حكوماتنا.. بطولات دنكشوتية.. وأرقام وهمية/ بقلم: جهاد المنسي
أن يخرج علينا وزير العمل نضال القطامين في كل شاردة وواردة ليقول لنا أن حجم التشغيل خلال السنوات الأربع الماضية كان يفوق الوصف، وأن معارض التشغيل التي أقامتها وزارته وتغنّت فيها الحكومة تحت قبة البرلمان وفي المؤتمرات الصحفية، كان لها أثر إيجابي في ردم فجوة البطالة وساهمت في الحد منها، فإن ذلك يدفعنا -لو كانت أرقامه حقيقة واقعة- لرفع القبعة للرجل، واحترام إنجازه وما قام به، ويصبح من حقه علينا تثمين ما يقوم به، والطلب منه مواصلة ذلك أملاً في الوصول إلى ردم فجوة البطالة التي يعاني منها الشباب والخريجين على حد سواء.
وبطبيعة الحال، فإن الحكومة تفترض منا نحن جمهور المتلقين والمحللين ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب والنقابات عمالية ومهنية، أخذ ما تقوله لنا حكومتنا (الرشيدة!!)، وكأنه أمر واقعي، ونسلّم به كحقيقة، ويصبح من العار التشكيك به، ولو فعلنا ذلك نرمى بحجر السوداوية والمعارضة غير البنّاءة والعبثية وغيرها من أوصاف جاهزة يستحضرها البعض.
وبالاثر، ارتضينا أن تكون الأرقام التي تقال لنا حول معدلات البطالة، وغيرها من أرقام تتعلق بالمديونية وحجمها – رغم تعارضها مع أرقام عالمية تخرج علينا بين فينة وأخرى، مصدرها حيناً صندوق النقد الدولي أو منظمة العمل الدولية أو غيرهما أرقام غير دقيقة – وآثرنا أن يكون المرجع لنا أرقام الحكومة، وما يقوله وزير عملها وماليّتها ورئيسها.
ولكن أن يخرج علينا، ومن حضن الحكومة، التي تتغنّى بالتشغيل وجعلته شامة تتباهى به أينما ارتحلت وحلّت، من يقول لنا أن البطالة سجلت أعلى نسبة ارتفاع منذ عام 2008، فإن ذلك يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا ونسأل عن سبب قيام حكومتنا بيعنا نحن عامة الشعب أرقام وهمية وبطولات دنكشوتية غير واقعية، ونتخوف أن تكون كل الأرقام التي تقولها لنا حكوماتنا غير دقيقة ولا واقعية.
ولأن من حقنا السؤال، ومن حقنا تلقي جواب، وأن لا يكون الصمت (كما يجري حالياً) سيّد الموقف، عن سبب بيعنا أرقام وهمية، وحقيقية أرقام التشغيل التي تمت؟ ولماذا تتعامل حكوماتنا التي أشبعتنا ضرائب وارتفاع أسعار وتضييق على الحريات العامة والحريات الصحفية، معنا بتلك الطريقة من التطنيش، وبيعنا سمك في الماء.
أن تقول وزارة العمل أنها نجحت بتشغيل أكثر من 26 ألف عاطل عن العمل، فيما يقول تقرير للبنك المركزي عن ارتفاع عدد المتعطلين الأردنيين خلال العام الماضي، بنحو 36 ألف متعطل، وليصل إجمالي عدد الأردنيين المتعطلين عن العمل إلى 209.6 ألف متعطل، فإن ذلك يترك وزارة العمل ووزيرها تحت سيف المساءلة الأخلاقية أولاً، والاجتماعية ثانياً، والسياسية ثالثاً، وكلها قضايا تترك أي وزير حصل معه ذلك لتقديم استقالته من الحكومة والاعتذار عما فعل، وهو أقل ما يمكن فعله.
الأرقام صادمة، وليس هذا فقط، وإنما جاءت من جهة لا يمكن التشكيك بمصداقيتها من قبل الحكومة أو التعليق عليها (البنك المركزي)، ووزارة العمل التي تقول في كل شاردة وواردة أن حجم البطالة انخفض، عليها أن لا تذهب باتجاه التسويف، أو مواصلة طريقة البحث عن ترقيعات وهمية باتت غير واقعية في ظل ما تفاجئنا به من أرقام صادمة، وعليها أن تتوقف عن بيع الأردنيين أوهام التشغيل للأردنيين، والتوقف عن أخذ الصور البرتوكولية أمام كل معرض تشغيل يجري افتتاحه، فقد انكشفت حقيقتكم وظهرت زيف أرقامكم، فكفاكم.