حكومة الرزاز قامت بتنفيذ “أوامر” صندوق النقد الدولي بحذافيرها
قانون الضريبة على الدخل: الحكومة بين مطرقة الصندوق وسندان الشعب
حكومة الرزاز قامت بتنفيذ “أوامر” صندوق النقد الدولي بحذافيرها
قانون الضريبة على الدخل: الحكومة بين مطرقة الصندوق وسندان الشعب
يبدو أن الحكومة الحالية لا تريد أن تأخذ العبرة مما حدث للحكومة السابقة حكومة الملقي والتي اهتمت بالخارج وأدارت ظهرها للشعب، اختارت الرضوخ لشروط وتعليمات صندوق النقد الدولي والإفلات من عقاب الجماهير الفقيرة الجائعة، فكان مصيرها الطرد غير مأسوف عليها. وهذا القانون ينطبق على كل مسؤول وكل حكومة وكل نظام .. من يفضل الحماية الخارجية على حماية شعبه مصيره الرحيل، والشعوب تمهل ولا تهمل.
وتم تكليف حكومة جديدة برئاسة الدكتور عمر الرزاز، على أساس سحب مشروع قانون الضريبة وادخال تعديلات بحيث يحقق العدالة ويردم الفجوة بين الأغنياء والفقراء، ويخفض العبء عن كاهل الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود. والحقيقة أن الشارع الأردني الذي وصل إلى درجة أنه لم يعد يخشى شيئاً، وبأنه لن يفقد غير قيوده، أدرك بحكم تجربته أن المجيء بحكومة جديدة ليس اكثر من التقاط الأنفاس بالنسبة للطبقة الحاكمة، وإسكات الشارع ريثما يتم ترتيب الأمور من خلال التلاعب بأرقام القانون المسحوب.
ولكن بعض القوى في الشارع الأردني أعطت مهلة مائة يوم لترى ماذا ستغير الحكومة الجديدة، وكبت الشارع غضبه مؤقتاً لكي يفوت الفرصة على قوى الشد العكسي التي كانت تتحفز للفتك بالمتظاهرين.
خلال هذه الفترة حاولت الحكومة تفتيت وحدة الشارع وزرع الخلافات بين مكوناته من أحزاب سياسية ومنظمات جماهيرية ونقابية وبرلمانية والمقصود هنا بعض اعضاء البرلمان المتعاطفين مع الشارع والمؤيدين للاحتجاجات.
وأخيراً، بدأت بتسريب مشروع القانون الجديد للضريبة على الدخل على مبدأ قياس ردود الفعل من خلال إطلاق بالونات اختبار، إلى أن أعلنت عن مشروع القانون، وإعلان موافقة مجلس الوزراء عليه، والدفع به إلى مجلس النواب لمناقشته.
مجلس النواب معروف بتركيبته، ومعروف أنه مجرد سلطة لتمرير القوانين والتشريعات التي تدفع اليه، باستثناء بعض الاعضاء وهم قلة، وهؤلاء مع الأسف موجودون كديكور ليس أكثر. ولذلك أحال المجلس مشروع القانون إلى اللجان المختصة، لأنه خشي في حال إحالته إلى مجلس الاعيان أن يوافق عليه هذا المجلس، وبالتالي يتهم مجلسا الأمة النواب والاعيان بأنهما يؤازران الحكومة. والمشروع لا يزال حتى كتابة هذا التقرير عند اللجان المختصة.
مشروع القانون المعدل (بالمناسبة هو التعديل الرابع منذ عام (2010) وقد تم وضعه بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي، والجميع في كل دول العالم المدينة له يعرف أن الصندوق الدولي لا يسمح بالمطلق المساس بجوهر برنامجه للاصلاح، ويمكن أن يسمح بحفظ بعض التفاصيل السطحية مثل تقسيم الدخول إلى شرائح ونقل تخفيض نسبة الضريبة من بند إلى آخر.
مثلاً في المشروع الجديد تقسم الدخول للضريبة على الدخل إلى (5) شرائح بدل (3) كل شريحة (5) آلاف دينار بنسبة تتراوح بين (5%) إلى (25%) فيما القانون المعمول به حالياً كان يخضع الافراد إلى (3) شرائح (7%) على أول (10) آلاف دينار (14%) على ثاني (10) آلاف دينار (20%) على ما زاد على هذا الدخل للتوضيح يشمل التعديل:
أول (5) آلاف تخضع لنسبة (5%).
ثاني (5) آلاف تخضع لنسبة (10%).
ثالث (5) آلاف تخضع لنسبة (15%).
رابع (5) آلاف تخضغ لنسبة (22%).
والأسر التي يزيد دخلها على (36) ألف دينار سنوياً تخضع الزيادة لنسبة (25%).
نلاحظ هنا أن التعديل مجرد تلاعب بالأرقام ولا يختلف عن القانون المعمول به، كما يلاحظ أن التعديل الجديد يوسع شريحة المكلفين، وترى الحكومة في ذلك عدالة بينما ذلك يعتبر لصالح طبقة الرأسماليين من تجار وشركات وبنوك، لأن توسيع شريحة المكلفين موجه بالاساس للطبقة الوسطى في المجتمع وبالتالي اضعافها، وهي الطبقة التي تحدث توازناً طبقياً وإن كنا بالاصل مع مجتمع لا طبقي وضد قوانين الضرائب والتي هي قوانين رأسمالية بحته، وهي تطبق في أكبر بلد رأسمالي امبريالي وهو الولايات المتحدة، والضريبة هناك بالمناسبة تصاعدية (Progressive Tax) وتعني أنه كلما زاد اجمالي دخل الفرد ترتفع نسبة الضريبة، ومن خلالها يتم تحصيل ضرائب أكثر من الضرائب الثابتة (Flat Tax) وتفرض بنسبة ثابتة على وعاء الضريبة أو التنازلية قبل ضريبة المبيعات (Regressive Tax).
ما هي التعديلات في المشروع المقترح الجديد؟
لقد تم تخفيض الدخل للعائلة من (24) ألف دينار إلى (17) ألف دينار وللافراد من (12( الف دينار إلى (8) آلاف دينار مع الغاء (4) الاف دينار التي كانت ممنوحة بدل فاتورة استشفاء وتعليم، وهذا هو توسيع شريحة المكلفين أي زيادة أعداد الخاضعين للضريبة وهذا لا يمكن إلا أن يكون في صالح الطبقات الأخرى من الأثرياء، لأن المطلوب توفير إيرادات (حسب المقترح) تصل إلى (280) مليون دينار موزعة (150) مليون من التهرب الضريبي و(180) مليون من تعديلات الشرائح، وبدل أن يتم الدخول المتوسطة.
بالنسبة للشركات، كان تعديل الحكومة السابقة يفرض نسبة (30%) فجاء التعديل الجديد لرفع النسبة على الشركات المالية وشركات التأمين وشركات اعادة التأمين والاشخاص الاعتباريين وممارسي التأجير التمويلي إلى (40%)، كما تم رفع الضريبة على شركات تعدين الموارد الاساسية إلى (30%) بدلاً من (24%) ورفع التعديل الضريبة على شركات الاتصالات الاساسية لتصبح 26%.
نشير هنا إلى أن صندوق الدولي يطلب من الحكومة تحصيل (100) مليون دينار (141) مليون دولار من التهرب الضريبي و (180) مليون دينار (253.8) مليون دولار عبر ضريبة الدخل، بمعنى أن الحكومة نفذت طلب صندوق النقد الدولي بحذافيره، مع إحداث مناقلات بين المكلفين.
كذلك، يشير المشروع المقترح للضريبة على الدخل إلى ما يسمى ضريبة التكافل الاجتماعي ونسبتها (1%) ويصرف طبعاً لمعالجة الفقر والبطالة، ولا نريد أن نقول أن ذلك مجرد مزحة، لأن معدلات الفقر والبطالة في ارتفاع مخيف، لكن تشير إلى حقائق علمية تقرها النظرية الاقتصادية، وهي أن معالجة هاتين الآفتين لا يتم إلا من خلال زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتحسين دخل الافراد لزيادة الانفاق العام وبالتالي تحريك الاقتصاد وهذا مالا تفعله الضريبة بهذا الشكل.
الضريبة مفروضة من صندوق النقد الدولي لسد عجز الموازنة بعد أن تم تصفية كل موارد الدخل، وليس في وارد إدارة هذا الصندوق لا فقراء ولا عاطلين عن العمل، فالضريبة في كل الاحوال طاردة للاستثمار وبالتالي عدم خلق فرص عمل جديدة، وتلقي باعباء معيشية على ذوي الدخل المحدود، لأن التاجر أو المنتج سينقل حتماً مبالغ الضريبة على اسعار السلع للمستهلك، باالاضافة إلى أنها ترفع من مستوى البطالة.
بالنسبة للضرائب غير المباشرة قبل المبيعات، يعترف نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر بان معظم مصادر العبء الضريبي ونسبتها (26%) إلى الناتج المحلي الاجمالي تأتي من ضريبة المبيعات.
وتزيد قيمتها على ضريبة الدخل بثلاث مرات، ويضيف أن من شأن ذلك أن يوسع من الفجوة الطبقية بين الأغنياء والفقراء، وحسب قوله هناك (2300) مصنع في المنطقة الحرة لم يلتزم منها سوى (70) مصنعًا للضريبة. إذن لو ركزت الحكومة على محاربة الفساد وعلى المتهربين من الضريبة كما كانت بحاجة إلى كل هذا الضغط على فقراء ومعدمي الشعب الأردني، لكن بالعودة إلى العنوان، اختارت الحكومة الهروب من مطرقة صندوق النقد الدولي لتنزل ضربات الصندوق على الشعب المقهور، فهل يتحمل الشعب كل هذا الضغط أم لديه حلول أخرى؟!!