نداؤنا

حكومة الأزمات المتلاحقة والأداء الباهت

ليس الحظ العاثر هو الذي يلاحق حكومة الملقي، بل تعثرها أمام كل التحديات التي يفترض بأنه تم الإتيان بها لمواجهتها ووضع الحلول لها، وكحال سابقاتها، ولكن على درجة أكبر من الارتباك والتخبط في معالجة هذه التحديات، لم تستطع أن تقدم أداءً مقنعاً، بل عمقت من فقدان ثقة الناس بها، وسقطت في كل الاختبارات؛ ولعل أبرزها موضوع حادثة سفارة الكيان الصهيوني، والعدوان الصهيوني على المسجد الأقصى، الذي وضع الوصاية الأردنية عليه على المحك، فلم تسعف شعبنا الفلسطيني في وقت المحنة، وغدا وحده، والمقدسيون في مقدمة المواجهة والتحدي وتقديم الشهداء والجرحى، وصولاً إلى لحظة انتصارهم، بوحدتهم، وإرادتهم، وصدورهم، وقبضاتهم، وحناجرهم، دون ظهير عربي .

أما “حادثة السفارة”، الجريمة الصهيونية الجديدة، فكان أداء الحكومة تجاهها مُخجلاً ومُهينا للمواطن الأردني، ورئيسها غائباً، والمواطن الأردني يعاني من تبخرِ أي دورٍ لحكومةٍ يفترض أنها حكومة للدفاع عن كرامته، وصون حقوق المعتدى عليهم من إخوته وأبناء جلدته، والأنكى من ذلك مساهمة الحكومة الواعية بتسهيل “تهريب المجرم الصهيوني” والتخلي عن الحق السيادي بإعمال القانون، واعتقال ومحاكمة المتهم – المجرم، ومحاسبته أمام القضاء الأردني.

هذه الحكومة لا يفوتها الحضور والقيام بواجبها الذي تعتبره “مقدساً” عندما تمارس كل ما أتيح لها من صلاحيات لفرض ضرائب جديدة على المواطنين، ولاتتردد في تقديم موازنة عامة للدولة تخفض بموجبها حصص موازنات وزارات التربية والتعليم والصحة، وتمعن في تمرير اجراءات خصخصة الجامعات الرسمية ومنظومة التعليم العالي، وتقر سياسات اقتصادية كانت حصيلتها رفع المديونية لتتجاوز 94% من الناتج المحلي الإجمالي،وارتفاع مستويات البطالة إلى 18.2% بزيادة مقدارها 3.9 نقطة مقارنة بالربع الأول من العام 2016، حسب دائرة الاحصاءات العامة.

لا شك أن ارتفاع المديونية والبطالة تترافقان وارتفاع معدلات الفقر، آفات ثلاث متلازمة ، جذرها بَيّنٌ في غياب النهج الذي يعتمد بناء الاقتصاد الوطني المنتج، والتنمية التي تعتمد على تطوير الإمكانات الكامنة والاستفادة من الثروات الطبيعية، وعوضاً عن ذلك تُكرس هذه الحكومة كما سابقاتها، اللجوء للقروض المشروطة بترسيخ سياسات الخصخصة، وانسحاب الدولة التدريجي من تحمل مسؤولياتها ودورها في بناء الاقتصاد الوطني المنتج المستقل، وتخليها التدريجي عن مسؤلياتها تجاه المواطن في تأمين مستوى متقدم من التعليم والرعاية الصحية، وترافُق كل ذلك مع تصاعد الممارسات العرفية وتقليص الهوامش المتاحة للتعبير، كما نص عليها الدستور، لا بل وانتقال ممارسة العرفية إلى إدارات الجامعات بحق نشطاء الطلبة وكتلهم، في استمرار لمسلسل غياب إرادة الحكم في تحقيق إصلاح سياسي حقيقي، و”ديمقراطية” لا يكون فيها الشعب الأردني مجرد دافع ضرائب ومتكأً لسد عجز الموازنة، بل مقرراً في السياسات والقرارات من خلال حكومات ينتخبها ولا تفرض عليه بالبراشوت.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى