آراء ومقالاتمقالات

جولة صراع حقيقية..  لا تخضع لمشاعر التفاؤل والتشاؤم..

قبل أن يهدأ غبار المعارك، تتعجل بعض أقلام الكتاب والصحفيين بإنتقاد وقف إطلاق النار بعد المعركة التي دامت لأكثر من عشرة أيام، وبعضها تعبر عن تشاؤمها، وتبدي تبرمها وتشكيكها من مآلات الجولة الأخيرة، من الصراع العربي الصهيوني المفتوح.

في الغالب تكون النوايا طيبة، ومستحقة، ولكني لا أتفق مع المنحى العام الذي ذهب إليه البعض من تذمر وتشكيك!!
ما يقال ويكتب في هذة اللحظة التاريخية مهم جدا، وذو تأثير فارق على الرأي العام.. ودور المثقف أن ينتقد، ولكن قبل كل شيء عليه أن يكون وسط الجماهير، يتلمس مشاعرها وأحاسيسها، ويحسن تقديرها وتعظيم دلالاتها الإيجابية، ويسهم في توجيهها لإحداث تراكم في الإتجاه الكفاحي الإيجابي، بإلتقاط الإستخلاصات الإيجابية التي تقربنا من الهدف المأمول.

شعبنا الفلسطيني والعربي، فرح بهذا النصر أو “الإنجاز” كما يرغب البعض أن يسميه.. وشعوبنا تستحق هذا الفرح الجميل والواعي والضروري، وليس من الموضوعية ولا من الحكمة إحباط هذا الفرح وتفجر مشاعر الكرامة والأمل، ومن حق المقاتلين في الميدان وأرواح الشهداء وآلام الثكلى علينا، أن نقف إلى جانبهم ومعهم نواسيهم، ونبارك لهم ولنا هذا الإنجاز.

معسكر أعدائنا الإمبريالي الصهيوني، شرس وواسع، وندرك بأن خيار النضال والانتفاضة له أثمان، ولكنه الضمانة الوحيدة لتحقيق آمالنا وأهدافنا في الحرية والتحرر والإستقلال، بعد أن خبرنا مسارب المساومات والمفاوضات والوهم، وأضعنا  على جنباتها أرواحنا وأرضنا وهويتنا وحريتنا وكرامتنا.

آلاف الجماهير التي خرجت في معظم المدن الفلسطينية والعربية، وخاصة في غزة في حضرة الدماء الحارة، وبين الدمار المرعب وتشييع الشهداء، كانت تقول بأنها تعي حجم التضحيات، وأنها على إستعداد لتحمل كلف النضال على طريق الإنعتاق والإنتصار. نبارك هذا الإنجاز ونمجده، ومن ثم نعمل على المباشرة في تقييم موضوعي وكفاحي لهذه الجولة الساخنة.

في الحالة الفلسطينية إنهزمنا في كثير من المعارك السياسية والعسكرية، ولكننا لم نرفع الراية البيضاء، ولم نهزم حتى الآن على الجبهة الثقافية والأخلاقية، (بعيد وقف إطلاق النار تجمع الشباب الفلسطيني من أنحاء مختلفة من البلاد أمام باب العامود وأنشدوا معا: هبة النار والبارود غنى، وهتفوا للشهداء وللمقاومين، ولم يقولوا يا حسرة علينا!! مواقع التواصل الإجتماعي ضجت بالأغاني الحماسية.. أقوال مثقفينا وقياداتنا الذين كتبوا ورسموا بالدم لفلسطين، تحولت إلى شعارات، وعهود بالإستمرار على الطريق التي رسموها لنا.

في هذه المرحلة ما أحوج نخبنا ومثقفينا بأن يقولوا بأن هذا إنجاز وطني مشرف، يستحق التمجيد والإعتزاز.. ولكن أيضا، كيف نقف معا، لنقيم التجربة، ونتوافق على تحديد السلبيات لنتجاوزها، وكيف نراكم على الإيجابيات ونحولها إلى برامج وطنية، كيف نعيد الألق لميثاقنا الوطني، وكيف نحدد معسكر أصدقائا وأعدائنا بوضوح وجرأة، وكيف نخوض معاركنا القادمة بتحول التحديات إلى فرص.

ندرك بأن وقف إطلاق النار كان يخص القوات العسكرية على جبهات القتال، ولكنه في نفس لن يحد من صعود وبلورة الهوية الوطنية الفلسطينية، ولن يلغي حقيقة تكامل جبهات القتال.

  هو يعني بأنه فرصة حقيقية بعد أن إكتشفنا نقاط قوتنا، ونقاط ضعف عدونا، كيف علينا أن نصعد من كافة أشكال نضالنا وإشتباكنا الجماهيري والسياسي على كل جبهات المقاومة، كيف يزج بكل الطاقات الشعبية الفلسطينينة والعربية في حرب التحرير، وكيف نعيد بناء كياننا السياسي على أسس وحدوية مقاومة، وربطها ببعدنا الحيوي العربي، ونحضّر لمعركتنا القادمة، فهي آتية لاريب في ذلك، ويجب أن ننتصبر فيها.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى