أخبار محلية

خطر انهيار الصناعة مع ارتفاع تعرفة الكهرباء

أثارت إستراتيجية رفع أسعار الكهرباء من قبل الحكومة الأردنية موجة من الاحتجاجات في أوساط وفعاليات صناعية وتجارية وبرلمانية، حيث عبر هؤلاء عن قلقهم الشديد من تدهور أوضاع القطاع الصناعي بشكل خاص، ونوهوا إلى أن هذا القطاع إذا ما استمرت الحكومة في إستراتيجيتها رفع أثمان الكهرباء، قد يطيح بالمشاريع الصناعية، ويدفع بهذا القطاع إما إلى الرحيل وإما إلى التوقف، واتهموا الحكومة بأنها تحاول أن تحل أزمة شركة الكهرباء التي ستبلغ قيمة خسارتها هذا العام أربعة مليارات دينار على حساب القطاع الصناعي.

وقد وصفت هذه الفعاليات قرار الحكومة رفع أسعار الكهرباء على القطاعات الاقتصادية والاستهلاك المنزلي (فوق 600 ك و/ ساعة) شهرياً في ظل تراجع أسعار النفط عالمياً بالجريمة، وقال هؤلاء أن زيادة تعرفة الكهرباء سيؤدي إلى إغلاق مصانع وتسريح عمال، إضافة إلى ارتفاع الكلف التي ستنعكس سلباً على الميزة التنافسية للمنتجات الوطنية في الأسواق المحلية والعالمية، كما يضعف قدرة الأردن على جذب استثمارات جديدة وهروب استثمارات موجودة.

ومن الأمثلة التي وردت على لسان هؤلاء المحتجين، إغلاق مصنع الصهر التابع لشركة حديد الأردن بسبب تكاليف الإنتاج عدا عن إغلاق كافة مصانع الخزف الأردنية عندما رفعت الحكومة أسعار الكهرباء بنسبة 15% على مختلف القطاعات إضافة إلى زيادة نسبة ضريبة الدخل 20% اعتباراً من بداية العام الحالي.

وقال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الذي وصف القرار بغير المبرر بأن تراجع أسعار النفط يغطي ثلثي خسائر شركة الكهرباء، بمعنى أنه لم يعد هناك مبرر لرفع التعرفة. فيما رأى رئيس غرفة صناعة عمان العين زياد الحمصي بأن تحميل القطاع الصناعي المزيد من الأعباء والكلف المالية سيحد من تنافسية المنتج الأردني ويهدد بخفض طاقة المشاريع الإنتاجية، إضافة إلى التوقف عن العمل وتسريح العمالة، هذا إضافة إلى ما يتحمله القطاع الصناعي أصلاً من ضعف التنافسية نتيجة اتفاقيات التجارة الحرة.

هذا وتشكل الطاقة الكهربائية باتفاق جميع المحتجين 35% في مدخلات بعض الصناعات مثل الصناعات الكيماوية والإسمنت والحديد والصناعات البلاستيكية، وهدد البعض بأن عدداً كبيراً من الصناعات الصغيرة والمتوسطة ستفقل أبوابها بعد 31 آذار عند انتهاء فترة تجديد الاشتراكات في غرفة صناعة عمان حسب زياد الحمصي.

أما الخبير الاقتصادي زياد منصور فأكد بأن زيادة أسعار الكهرباء سيؤدي حتماً إلى زيادة أسعار السلع وخفض الإنتاج، ويؤدي بالتالي إلى ركود اقتصادي، كون الكلف المعيشية للمواطنين مرتفعة، وبالتالي معدلات الإنفاق على السلع والخدمات ستتراجع.

وأيّد رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي مخاوف وقلق الفعاليات الصناعية والتجارية، كما أيّد هؤلاء رئيس غرفة تجارة عمان عيسى مراد الذي وصف رفع تكلفة الكهرباء بأنه يرهق ليس القطاع الصناعي، بل جميع القطاعات الاقتصادية.

وقال رئيس غرفة صناعة الأردن أيمن حتاحت أن رفع أثمان الكهرباء سيخرج عدداً من الصناعيين من السوق والاستغناء عن العمالة والمغادرة بالاستثمارات إلى الخارج.

هذا ولوّح صناعيون بالرحيل لدول مجاورة والتوقف عن الإنتاج وتسريح العمالة احتجاجاً على استمرار رفع أسعار الكهرباء، وكشف المحتجون عن ضغوط عديدة على الصناعة غير رفع أسعار الكهرباء مثل الاستيراد والعمالة وتوفير التمويل والبيروقراطية، وقال مدير عام شركة سوا البلاستيكية أن أثمان الكهرباء تشكل 17% من كلف الإنتاج وزاد ذلك على قطاع الصناعة 35% مؤكداً أنه لم يعد أمام القطاع الصناعي سوى الرحيل أو الإغلاق.

وفي ندوة عقدت في جريدة الغد حضرها عدد من رجال الصناعة ومندوب عن وزارة الصناعة، وصف المشاركون في الندوة أن ما يواجهه قطاع الصناعة ليس سوى حصار غير معلن من الجوار الملتهب أو من الداخل (في إشارة إلى الحكومة)، حيث ارتفاع تكاليف الطاقة وارتفاع نسب الضرائب والرسوم ومشاكل التمويل والإضرابات، حيث تزاحم الحكومة القطاع الخاص على البنوك. وقد أبدى المشاركون في الندوة قلقهم العميق على مستقبل الصناعة في الأردن، وأشاروا إلى أن نسبة ارتفاع فاتورة الطاقة بلغت خلال 5 سنوات ما نسبته 90% وأن إستراتيجية الحكومة تقوم على زيادة التعرفة مطلع كل عام بنسب تتراوح بين صفر% إلى 15%.

وحسب الأرقام الصادرة عن غرفة صناعة عمان، فإن عدد المنشآت التي تم إغلاقها بلغ 1278 منشأة خلال عام 2012، وأن 1248 منشأة لم تقم بتجديد الرخص عام 2013 ما يعد مؤشر على الإغلاق.

وقلل الحمصي من قيمة مزاعم الحكومة بأن القطاع الصناعي يستطيع استيراد الوقود قائلاً أن الصناعة لا تستطيع استيراد الوقود، كما اتهم الحكومة بإبرام اتفاقيات تجارة مع تركيا وغيرها دون التشاور مع القطاع الخاص، لكن القائم بأعمال مدير التنمية الصناعية، لبنى العقاد التي تواجدت في الاجتماع، فنّدت هذه المزاعم وقالت أن هناك العديد من المصانع قدمت طلباتها لاستيراد وقود الصناعة مثل الإسمنت، كما نفت العقاد أن تكون الحكومة قد أبرمت اتفاقيات تجارة مع دول مثل تركيا، وقالت أن ذلك يتم بالتشاور مباشرة مع القطاع الخاص.

وبصدد حجم عمليات التصدير، اعترف المشاركون في ندوة الغد بأن الصادرات الوطنية ارتفعت بنسبة 7% خلال الـــ 8 شهور الأولى من العام الماضي بالرغم من تراجع عمليات التصدير إلى الأسواق المجاورة مثل العراق وتركيا ولبنان وليبيا، وفي نفس الوقت اتهموا الحكومة بأنها لا تنظر للقطاع الصناعي على أنه شريك لها في العملية التنموية على الرغم من أن الصناعة تسهم بنسبة 25% من الناتج المحلي الإجمالي وتشكل 90% من مجمل الصادرات، وأشاروا إلى أن الحكومة فرضت ضرائب على 6 قطاعات صناعية ورسوم بدل خدمات على السلع المغطاة بواقع 1%، ومن جهته عضو غرفة صناعة الأردن موسى الساكت أكد وجود فشل واضح من قبل الحكومة في إدارة الملف الاقتصادي، وبأنه لا يوجد فريق اقتصادي كفء متهماً الحكومة بأنها إنما تطبق خطة البنك الدولي في ظل غياب خطة إستراتيجية للصناعة، لكن لبنى العقاد فنّدت ذلك قائلة أن الحكومة أقرت شرطاً لإعفاء المشاريع من ضريبة الدخل والمبيعات والرسوم الجمركية وتدرس تمديد فترة العمل ببرنامج دعم الصادرات من حيث إعفاء الصادرات من ضريبة الدخل.

وبين ازدياد سخط الفعاليات الاقتصادية على سياسة الحكومة الاقتصادية ودفاع الحكومة عن سياستها، يبرز سؤال مهم وهو أي من الطرفين محق في مزاعمه، الحكومة أم رجال الصناعة؟

مما لا شك فيه أن الحكومة أثبتت فشلها على مدى السنوات الماضية في وضع إستراتيجية مستقلة وحكيمة لإدارة الملف الاقتصادي، وذلك بسبب وضعها قراراتها الاقتصادية كاملة في أيدي صناديق التمويل الأجنبية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين اللذان كان وراء إفقار الدول المتخلفة والنامية وزيادة الضغوط على شعوبها لتحقيق مصالح وأهداف استعمارية، إلا أن رجال الصناعة والتجارة وهم طواغيت المال في الأردن لم يكن يهمهم رفع مستوى معيشة الشرائح والفئات الفقيرة أو مصالح الطبقة العاملة وزيادة دخولهم بقدر ما يهمهم زيادة أرباحهم وتضخيم ثرواتهم، وبالتالي فإن الصراع الذي عبرت عنه أزمة رفع أثمان الكهرباء بين الحكومة ورجال الصناعة ليس سوى تعبير عن صراع داخل الطبقة الواحدة أو الائتلاف الطبقي الحاكم المتحكم بمصالح وموارد البلاد.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى