تقرير لجنة ( الفوسفات ) .. إلى أين ؟
استأثر شعار محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين بالجزء الأكبر من جهد الحراك الشعبي في الآونة الأخيرة وذلك لقناعة الحراك وقواه السياسية أن النسبة الكبرى من المديونية وما تمثله هذه المديونية من أعباء على كاهل المواطن الأردني كان للفساد نصيب الأسد في تكوينها.
وأن الفساد كظاهرة بات ينخر في جسد الدولة الأردنية وروحها، وبات الكل على قناعة أن الحديث عن الإصلاح بدون فتح ملفات الفساد هو أقرب ما يكون إلى خداع الذات.
وتماشياً مع الاهتمام الشعبي بكشف الفساد ومحاكمة الفاسدين، وفي محاولة منه لتبييض وجهه في الآونة الأخيرة، تظاهر مجلس النواب بفتح ملفات الفساد وإيهام الرأي العام سعيه لمحاسبة كل من أقدم على سرقة المال العام.
إلا أن هذه الصورة سرعان ما تبددت عندما كشف المجلس النيابي عن عجزه عن التعامل الشجاع بالإمساك بأهم ملفات الفساد (موضوع الفوسفات) وذلك بعدم تحويل التقرير المقدم من لجنة التحقيق النيابية إلى القضاء.
كنا ولا زلنا نرى أن محاكمة المتورطين في موضوع الفساد مسألة لها بعدان؛ بعد يتمثل في محاسبة نهج الخصخصة وما مثله من مخاطر على بنية الدولة ودورها. والبعد الآخر، محاسبة الفساد المالي والإداري، لكن إخفاق المجلس في التقاط هذه المسألة بقدر ما كشف عن هشاشة المجلس كشف عن مدى مطواعيته أمام الضغوط الخارجية الأمر الذي يدلل هنا بوضوح شديد أن ما بني على باطل لن تكون مخرجاته إلا باطلة وأن فاقد الشيء لا يعطيه.
وإذا كنا نؤكد على أن رهاننا على مجلس النواب لم يكن إلا في حدوده الدنيا فإننا نرى أن على الحكومة القيام بمسؤوليتها الوطنية والإصغاء جيداً لصوت الشعب الذي يطالب بمحاسبة كل من تسبب بتبديد ونهب ثرواته الوطنية.
إن مناقشة تقرير الفوسفات داخل مجلس النواب كانت ميداناً حقيقياً للصراع بين القوى الإصلاحية وقوى الشد العسكي التي رأت في ذلك الموضوع مساساً بها وبمصالحها. الأمر الذي يدفعنا للاعتقاد أن القدرة على إنجاز المهمات الوطنية والديمقراطية والنجاح في محاربة الفاسدين وتحقيق الإصلاح مرهون باستمرار الحراك الشعبي وتضافر كل القوى الطامحة لمحاربة الفساد وبناء الأردن الديمقراطي الأردن الحديث.