ثقافة الإحباط
حجم الإحباط الذي يعيشه المواطن العربي بشكل عام والأردني بشكل خاص، لم يشهده التاريخ العربي المعاصر منذ هزيمة حزيران التي تصادف ذكراها الخمسين هذه الأيام.
جولة صغيرة على شبكات التواصل الاجتماعي، أو متابعة حوارات زملائك في العمل أو أصدقائك في الجامعة تكفي لتكشف لك كيف أن هذا الإحباط أصبح يعشعش في عقولنا ويتغلغل فينا دون مقاومة تذكر.كيف لا نحبط ووطننا العربي منقسم على ذاته بين طائفية ومذهبية .. دول تستخدمنا أدوات وتخوض معاركها عبرنا .. مليارات الدولارات من خيرات العرب تذهب لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي من أزمته .. انتقال مشروع تقسيم سورية من الخرائط الجغرافية إلى أرض الواقع ..
سلطة وهمية في رام الله تهرول للاستسلام والتخلي عن المشروع الوطني الفلسطيني، أملاً في كسب رضى السيد الأمريكي .. أحزاب وقوى تتصارع من أجل منصب هنا أو امتياز هناك “لا يغني ولا يسمن من جوع” .. وحكومة أردنية لا تأل جهداً في سبيل إفقار المواطن الأردني وتحصين منظومة الفساد دون رقيب ولا حسيب.
أخطر ما في هذا الإحباط هو أن يتحول من مجرد شعور لحظي إلى سلوك يومي يتم تعزيزه والبناء عليه .. أخطر ما في هذا الإحباط أن يصبح ثقافة يستسهل من خلالها المواطن العربي التخلي عن دوره في مواجهة التحديات التي تواجه أمته، تحت شعار “نحن في زمن المسخ” كما قال زكي بيك الدسوقي في رواية عمارة يعقوبيان.
ثقافة إحباط تعمل وسائل إعلام عربية وغربية على تكريسها، ابتداءً من طريقة صياغة الأخبار مروراً بالبرامج والتحليلات وانتهاءً بالمسلسلات والأفلام. إعلام يعمل على هدم كل ما هو إيجابي والهجوم على كل مبادرة تحاول الارتقاء بوعينا واستنهاض عزيمتنا.
ثقافة بدأت تتغلغل بين صفوف المناضلين والناشطين، بل والقوى والأحزاب التقدمية والوطنية ومؤسسات المجتمع المدني، ستؤدي إلى مزيد من التهميش لدورها. دور مطلوب من الأحزاب والقوى أن يكون مضاعفاً في ظل حالة الإحباط والانكسار الذي يعيشه الشارع العربي. دور معول عليه لأنها الوحيدة التي تحمل مشروعاً قادراً على انتشال الأمة من مستنقع الهزيمة والتخلف الذي تعيشه.