إلى بلداتهم الأصلية.الخبر الذي استقبله الأردنيون كالصاعقة، لم يكن أمام الحكومة من خيار سوى الاعتراف بحدوثه، بعد قيام معظم وسائل الإعلام العربية والغربية بنشره. فأصدر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية السيد محمد الكايد تصريحاً صحفياً أكد فيه أن “422 فقط من “الخوذ البيضاء” السوريين دخلوا الأردن، وليس أكثر من 800 كما أُعلن عنه سابقاً. مشيراً إلى أن “الحكومة الأردنية أذنت للأمم المتحدة في تنظيم مرورهم عبر الأردن لتوطينهم في بريطانيا وألمانيا وكندا”.
لن أتحدث عن هذه المنظمة (الخوذ البيضاء) وارتباطاتها الغربية، التي وصلت حد قيام الرئيس الأمريكي ترامب بنفسه بالاتصال برئيس وزراء الكيان الصهيوني بينامين نتنياهو طالباً منه القيام بعملية عسكرية خاصة “لإنقاذ” أعضاء منظمة الخوذ البيضاء وإخراجهم من سورية. ولن أتطرق إلى ( James le Mesurier) الضابط البريطاني المتقاعد الذي قام بإنشاء وتدريب هذه المجموعة بالتعاون مع جمعية تتبع لدولة خليجية، وبدعم بريطاني وأمريكي، حيث تلقوا تدريباتهم في أكثر من دولة أوروبية، وفق ما نشرت صحيفة هيرالد تريبيون الأمريكية.
أقول، إنني لن أتطرق إلى كل ذلك، ولكن ما يهمني في هذه القضية، هو حقنا كمواطنين أن نعرف لماذا رضخت حكومتنا ذات السيادة للضغوط الأوروبية لاستقبال هؤلاء في الوقت الذي كانت قد أغلقت الحدود في أوج المعارك على الحدود؟! ولماذا لم تذكر الحكومة شيئاً يذكر عن الدور الصهيوني في “إنقاذ” هذه “الخوذ البيضاء”؟!
في ذكرى ثورة يوليو المصرية، أستذكر مقولة الزعيم عبدالناصر، عندما هدده الأمريكان بقطع المعونة عن مصر، في حال لم يتوافق مع السياسات الأمريكية في المنطقة. حينها قال جمال جملته المأثورة التي تلخص مفهوم السيادة الوطنية “المعونة الأمريكية عالجزمة”. والله من وراء القصد.