مقالات

حتمية تحرير فلسطين وزوال الكيان الصهيوني

الأبعاد الاستراتيجية الثلاث لتحرير فلسطين:
البعد الاستراتيجي الأول، هو البعد القومي العربي، ففلسطين جزء من الوطن العربي جزء من بلاد الشام، والشعوب العربية لم ولن تتخلى عن ارض فلسطين مهما طال الزمن ومهما غلى الثمن، فالاستعمار الامبريالي الصهيوني، و»الاستعمار الجديد» صُنوان يَعتاشان على استغلال الشعوب واستعبادها، ومصيرهما واحد هو الاندحار والفناء، كما أن الشعوب العربية اغلبيتها مسلمة، وهذا البعد الاستراتيجي الثاني: أي البعد الديني بالنسبة للشعوب «الإسلامية»، ففلسطين ارض المسجد الأقصى وقبة الصخرة، اولى القبلتين وثالث الحرمين، وارض الاسراء والمعراج، وبالنسبة للمسيحيين والشعوب المسيحية، ففلسطين ارض مقدسة، ومسقط رأس عيسى المسيح، الفلسطيني الناصري ابن مدينة الناصرة، وارض كنيسة القيامة، و»ارض المعمودية» حيث يتم تعميد (اغتسال) المسيحيين بالشريعة «نهر الاردن» وإليها يحجون. والبعد الاستراتيجي الثالث، هو البعد الأممي الدولي: فاستعمار فلسطين هو الحل الإمبريالي الصهيوني «للمسألة اليهودية» الأوربية، بإقامة «دولة يهودية» على حساب شعب فلسطين وإقامة جسم غريب على الأرض العربية، تمزق الامبراطورية العربية، وتمنع وحدة شعوبها، الشيء الذي عارضه مؤسس الاشتراكية العلمية الفيلسوف والعالم الاقتصادي الألماني كارل ماركس. حيث اعتبر أن اليهود جزء لا يتجزأ من شعوبهم ولا دولة خاصة بهم، لذا يشكل الاستعمار الامبريالي الصهيوني «لفلسطين»، النقيض والعدو الرئيسي، لكل الشعوب والقوى التحررية والاشتراكية، لذا فاندحار «اسرائيل» وزوالها حتمية تاريخية، فالإمبريالية ونتوءها «الصهيونية» وكيانها «اسرائيل» هي أعلى مراحل النظام الرأسمالي، واندحارها حتمية تاريخية وقريبة يبشر بها عالم ما بعد كورونا، الذي يبشر بميلاد نظام انساني ديمقراطي جديد.


فهذه الأبعاد الثلاث مبعث حتمية تحرير فلسطين رغم صعوبته، كما يُلوِّح بعظمة الشعب الفلسطيني شعب الجبارين، فالكيان الصهيوني «اسرائيل» مُجمّع امبريالي للسلاح، وأدوات التقتيل والإبادة ووسائل الفتك البشري من السموم والأسلحة البيولوجية، الى السلاح النووي. وتبقى الانتفاضة الشعبية، هي الوسيلة واسلوب المقاومة القمين بالتصدي للعدو الامبريالي الصهيوني المتفوق عسكريا وتقنيا، باشراك اوسع جماهير الشعب الفلسطيني، وبالتالي تعميق وحدته، والتعريف بقضيته عالميا، وفضح أساليب القمع والفتك والإبادة والتمييز العنصري التي يستخدمها الصهاينة «الإسرائيليون»، كما تفضح الانتفاضة الشعبية المنحرفين والمتخاذلين والعملاء والمتسلقين المُندسين، واصحاب القرارات الانفرادية الدكتاتورية المستخفة بالشعب وإرادته، كما ستكون الانتفاضة الشعبية الفلسطينية هي وقود انتفاضات وحِراكات الشعوب الأخرى وعلى الخصوص العربية. وتعمل على إرباك العدو الصهيوني بجيوشه، وتوسع رقعة اشتباكها وتضطرها على أن تقاتل على طول فلسطين وعرضها لحماية المستوطنين مما يُضاعف مهامها ومسؤولياتها. وتعدام الأمن والأمان للمستوطنين وللمستوطنات نفسها، وتكبل حركة المستوطنين وتدفعهم للهجرة المضادة نحو أوطانهم الأصلية. كما أن الانتفاضة ستضاعف من فعالية اسناد الصواريخ الفلسطينية، والعمليات الفدائية. وستتضخم الانتفاضة مع اختطاف المستوطنين والمستوطنات المجندين/ات، الذين ستتكفّل بهم منظمة التحرير الفلسطينية لمبادلتهم بأسرانا وأسيراتنا البواسل.
كما نُؤكد أن الانتفاضة الفلسطينية ستشكل الصاعق الذي سيشعل هشيم المنطقة العربية، فأنظمة «الاستعمار الجديد» المتحالفة والمُطبّعة مع الكيان الصهيوني «اسرائيل» والمصطفة بجانب الامبريالية الصهيونية في استعمار فلسطين، ستصبح كـ»عقارب محاطة بالنيران»، وستتمدد الثورة على كل الأراضي العربية بشعوبها، ونتوقع انفجار انتفاضات لدى بقية الشعوب الإسلامية، ولدى الشعوب الحرّة المناهضة للاستعمار الامبريالي الصهيوني من أجل مناصرة الشعب الفلسطيني.
في العام 1974 أي إثر حرب رمضان 1973م، تبنت منظمة التحرير الفلسطينية خطة البرنامج المرحلي التكتيكية (برنامج النقاط العشرة)، الذي ينص على:
1ـ تأكيد موقف منظمة التحرير السابق من أن القرار 242 يطمس الحقوق الوطنية والقومية لشعبنا ويتعامل مع قضية شعبنا كمشكلة لاجئين. ولذا نرفض التعامل مع هذا القرار على هذا الأساس في أي مستوى من مستويات التعامل العربية والدولية بما في ذلك مؤتمر جنيف.
2ـ تناضل منظمة التحرير بكافة الوسائل وعلى رأسها الكفاح المسلح لتحرير الأرض الفلسطينية، وإقامة سلطة الشعب الوطنية المستقلة المقاتلة عل كل جزء من الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها. وهذا يستدعي إحداث المزيد من التغيير في ميزان القوى لصالح شعبنا ونضال.
3ـ تناضل منظمة التحرير ضد أي مشروع كيان فلسطيني ثمنه الاعتراف والصلح والحدود الآمنة والتنازل عن الحق الوطني وحرمان شعبنا من حقوقه في العودة وتقرير مصيره فوق ترابه الوطني
. 4ـ إن أية خطوة تحريرية تتم هي حلقة لمتابعة تحقيق استراتيجية منظمة التحرير في إقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المنصوص عليها في قرارات المجالس الوطنية السابقة
. 5ـ النضال مع القوى الأردنية الوطنية لإقامة جبهة وطنية أردنية فلسطينية هدفها إقامة حكم ديمقراطي في الأردن يتلاحم مع الكيان الفلسطيني الذي يقوم بنتيجة الكفاح والنضال.
6ـ تناضل منظمة التحرير لإقامة وحدة نضالية بين الشعبين وبين كافة قوى حركة التحرر العربي المتفقة على هذا البرنامج
7ـ على ضوء هذا البرنامج تناضل منظمة التحرير من أجل تعزيز الوحدة الوطنية والارتقاء بها إلى المستوى الذي يمكنها من القيام بواجباتها ومهماتها الوطنية والقومية 8ـ تناضل السلطة الوطنية الفلسطينية بعد قيامها من أجل اتحاد أقطار المواجهة في سبيل استكمال تحرير كامل التراب الفلسطيني كخطوة على طريق الوحدة الشاملة
9ـ تناضل منظمة التحرير من أجل تعزيز تضامنها مع البلدان الاشتراكية وقوى التحرر والتقدم العالمية لإحباط كافة المخططات الصهيونية والرجعية الإمبريالية
10ـ على ضوء هذا البرنامج تضع قيادة الثورة التكتيك الذي يخدم ويمكن من تحقيق هذه الأهداف. و»إقامة سلطة الشعب الفلسطيني الوطنية المستقلة المقاتلة عل كل جزء من الأرض الفلسطينية التي يتم تحريرها»….
اعترافات القمة العربية بالرباط في نفس العام 1974 ب: م.ت.ف «الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني» وفي العام التالي 1975 صدر للأمم المتحدة القرار 3379، الذي يحدد «أن الصهيونية هي شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، وتشكل خطرًا على الأمن والسلم العالميين». وتطلب من كل الشعوب المحبة للسلام التصدي لها، وفي الوقت الذي كان النضال الفلسطيني يشق طريقه نحو النصر والتحرير، كانت «الصهيونية العربية» العميلة، تنخر ما تبنيه م.ت.ف ، وتحويل حرب 1973 من «حرب تحرير الى حرب تحريك» وصولا الى كارثة «كامب ديفيد»1979 قمة الانهزامية والتصهْيُن، وتم اغتيال وتصفية «ياسر عرفات، رئيس م.ت.ف» ومجموعة من قيادات الصف الأول والالتفاف على البرنامج المرحلي، وتحويله من برنامج تكتيكي الى برنامج استراتيجي انهزامي بل وتم إفشاله، وصولا الى «صفقة القرن» وتحويل السلطة الوطنية الى سلطتين ذاتيتين. فالبرجوازية الوطنية الانتهازية حولت النضال التحرري لصراع داخلي، وانشقت السلطة إلى سلطتين واحدة بالضفة الغربية تقودها البرجوازية الوطنية، وتتبنى استراتيجية المفاوضات والحل السلمي، والتنسيق الأمني، والتنكر للكفاح المسلح، والسلطة الثانية البرجوازية الدينية «المتأسلمة» بقطاع غزة. حليفة الأنظمة العشائرية، المتصهينة. الحلف الإمبريالي الصهيوني والنظامي العربي المتصهين العامل على طمس القضية الفلسطينية، يفرض وحدة الشعب الفلسطيني وبناء قيادته الوطنية الواحدة والدمقراطية المقاتلة، وإلغاء اتفاق اوسلو والتنسيق الأمني. ـ وتفعيل م.ت.ف ودمقرطتها لتشمل جميع الفصائل والتنظيمات والفعاليات الوطنية داخل الوطن وخارجه، وتفعيلها كسلطة تقريرية وكممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. ـ وإحياء وتفعيل الجبهة العربية المشاركة، والجبهة الأممية المناهضة للإمبريالية والصهيونية والمناصرة للشعب الفلسطيني.

محمود عبد الرحمن البوعبيدي/ المغرب

بواسطة
محمود عبد الرحمن البوعبيدي/ المغرب
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى