لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

ثلاثون عام على اشهار رابطة المرأة الأردنية «رما»

في العشرين من تشرين أول «اكتوبر» من العام التاسع والثمانين وتسعمائة وألف كان اشهار رابطة المرأة الأردنية «رما» في الأردن، هذه الانطلاقة كانت واحدة من أوجه العمل التي توجت نضالات المرأة وتحولها من العمل السري الى العلني بعد الانفراج السياسي الذي تلى هبة نيسان من العام نفسه، وللنساء في الأردن تاريخٌ طويلٌ في العمل العام، رغم قلة ما تم توثيقه عن هذه النضالات.
بدأ انخراط المرأة في العمل الخيري يشكل ارتكازة مقبولة لدى المجتمع لدخولها مجالات العمل العام، وتقبل صورة خارج النمطية آنذاك. حيث بدأت نساء الطبقة المتوسطة وزوجات النخبة بتأسيس جمعيات خيرية تؤرخ لعهد جديد في العمل النسوي. جمعية تضامن النساء الاجتماعية التي تأسست سنة 1944، و الاتحاد النسائي الأردني الذي تأسس في عام 1945 شكلتا الباكورة المنظمة للعمل الاجتماعي، الخيري، الصحة والتعليم للمحتاجين. وفي عام 1954 تأسس اتحاد النساء العربيات بقيادة المناضلة ايميلي بشارات والذي أطلق الحملات المطالبة بحق النساء بالتصويت.
شكل تاريخ النكبة الفلسطينية بوابة لتحول عمل المرأة من الخيري الاجتماعي الى السياسي وذلك من خلال مساهمتها في الحركة الوطنية ودعم القضايا القومية، كما أن التقاط الأحزاب اليسارية والسياسية لدور المرأة ساهم في خلق فرص للنساء تتجاوز القواعد الجندرية المفروضة عليها اجتماعيا. حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فسطين التي هي امتداد لها انتهجتا العمل السياسي والعسكري والفكري استدركت منذ البدايات أهمية شراكة المرأة في النضال، فسطرت الرفيقات فيها قصص البطولة أمثال وداد قُمري، ليلى خالد واخريات كثر ناضلن في المجال العسكري والاجتماعي.
منظمة الجبهة الشعبية في الأردن وفي ثمانينات القرن الماضي ارتكزت على إرثها فكان للرفيقات المُنتظِمات بالعمل السري دورهن التنظيمي خاصة في اسناد الرفاق المعتقلين في السجون الأردنية، واستدركن أهمية العمل الاجتماعي مع أسر المعتقلين، فشكلن ما كان يعرف بـ»لجنة أُسر المعتقلين» كما عملن على قطاع الفتيان والفتيات، أسسن لجنة فتيات مخيم حطين وغيرها. من هنا برزت الحاجة لبلورة اطار جماهيري يحمل مسمى غير حزبي يشجع القاعدة الاجتماعية على الانخراط فيه، فكان اسم رابطة المرأة الأردنية «رما» في أواخر الثمانينات بمسؤولية الرفيقة حنان البديري والذي اصبح عنواناً شعبيا ناشط في اتحاد المرأة الأردنية، واللجنة الوطنية النسائية التي كانت تضم ممثلات عن الهيئات النسوية الحزبية والوطنية. إضافة الى العمل في بيوت الرفاق و الرفيقات وفي التجمعات السكانية والمخيمات الفلسطينية، واعتمدت «رما» حينها الندوات التوعوية والتفاعل على الأرض أساس عملها للوصول الى أكبر شريحة ممكنة.
هبة نيسان المجيدة أسست الى كسر حاجز السرية في العمل، برز دور المرأة بشكل لافت سيما الطلابية منها والتي تجاوزت الطبقة الوسطى والنخب فانتقلت المرأة من تحديات العمل السري والملاحقات الأمنية الى تحديات أبرز اجتماعية اضافية تُلقى على كاهلها.
الانفراج السياسي والميثاق الوطني الأردني في العام 1989 والانطلاق اتجاه العمل العلني، فكان العشرون من تشرين أول من عام 1989 هو الاشهار الرسمي العلني لرابطة المرأة الأردنية «رما» كذراع جماهيري لمنظمة الجبهة الشعبية في الأردن.
حملت الرفيقات هذا الإرث النضالي فيما بعد التحول الى حزب الوحدة الشعبية الأردني فحافظت على هذا الإطار الجماهيري النسوي مؤمنة بأن نضالات المرأة جزء لا يتجزأ من نضالات المجتمع و لذلك فهي تناضل جنباً إلى جنب مع الرجل من أجل الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و من أجل ضمان قوانين و أنظمة و تشريعات عادلة.
«رما» التي تحتفل اليوم بالذكرى الثلاثين للإشهار، جزء من منظومة العمل السياسي والاجتماعي في الوطن، مرّت بالمد والجزر، النهوض والتراجع. محاولات دمقرطة العمل السياسي والنهوض بالأحزاب الى الان لم تصل الى الانفراج الكامل للعمل السياسي، إضافة الى دور اتفاقيات الاستسلام مع الكيان الصهيوني أوسلو و وادي عربة و ما سببته من حالة احباط عام وتراجع بالنضال الوطني بالعموم ألقى بظلاله على عمل الأحزاب وأذرعها الجماهيرية، مع الإشارة الى عودة العديد من القيادات النسوية الى الداخل الفلسطيني المحتل، وبالتالي كان هناك بعض فترات التراجع في عمل «رما» وتغيير في آليات عملها وصيغة خطابها الجماهيري.
ضمت «رما» أسماء لها تاريخها العريق في النضال السياسي والثوري أمثال المناضلة حنان البديري، حنان العلان، يسرى الكردي، أمينة دحبور، ميسر المحسيري، ماجدة أبو يمن، نورا أبو بكر، خلود الرمحي، حكمت هلسه، نعمة القدسي، وهناك رفيقات غابت أجسادهن وبقي عطرهن مقبولة عطيوي، سحر الريماوي، أميمة الخواجا، عايدة جابر وغيرهن. واللافت في عملية البحث عن أسماء الرفيقات المؤسسات في الهيئات الأولى عدم معرفة الرفيقات بأسمائهن الحقيقية وانما الألقاب والأسماء الحركية وهي الطريقة المفروضة عليهن في فترة عملهن السري، وهذا ما يبرر قلة الوثائق والتوثيق عن تلك الفترة المزدهرة.
هذا الإرث النضالي الذي تشرفت بمسؤوليته في فترة سابقة قريبة، هو أمانة مازال حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي يحمل رايته …
التحية لرابطة المرأة الأردنية ودورها المستمر وكل كل عام وصوتنا نضال وثورة.

بواسطة
رانيا لصوي
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى