خبراء يؤكدون جدية واشنطن بإنشاء “مناطق آمنة” في الجنوب السوري
تتجه الأنظار بشكل كبير نحو الجبهة الجنوبية في سوريا، و التي شهدت منذ خمس سنوات انطلاق شرارة “الثورة السورية” حيث تزدحم في هذه المساحة الضيقة تشكيلات مختلفة الانتماءات والتوجهات من العصابات الإرهابية المسلحة، ومن جهة أخرى أصبح الانخراط العسكري للتحالف الدولي واضحاً جداً، لا سيما بعد التحركات العسكرية المكثفة التي شهدتها المنطقة.حسب تصريحات رسمية أمريكية و بريطانية، فإن الهدف الأساسي من فتح جبهة الجنوب هو محاربة تنظيم داعش الإرهابي و تأمين الحدود الأردنية السورية، ولكن المحللين يذهبون الى أبعد من ذلك، مؤكدين على أن التدخل الأمريكي-البريطاني-الأردني لن يتوقّف عند حدود المثلّث الحدودي السوري ــ العراقي ــ الأردني انطلاقاً من معبر التنف على طول الحدود العراقية السورية، وصولاً إلى مدينتي البوكمال والميادين. بل وصولاً إلى الحدود مع الجولان السوري المحتلّ، وضمناً حوض اليرموك، ستكون مسرحاً لعمل قوات التحالف الدولي لقيادة فصائل من المعارضة السورية المسلّحة، على رأسها (جيش العشائر) و(فرقة شباب السّنة) وفصائل أخرى مما يسمّى (الجبهة الجنوبية).المحلل السياسي د.عامر السبايلة يؤكد في مجمل حديثه لـ نداء الوطن بأن ” تنظيم داعش الإرهابي يعاني حالة من الاختناق، تحديداً بعد نهاية معركتي الموصل و الرقة، ويتجهه نحو إيجاد مناطق أخرى يتمركز بها، و لذلك تعتبر الجبهة الجنوبية موقعاً مهماً بالنسبة لجيش خالد بن الوليد(تابع لـ داعش) لن يتخلى عنه بسهولة”.
ويؤكد السبايلة فيما يخص الدور الأردني في المعركة الجنوبية “غياب رؤية أمنية سورية حقيقية يؤزم الأمور أكثر، و يضع على الأردن مسؤولية أكبر تجاه الوضع، حيث أن الأردنن معني بشكل كامل بتأمين حدوده الشمالية و ضمان عدم تشكل قواعد لوجستية داعمة للإرهاب، و لكن هذا لا يعني أن الأردن سيتدخل عسكرياً في سوريا، ذلك لأن تاريخ الأزمة السورية شهد مراحل أكثر توتراً من الآن، وأثبت الأردن من خلالها بأنه غير معني أبداً بإقحام الجيش كطرف في الأزمة السورية.”
الصحفي الاستاذ محمد عرسان، وفي اتصال هاتفي أجرته نداء الوطن يقول ” الهدف الأساسي من التدخل الأمريكي البريطاني في الجبهة الجنوبية، هو محاولة لخلق حزام منن المناطق المستقرة ابتداءاً من البادية الوسطى في سوريا وصولاً الى درعا بعمق ١٤٠كم، كبديل لنموذج المناطق الآمنة الأمريكية التي طرحها ترامب، لهدف إعادة النازحين و تأمين الحدود الشمالية للمملكة، وذلك بتنسيق بين الأمريكيين والبريطانيين انطلاقاً من قاعدة التنف التي تشهد تواجداً عسكرياً غربياً و عربياً”
وفي سياق آخر، يؤكد الدكتور عامر سبايلة في حوارٍ له مع صحيفة نيسان بأن موقف بلاده يتماهى مع المحور الأمريكي، ولا يستطيع الأردن الخروج من العباءة الأمريكية، لكنهه يدرك أيضاً أن الأردن معني أكثر بانتزاع أسباب الفوضى من تراب حدوده. و يتفق عرسان مع ما طرحه السبايلة، معللاً سبب الاستدارة الكبيرة في السياسية الأردنية بين التنسيق مع روسيا و سوريا و من ثم الانكفاء إلى القطب الامريكي الأوحد بأن “الأردن إبان عهد باراك أوباما لم يكن يتلقى الدعم الكبير من الإدارة الأمريكية، الأمر الذي جعله يبحث عن خيارات أخرى كروسيا للتنسيق لمحاربة الجماعات الإرهابية، و لكن بعد لقاءات عديدة بين الملك و الرئيس ترامب و دعمه للأردن، عاد الأردن لمحوره التاريخي للتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية”.
الرفيق إبراهيم العبسي، عضو اللجنة المركزية لحزب الوحدة الشعبية ومسؤول منطقة الشمال، يؤكد في تصريح لــ نداء لوطن أن “واجب قواتنا المسلحة هو حماية أية اعتداءاتت على بلدنا، و ليس الاستجابة لأية ضغوط خارجية، وخاصة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للدخول في هذه الحروب التي ترى فيها أمريكا مكسباً لتحقيق اهدافها في إدامة الصراع وتدمير ما تبقى من سورية خدمةً للكيان الصهيوني من خلال إضعاف و تفتيت دول المنطقة حتى تصبح كل مكونات الأمة في حالة ضعف لا تقوى على الوقوف أمام أطماع الكيان الصهيوني في بلداننا”.
أما على صعيد انعكاسات أي تدخل أردني على الوضع السياسي-الاقتصادي المحلي يقول العبسي ” على الحكومة أن تتخذ الموقف الذي ينسجم مع قناعات أبناء شعبنا الذيي يرى أن الحل السياسي هو المخرج للأزمة السورية، ذلك لأن تدخل الأردن في الصراع عسكرياً سيكون له انعكاسات سلبية على بلدنا واقتصادنا الذي يمر بأزمة مستعصية و مديونية مرتفعة بشكل غير مسبوق منذ بداية الأزمة في سورية و حتى الآن، الأمر الذي أضر بحركة التبادل التجاري و قطاع الشحن الذي تعتمد عليه الكثير من المدن كالرمثا وإربد، ما سيؤدي إلى احتقان شعبي تجاه سياسات الحكومة على كافة الصعد.”