جدلية قانون العمل المؤقت / جهاد المنسي
یتواصل الجدل حول قانون العمل المؤقت لعام 2010 ،وھو جدل متواصل منذ اعوام، سیما في ظل الظروف الاقتصادیة التي باتت تؤثر على العامل وصاحب العمل، وتوسع الجدل بعد ان شرع المشرعون بإقرار مواده وانتھت غرفة التشریع الاولى (النواب) من قراءة مواده، وتم احالتھ الى الغرفة الثانیة (الأعیان) الذین اعادوه الى لجنتھم المشتركة للنظر فیه مجددا.
لم یتوقف الجدل حول القانون المؤقت بین العمال واصحاب العمل، وانما تعداه لجدل بین ممثلي العمال انفسھم، وبین العمال والحكومة من جھة اخرى، ولعل بعض التعدیلات التي اجریت على القانون من قبل النواب ساھمت في ذلك، رغم ایجابیة سوادھا.
من ابرز التعدیلات التي اجریت على القانون المؤقت رفع عدد أیام الإجازات السنویة للعاملین بحسب معیارین؛ 18 یوما بدلا من 14 لمن تقل مدة خدمتھم عن 5 سنوات، و24 یوما بدلا من 21 لمن تزید مدة خدمتھم عن 5 سنوات، ومنح إجازة أبوة للعامل محددة بثلاثة أیام مدفوعة الأجر، وأن تؤسس النقابة من قبل عدد من العاملین لا یقل عددھم عن خمسین، في الصناعة أو النشاط الاقتصادي الواحد أو الصناعات والأنشطة الاقتصادیة المتماثلة أو المرتبطة ببعضھا في الإنتاج، ومنح الحق لاصحاب العمل في أي صناعة أو نشاط اقتصادي لا یقل عددھم عن خمسة وعشرین شخصاً تأسیس نقابة لھم لرعایة مصالحھم المتعلقة بأحكام القانون.
اما التعدیلات الجدلیة التي اثارت لغطا فھي حصر النزاع العمالي بالنقابات فقط، ومنح وزیر العمل سلطة حل النقابة القائمة بعد ان كانت تلك السلطة من اختصاص القضاء، وھو تعدیل أثار لغطا دولیا عبرت عنھ منظمة العمل الدولیة التي قامت بدورھا بمخاطبة الحكومة والقنوات التشریعیة (اعیان ونواب) لجھة الحدیث عن تلك التعدیلات التي اجریت وتعدیلھا.
الملاحظات لا تنحصر في تلك المادة فقط، وانما تتعداھا لأخرى تتعلق بمنح الوزیر حق الموافقة على انشاء نقابات عمالیة جدیدة حیث اعطت التعدیلات للوزیر الحق في انشاء نقابات عمالیة بعد ان كان ھذا الحق محصورا بلجنة ثلاثیة مكونة من الحكومة واصحاب العمل والعمال، وھذا تراه منظمة العمل الدولیة تراجعا عن فكرة ثلاثیة التمثیل الذي تتبناه المنظمة الأممیة ووافقت علیھ الأردن ووقعت علیھ.
جدل ”مؤقت العمل“ مستمر، وما تزال مشتركة العمل والقانونیة في مجلس الاعیان تنظر في التعدیلات بشكل مفصل وھي التي طلبت في وقت سابق بإعادتھ الیھا لمزید من التمحیص، وحقیقیة الامر ان الضعوطات التي مورست من قبل المنظمات الدولیة دفعت للتروي كثیرا قبل اقرار المؤقت بشكلھ الدائم، وبالتالي الدخول في جدل مع منظمة العمل الدولیة.
الحكومة یبدو انھا استوعبت الضغط وتعاملت معھ، وھي تعرف ان ھذا الضغط الذي مورس سیفتح بابا للجمیع سواء اتحاد نقابات العمال او اي جھات اخرى للمطالبة بإعادة النظر في بعض المواد التي یراھا البعض مقیدة للعمل النقابي ویعتبره نقابیون تراجعا للخلف وخاصة في موضوع اللجنة الثلاثیة وسحب حقھا في تسجیل النقابات، او حل النقابة من قبل الوزیر ولیس من قبل السلطة القضائیة.
وفي السیاق لن تكون مطالبات العمال بإعادة النظر في الحد الادنى للاجور والتي ترتفع رویدا رویدا، والمطالبة بدعوة اللجنة الثلاثیة المشكلة من العمال واصحاب العمل والحكومة لإعادة النظر فیھ إلا ممارسة مزید من الضغط على الحكومة التي سیكون علیھا التعامل مع تلك الضغوطات سیما وانھا ترى وتعرف حجم صعوبة الاوضاع الاقتصادیة راھنا، والتي تؤثر على الطبقة العاملة في المقام الاول، وتجعلھم عرضة لضغوطات اقتصادیة واجتماعیة كبیرة في ظل ارتفاع الاسعار وتآكل الأجور.