حملة “غاز العدو احتلال” مطالبة بإعادة حضورها الإعلامي والشعبي لإسقاط الاتفاقية
لم تتوقع لجنة المتابعة لحملة إسقاط اتفاقية الغاز هذا الحجم من التجاوب الشعبي حين دعت لمسيرة رفضاً لاتفاقية الغاز التي كانت شركة الكهرباء الوطنية الأردنية قد وقعتها للتو مع شركة “إسرائيلية”.
لم يقتصر نجاح المسيرة على عدد المشاركين الذي لم نشاهده منذ هبّة تشرين الشعبية، وإنما تعداه لنوعيتهم التي ضمت طيفاً واسعاً من القوى السياسية والحراكات الشبابية، إضافة إلى مشاركة النقابات المهنية التي غابت عن الشارع لفترة طويلة، وحضور لافت لعدد من نواب البرلمان المنتخب حديثاً.
هذه الحماسة قامت الحملة باستثمارها أحسن استثمار من خلال الدعوة لإطفاء الأنوار لفترة محددة مرة كل أسبوع، تلتها دعوات لفعاليات نوعية وبأسالب مبتكرة، لاقت تجاوباً وتعاطفاً شعبياً كبيراً، انعكس في الزخم الكبير للحملة على الصعيد الإعلامي وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
تراجع حضور الحملة شعبياً وإعلامياً
إلا أن هذا الزخم لحملة إسقاط اتفاقية الغاز، بدأ بالتقلص تدريجياً إلى أن شهدنا مؤخراً مسيرة للحملة تتحول إلى وقفة احتجاجية نتيجة للعدد الضئيل من المشاركين، بالتزامن مع خفوت حضور الحملة الإعلامي، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي.
الدكتور هشام البستاني منسق حملة إسقاط اتفاقية الغاز، يؤكد على أنالتراجع في زخم الحملة لم يكن فجائياً، معتبراً أن كافة القضايا، تكتسب دفعة كبيرة عند وقوع الحدث، فتنفعل قطاعات واسعة من الجمهور ويزداد زخم الحركة، ثم يبرد الحدث، ويخفت انفعال الجمهور.
ولفت البستاني في حديث خاص لـ نداء الوطن إلى أن الفعاليات من مظاهرات واعتصامات…الخ، تلعب دوراً “تنفيسياً” بمعنى أو بآخر في غياب تحوّل الحركة أو الحملة إلى مؤسسة. ويشير الدكتور البستاني إلى أن الحملة منذ انطلاقها في 9/2014 وحتى الآن، تمر في فترات صعود وهبوط بالمعنى الجماهيري، تنشط من خلالها قوى ثم يقل نشاطها.
فيما يعتبر الأستاذ عمر عطعوط المحامي وأحد ناشطي الحملة، أن القبضة الأمنية ازدادت في الآونة الأخيرة حتى قبل الأحداث الإرهابية في الكرك، وكان لذلك دور في منع إمكانية توسيع الحملة الاحتجاجية ضد اتفاقية الغاز مع العدو، وكان ذلك واضحاً -على سبيل المثال- من الطريقة العنيفة التي تم بها فض اعتصام الدوار الرابع الذي دعت إليه الحملة قبل أسابيع.
ويشير الأستاذ عطعوط إلى أن حالة الانقسام الكبيرة في المجتمع أولاً ومن ثم في أحزاب المعارضة وبالتالي في الحركة الوطنية وخاصة حول الموقف من سوريا، كانت عاملاً أساسياً في فشل التنظيم الجيد للعديد من الفعاليات الاحتجاجية ضد هذه الاتفاقية.
ويلفت الأستاذ عمر العطعوط في حديثه لـ نداء الوطن إلى أنه لا يمكن أيضاً إغفال “تقصيرنا كحملة وكقوى وطنية في تطوير آليات الاحتجاج لتستقطب أعداداً أخرى من المقاطعين فعلياً لكل أشكال التطبيع مع العدو وهم الأغلبية في الشعب الأردني لكي يشعر كل مواطن أن دوره مهم في إسقاط هذه الاتفاقية”.
الرفيق عماد المالحي عضو المكتب السياسي في حزب الوحدة الشعبية أحد الأحزاب الفاعلة في الحملة، وعضو لجنة المتابعة فيها، أكد في حديثه لنداء الوطن أن البلاد تعيش حالة ممنهجة في التراجع عن الهامش الديمقراطي من خلال جملة من القوانين العرفية، وما جرى للحملة أمام رئاسة الوزراء أو في الزرقاء، وقبلها في إربد دليل على ضيق السلطة من أية تحركات شعبية ضد السياسات الحكومية، كما أن الحكومات والحكومة الحالية تحديداً تتعاطى مع الحياة السياسية في البلاد وكأنها ملف أمني وليست ملفاً سياسياً.
ورأى الرفيق المالحي أن تراجع الحملة مرتبط أيضاً في مجمل الأزمة التي يعاني منها الفعل الوطني العام، فنحن نشهد –وفق المالحي- تراجعاً وأزمة شاملة في العمل المشترك على الرغم من محاولات الحملة حاولت تجنب هذه الاستقطابات لكنها في المحصلة ليست منفصلة عن الفعل الوطني.
أحداث الكرك وأولويات العمل الوطني
تراجع فاعلية الحملة، تزامن مع الجريمة الإرهابية التي وقعت في الكرك، ما طرح تساؤلاً لدى المراقبين حول مدى قدرة حملة إسقاط اتفاقية الغاز على النهوض، وتفعيل دورها في ظل انشغال الرأي العام الأردني بهذه العملية الإرهابية وتبعاتها.
ويرى الأستاذ عمر عطعوط أن الجريمة الإرهابية قد تسببت “مؤقتاً” في تركيز الناس على ضرورة معالجة البُعد الأمني في مواجهة هذه الحركات الإرهابية، ما يؤكد أن كل ما تقوم به تلك الجماعات الإرهابية في كل الوطن العربي هو بالنتيجة يصب في مصلحة العدو الصهيوني.
إلا أن العطعوط يردف أنه على المديين المتوسط والبعيد، لن تؤثر جريمة الكرك الإرهابية في نشاطات الحملة لوجود مزاج شعبي رافض لاتفاقية العار (الغاز)، لافتاً إلى أن الكرك على سبيل المثال من أولى المحافظات التي فاخر أبناؤها بأنها خالية من المنتجات الصهيونية.
ويتفق الدكتور هشام البستاني مع ما ذهب إليه العطعوط معتبراً أن ملف صفقة الغاز مع العدو الصهيوني يلخّص كل الملفات: التبعيّة، الفساد، احتكار السلطة وانعدام أية شراكة سياسية، التغوّل على الحريات وأمن المواطنين، البطالة، وهدر المال العام لدعم المشروع الصهيوني بدلاً من الاستثمار في الاقتصاد المحلي. هذه العوامل هي الأركان الأساسية التي تولّد العنف السياسي بكل أشكاله، وبالتالي فلصفقة الغاز موقع مركزي في ربط كل القضايا بعضها ببعض، وفهم طبيعة السلطة، وكيف تولّد العنف والعنف المضاد.
آليات مبتكرة للنهوض
وعلى الرغم من كل المعيقات أمام نجاح الحملة، إلا أن الرفيق عماد المالحي عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية يرى أنها ما زالت تمتلك القدرة على تجديد ذاتها لا سيما وأنها تمتلك عناصر مميزة في صفوفها، وذلك من خلال فعاليات شعبية ونوعية كما حصل بإطفاء الأنوار كل مساء أحد وتوزيع الملصقات على أبواب المحلات التجارية، بمعنى أنها يمكن أن تبدع العديد من الأشكال النضالية التي تعيدها للواجهة رغم التضييق الأمني والتهميش الإعلامي المقصود والممنهج.
واعتبر الرفيق المالحي أن شعار التحركات الأخيرة للحملة في عمان والزرقاء “لا لتكميم الأفواه” هو أحد العناوين التي يمكن أن تعيد اصطفاف كل المتضررين من السياسات الرسمية وتعزز إمكانية العودة للواجهة لكن المطلوب فقط إعادة ترتيب أوراقنا.
ولفت المالحي إلى ضرورة أن تقوم الحملة بقراءة التجربة خلال العامين الماضيين وتحدد مكامن قوتها التي يمكن البناء عليها وتتجاوز مكامن الضعف ومعالجتها وليكن شعار الحملة للعام (2017) “أكبر تحالف وطني لإسقاط اتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني”.