حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
ليست ذكرى كأي ذكرى، انها ذكرى تأسيس حزبنا الذي نعتز بانتمائنا اليه، وذلك لما يمثله من حالة كفاحية، سياسية وفكرية متقدمة فبوصلته واضحة لم تحد عن الأهداف التي حملها والمتمثلة في الدفاع عن الأردن وعروبته، وانحيازه لخيار المقاومة كمدخل لتحرير فلسطين، حزب يرفض التبعية والارتهان ويناضل ضد الظلم أينما كان، لأنه ربط بشكل جدلي وخلاق بين الوطني والقومي والإنساني الأممي، انه حالة ممتدة منذ عقود، ابتداء من حركة القوميين العرب مروراً بتجربة منظمة الجبهة الشعبية في ألأردن، وصولاً إلى حزب الوحدة الشعبية، الذي جسد منذ نشأته عنواناً لليسار الجذري المتمسك بالكرامة الوطنية والحرية لفلسطين والنضال الدؤوب من أجل تكريس مفهوم العدالة الاجتماعية.
لقد اتخذ الحزب مواقف واضحة وصائبة في مجمل القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر تاريخه المجيد، وتحديداً في القضايا المطلبية، حيث جسد هذه المواقف فعلاً وليس قولاً، بالدفاع عن مصالح الطبقة العاملة، كيف لا وهو الحزب الذي يحمل فكرها والمنحاز بتركيبته الطبقية للعمال والكادحين والفقراء وعموم الشغيلة وكل المحرومين والمهمشين من أبناء شعبنا.
لقد ناضل حزب الوحدة الشعبية من أجل أن تسترد الطبقة العاملة الأردنية دورها المجيد، وهنا لا يسعنا الا ان نحيي ذكرى تأسيس الحزب الا ان نستحضر دور وتاريخ بعض الرفاق الذين غادرونا بسب الوفاة، والذين نفتقدهم لأنهم كانوا ليس مدافعين فقط عن العمال بل رموزاً وطنية، ونتذكر بعض منهم الرفاق، أبو القاسم، ابو عزمي، ابو الحكم واخرون، حفروا اسمائهم في عقول وضمير عمال الأردن نتيجة لصلابة مواقفهم ووضوح الرؤية لديهم وثباتهم على مواقفهم وانحيازهم المطلق للعمال.
لقد مثل هؤلاء الرفاق عنوان للنقابي العمالي الذي لا يهادن ولا يساوم ولا يبحث عن امتيازات شخصية، لكن ومع الأسف الشديد فبرغم معاناة هؤلاء الرفاق ومعهم الكثير من المناضلين الشرفاء من أبناء الحركة العمالية الاردنية، إلا إن الأوضاع الحالية التي تعيشها الطبقة العاملة لا تسر احداً، نتيجة لفقدان التوازن بين أطراف عملية الإنتاج، والردة على المنجزات التي حققها عمال الأردن من خلال نضالاتهم، والعمل على تنظيم أنفسهم بتشكيل (36) نقابة عمالية، مهمتها الدفاع عن منتسبيها، لكن التراجع المنهجي الذي جاء نتيجة انحياز الحكومات وتراجع دور الاتحاد العام للنقابات العمالية الذي تكيف مع السياسات الحكومية ولرغبات أصحاب العمل على حساب الاغلبية المتمثلة بالعمال، ونتيجة للإقصاء المنهجي للممثلين الحقيقين للعمال، رأينا تراجعاً واضحاً للمنجزات والمكتسبات التي حققها عمال الأردن عبر نضالاتهم المستمرة منذ خمسينات القرن الماضي.
فها نحن نعيش حالة من التراجع عن الحقوق الأساسية للعمال، تمثل ابتداء بتقليص عدد النقابات إلى (17)نقابة ودمج مهن لا تترابط مع بعضها البعض في هذه النقابات حتى تبقى تحت قبضة الاتحاد.
كما ان الحكومات المتعاقبة المنحازة لأصحاب العمل، نراها بين فينة وأخرى تسعى للعبث بالقوانين من خلال التعديلات المستمرة، مما يدل على عدم الاستقرار التشريعي في بلادنا.
فقانون العمل الذي صدر في العام 1960تم تعديله أكثر من مرة، واخرها مشروع التعديل الذي قدمته الحكومة السابقة (والذي لم يقر لغاية اللحظة) والذي نرى بأنه يشكل انتكاسة جديدة للعمال، لاسيما في ظل غياب وصمت مطبق من قبل الاتحاد العام لعمال الأردن، وهو الذي بات دوره خدمة لصالح شريحة اغلقت أبوابها امام أصحاب المصلحة الحقيقين، وانحازت قياداته لمصالحها على حساب الاغلبية من عمال الأردن.
ففي الوقت الذي نرى فيه تشوهات حقيقية للقوانين التي شكلت في مضى جزأ من الحمايات اجتماعية للفقراء، فبدلاً من تطوير هذه الحمايات بدأنا ومنذ سنوات نرى تجاوزات على اهم المنجزات الوطنية “الضمان الاجتماعي” مثالاً، والذي يشكل بدوره ضمان لمستقبل العمال.
فالقفزات الحكومية من خلال التعديلات المستمرة لقانون الضمان الاجتماعي، وكما هو حال الإسراع في إجراء تعديلات على قانون العمل، فها هو مشروع قانون الضمان الاجتماعي الذي تم تعديل العديد من مواده العام الماضي يعاد طرحه علينا من خلال تعديلات جديدة على مواده، واصرار الحكومة على تقديم مشروع تعديلات جديدة بالضرورة وكما نراها، ستشكل تراجعاَ جديدا في عملية الحماية الاجتماعية، مما بات يشكل قلقاً حقيقياً على مقدرات فقراء الأردنيين.
ان حزب الوحدة الشعبية الذي يحتفي بمرور 34 عاما على انطلاقته، يؤكد انحيازه للفقراء وعموم الكادحين والمهمشين من أبناء شعبنا، ويؤكد ايضاً بأنه يسعى من خلال نضاله اليومي ومعه كل الشرفاء، بأنه سيبقى يناضل من أجل استرداد حقوق عمال الأردن، ويضع في أولوياته رفع منسوب الوعي لدى العمال والتمسك بالحقوق التي كلها لهم الدستور في المواد16+23 والاتفاقيات والمعاهدات التي وقعت عليها الدولة الاردنية، وعلى رأسها الحريات الديمقراطية والمتمثلة بحرية التنظيم النقابي العمالي.
ربما ان أحياء ذكرى تأسيس الحزب لهذا العام مختلفة عن سابقتها، فالوضع المعيشي للمواطن الأردني في حالة تراجع مستمر، ورقعة الفقر تتسع بشكل ملحوظ والبطالة وصلت لأرقام غير مسبوقة وتحديداً في اوساط الشباب وخريجي الجامعات، وتراجع ملحوظ في التعليم والصحة وانتشار ظواهر اجتماعية لم يعهدها مجتمعنا.
إن السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة والتي ارتهنت لإملاءات الصندوق والبنك الدوليين وبالتالي اوصلت البلاد إلى الأزمة المركبة التي نعيشها والتي وصلتنا لمديونية تجاوزت (50) مليار دولار، وبالتالي انعكست وبما لا يدع مجالاً للشك على الفقراء وتقليص من مساحة الحمايات الاجتماعية، ومن أجل التصدي لهذه لسياسات الافقار، رفعنا شعار ونعمل من أجل تحقيقه (نحو أكبر تحالف وطني للدفاع عن عمال الأردن) وندعو كل المعنيين والمدافعين عن عمال الأردن مشاركتنا في بناء هذا التحالف الوطني العمالي، وذلك بإعلان رفضنا لمشاريع التعديلات الجديدة على قانوني العمل والضمان الاجتماعي.
كعمال في إطار الحزب ومعنا اصدقائنا ونحن نحيي هذه الذكرى المجيدة، علينا أن لا ننسى ان هناك في غرب النهر شعب يتعرض لإبادة جماعية وتطهير عرقي من قبل الكيان الصهيوني.
علينا كعمال ان ندق على جدران الخزان ليسمع هذا العالم بان نسب البطالة وصلت في قطاع غزه قرابة ال 100٪ وبالضرورة ان الفقر سيكون بنفس النسبة، هذا عداك عن ما يعانيه عمال الضفة الفلسطينية المحتلة الذين يمارس ضدهم من قبل الاحتلال الصهيوني مزيداً التضييق من خلال الإغلاقات والحواجز والاقتحامات اليومية للمدن والقرى والمخيمات.
إن هذا يتطلب من عمال العالم ان يعطوا الأولوية للتصدي للممارسات الصهيونية اتجاه الشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم عمال فلسطين.
ان حزبنا الذي وجه التحية لعمال الدول الذين رفضوا تحميل او تنزيل السفن المتجهة او القادمة من الكيان الصهيوني. اننا من موقعنا العمالي نطالب العمال العرب وعمال العالم بالضغط على حكوماتهم لعزل هذا الكيان اللقيط وقطع العلاقات معه.
وربما يكون أحد أهم إنجازات حزبنا وعماله المساهمة بتأسيس المنبر العمالي العربي المناهض للإمبريالية والصهيونية والذي يضم في صفوفه تشكيلات عمالية من (12) دولة عربية تحت مسمى (المنبر العمالي العربي)والذي أعلن موقفاً واضحاَ بدعم واسناد مقاومة الشعبين الفلسطيني واللبناني.
في الذكرى (34) لتأسيس حزب العمال الفقراء وعموم الكادحين، نؤكد كعمال بأننا سنبقي على العهد حتى تتحقق اهدافنا المتمثلة في الأردن الوطني الديمقراطي واسترداد الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
عاشت الذكرى ودامت الفكرة.