مقالات

حلف الناتو… الدور والمصير

تأسست منظمة حلف شمالي الاطلسي (الناتو) في نيسان من عام 1949 كنظام للدفاع الجماعي ضد أي هجوم من قبل اطراف خارجية وضد أي دولة من اعضاءه واسوة بمجلس الامن يتكون من الاعضاء الدائمين في الحلف وهم (الولايات المتحدة الامريكية, فرنسا والمملكة المتحدة) وهم نفسهم الاعضاء الدائمين في مجلس الامن حيث تتمتع هذه الدولة بحق الفيتو على أي قرار يصدر عن الحلف, بالاضافة الى عضوية (البانيا, بلجيكا, بلغاريا, كندا, كرواتيا, التشيك, غرينلاند, الدنمارك, استونيا, المانيا, اليونان, المجر, ايرلندا, ايطاليا, لاتفيا, ليتاونيا, لوكسومبرغ, الجبل الاسود, هولندا, النرويج, بولندا, البرتغال, رومانيا, سلوفاكيا, اسبانيا, تركيا) بميزانية مقدارها (892) مليار دولار.
بدايات التأسيس عكست هذه المنظمة دوراً سياسياً لها على الصعيد الدولي حتى نشوب الحرب الكورية حيث ارتفع عدد اعضاء الحلف وتم بناء هيكل عسكري متكامل تحت اشراف اثنين من القادة العسكريين الامريكيين , كما ادى مسار الحرب الباردة الى منافسة حلف وارسو الذي تأسس في عام 1955.
عانى الحلف من شكوك كثيرة حول جدية العلاقة ما بين الدول الاوروبية والولايات المتحدة الامريكية, وحول مصداقية دفاع حلف الناتو عن اعضاءه ضد الاتحاد السوفيتي مستقبلاً , حيث ادت هذه الشكوك الى انسحاب فرنسي من الهيكل العسكري لحلف الناتو في سنة 1966 خاصة بعد تطوير الردع النووي الفرنسي المستقل.
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط جدار برلين, شارك الحلف في تفكيك يوغسلافيا حيث جرى اول تدخل له في البوسنة سنة 1992 الى 1995 او في يوغسلافيا عام 1999.
انضم الى الحلف من عام 1999 حتى 2004 العديد من الدول التي كانت في حلف وارسو من اوروبا الشرقية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي.
بعد احداث الحادي عشر من ايلول لسنة 2001 وتنفيذاً لنص المادة (5) من المعاهدة شاركت قوى من الحلف في نشر قوات لها في افغانستان بالاضافة الى ارسال مدربين الى العراق للمساعدة في مكافحة القرصنة والارهاب .
في سنة 2011 قام الحلف باغلاق المجال الجوي فوق ليبيا تنفيذاً لقرار مجلس الامن الدولي رقم 1973 تغطية لاعتداءات امريكا على الجماهرية الليبية وتفكيك جنسيتها ودولتها.
لم تقم الناتو بأي اعمال عسكرية اثناء الحرب الباردة بعد احتلال الكويت ارسل الحلف طائرات انذار مبكر لتوفير تغطية لجنوب شرق تركيا بالاضافة الى نشر لقوة الردع السريع في منطقة الخليج.
في البوسنة والهرسك كانت عمليات الحلف الاوسع بتاريخه, ففي سنة 1992 ابتداءً من تفكيك يوغسلافيا الى عدة دول فقد دمرت طائرات الحلف البنية التحتية وخاصة الجسور والطرق لصربيا حيث استمرت هذه العمليات العسكرية حتى 1996.
تبع ذلك ان تدخل الحلف مغطى بقرار من مجلس الامن بتحرير كوسوفو من الصرب عام 1999.
كان لحلف الناتو دوراً مهماً في الاحتلال الذي تم لافغانستان والعراق حيث كانت الادارة والعسكر الذي مارسوا الحرب امريكيين اما الحلف فكان الغطاء وقام اعضاء الحلف بدور شكلي خاصة ان فرنسا اشترطت ان يكون مجلس الامن من يقرر الحرب الا ان امريكا بنت تحالفها خارج الحلف ايضاً وشنت الحرب دون قرار مجلس الامن بحجة ادعاءات ثبت انها كانت كاذبة وتبين لاحقاً ان الحرب كانت تستهدف ثروة العراق اولاً وموقع افغانستان الاستراتيجي ثانياً بما يتعلق بطريق الحرير وخطوط الغاز….الخ.
لقد عملت امريكا على استخدام الحلف كغطاء حقيقي من اجل تنفيذ مخططاتها المتعددة والتي في جوهرها الثروة دائماً على وجه الخصوص, فالنفط والغاز كان اولاً واخيراً وهذا واضح من اقوال الرئيس الامريكي (ترمب) الصريحة.
لقد كان للازمة التي حصلت ما بين امريكا واوروبا وتركيا على وجه الخصوص ما اكد على ان هذا الحلف لم يكن الا اداة من الادوات الامريكية فقط, فالمحاولة الانقلابية التي وقعت في تركيا سنة 2016 والمتهمة بها امريكا من حيث العلم او من حيث التدبير, اكدت هذه الحادثة على ان ما هو موجود في نصوص الاتفاقية, لم يمنع الامريكان من تجاوزها ودعم خصوم اردوغان, بالاضافة الى خلافات تركيا مع امريكا بخصوص الاكراد في سوريا والعراق حيث دفعت السياسة الامريكية تجاه اكراد تركيا الى التوقيع على صفقة صواريخ (S400) الشهيرة, مما جعل من اتفاقية الناتو حبراً على ورق…
ان امريكا بعدوانيتها اطلقت رصاصة الموت البطيء على حلف الناتو انسجاماً مع قناعة تولدت لدى الدولة العميقة في امريكا في ان هذا الحلف لم تعد بحاجته بعد ان اصبح العالم بحيرة امريكية وان الاعداء الحقيقيين لامريكا اصبحوا اكثر ضعفاً اليوم مما يجعل من وجود الحلف لا حاجة له رغم تصاعد قوة الصين وروسيا التي بدأت امريكا (ترمب) بشن حرب تجارية عليهما رغم ان الحرب شملت ايضاُ حلفائها في حلف الناتو.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى