خبراء: الحكومة تهمل “التغير المناخي” رغم الكوارث السابقة
أكد خبراء بيئيون، أن الحكومة لم تتخذ أي إجراءات ملموسة على أرض الواقع للحد من تأثيرات التغير المناخي، لا سيما مع قرب حلول موسم الشتاء، الذي تشتد فيه نسبة هطل الأمطار الوميضية، في مدة زمنية قصيرة، مسببة حدوث فيضانات وسيول في مناطق عدة من أنحاء المملكة.
وقال هؤلاء الخبراء لـ”الغد”، إنه “من المفترض أن تكون الحكومة استفادت من التجارب التي مرت بها المملكة، الموسم الماضي، وأدت إلى وفاة أطفال ومواطنين في مناطق عدة بسبب السيول، لتضع خريطة تحدد فيها الأماكن التي ستكون عرضة لتأثيرات التغير المناخي والمخاطر المنبثقة عنها، وكيفية التعامل معها، مثل الإنذار المبكر وغيره”.
وكانت السيول جرفت عشرات الأشخاص وأودت بحياتهم في منطقة البحر الميت، خلال موسم الشتاء الماضي، كما أغرقت شوارع العاصمة عدة مرات، في وقت أكد فيه تقرير أهداف التنمية المستدامة للعام الحالي أن الأردن لم يحرز العام الماضي، تقدما في اعتماد وتنفيذ استراتيجيات وطنية للحد من الكوارث والمخاطر المتعلقة بالتغير المناخي.
وحاولت “الغد” الاتصال مع المعنيين في وزارة البيئة للاطلاع على الخطط التي نفذتها، وتلك التي ستعمل على تنفيذها بالتعاون مع الجهات المعنية للحد من تأثيرات التغير المناخي وبالأخص خلال موسم الشتاء المقبل، إلا أنها لم تتمكن من الحصول على ردهم.
“ولم تقم الحكومة بتحديد خريطة لمناطق الضعف، وتلك التي ستشهد كوارث طبيعية أو فيضانات أو هطلا شديدا للأمطار في المملكة، عقب موسم فصل الشتاء الماضي”، وفق رئيسة جمعية دبين للتنمية ومنسقة تحالف الجمعيات من أجل الغابات، هلا مراد.
وبينت أن “الاتكاء على مبدأ عنصر المفاجأة في حدوث المخاطر الناجمة عن تأثيرات التغير المناخي، لا بد أن تتخلى الحكومة عنه، وتبدأ التفكير بإيجاد الحلول ووضع الخطط الكفيلة بالحد منها والوقاية من تبعاتها”.
ولفتت مراد إلى أن “التنسيق بين كافة الجهات المعنية وبين الوزارات وتشكيل لجان دائمة للتكيف والحد من تأثيرات التغير المناخي، لم يسر بالاتجاه المطلوب، إذ إن الإجراءات ما تزال شكلية وتعتمد الشكل التقليدي”.
وأضافت أن “تقييم الأثر البيئي للمشاريع التي نفذت، والتي ستنفذ مستقبلا، وذات ارتباط بشكل مباشر بفصل الشتاء، يكاد يكون شبه معدوم”، مشيرة إلى أن “الحكومة تغيب دور مؤسسات المجتمع المدني في التعامل مع مثل هذه الظواهر البيئية، أو عقد حوار مع المواطنين لدى تنفيذ أي خطط أو مشاريع، والإعلان عنها، لمشاركة كافة المعلومات المتعلقة بها، بل إنها تتبع سياسة الصمت والعمل بشكل فردي”.
رئيس جمعية الجيل الأخضر، ضياء الروسان، قال إن الحكومة “لم تتخذ أي إجراءات جذرية للحد من المخاطر والكوارث الناجمة عن تأثيرات التغير المناخي مثل الفيضانات والسيول، التي تسببها الأمطار الوميضية”.
ولفت الروسان إلى أن “الحكومة تعتمد في قراراتها على مبدأ أن الصاعقة لا تضرب المكان مرتين متتاليتين، وإن اتخذ أي نوع من التدابير فستكون محدودة جدا وضمن نطاق المناطق التي شهدت فيضانات خلال فصل الشتاء الماضي. وإذا أرادت الحكومة أن تكون جازمة بشكل جذري في معالجة آثار التغير المناخي، لا بد أن يتم تبني استراتيجية شاملة تنفذ في كافة أنحاء المملكة”. وأعرب عن أمله أن “لا تقوم الحكومة بالإدلاء بتصريحات مماثلة للعام الماضي، في حال حدوث الفيضانات أو أي كوارث طبيعية أخرى، بأنها كانت مفاجئة، وأن تلجأ للحلول التقليدية في معالجتها، كإعلان العطل الرسمية في تلك الأيام”.
وبحسب الروسان، “يجب كهدف طويل الأمد أن تشمل إجراءات إدارة الأزمات جميع أنحاء المملكة، ولكن حاليا يجب أن يركز على البؤر الساخنة اعتمادا على دراسات الهطل المطري المتوقع والدراسات الطبوغرافية”.
من جهته، قال رئيس المركز الوطني للعدالة البيئية، محمد عيادات، “يشهد العالم عموما والأردن على وجه الخصوص تقلبا مناخيا ملحوظا، كانخفاض معدل هطل الأمطار، وتقلب درجات الحرارة، وعواصف غبارية، تسهم جميعها بخسائر اقتصادية وزراعية وبيئية ومائية كبيرة”.
وأكد أنه “رغم ما تطلقه الحكومة من خطط ومبادرات في هذا المجال، إلا أنها لا تكفي لمواجهة التغير المناخي، مقارنة بما تقوم به الدول المتقدمة”، كما لم نجد ما يثبت أن التغير المناخي والتحديات البيئية المتزايدة على رأس أولويات الخطط الحكومية، فهنالك غياب لنظام متكامل لإدارة المعرفة وصعوبة الحصول على المعلومات بسرعة وبدقة، وعدم كفاية الجاهزية الإلكترونية لوزارة البيئة وتقديم الخدمات المنبثقة عنها”.
كل ذلك، بحسب عيادات، “ساهم في زيادة نسب التلوث نتيجة النمو المتزايد في قطاعات النقل والطاقة والصناعة، وعدم التقيد بالشروط البيئية، وتدهور النظم الحيوية وزيادة التصحر نتيجة التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية”.
وفي رده حول مدى استجابة الحكومة لتأثيرات التغير المناخي ووضع الإجراءات الكفيلة بالحد منها، أكد أنها “ما تزال غير كافية لمواجهة التغير المناخي، ودليل ذلك الكوارث التي ما زلنا نراها في كل عام، وصدور نظام تغير المناخ لسنة 2018، إلا أنه لم يأت بجديد”.
وتابع بالقول “لم تقم الحكومة كذلك بإنشاء اللجنة الوطنية للتغير المناخي التي نص عليها النظام في المادة 3، مما يعني عدم وجود جدية لديها لمواجهة هذه التحديات”، محذرا من “عدم اتخاذ أي إجراءات حكومية لتخفيف من سلبيات التغير المناخي، لكونها ستطال القطاعات الاقتصادية والزراعية وبشكل أكبر”.