تقرير حول إضراب المعلمين ومطالبهم العادلة
في ظل تلاحم شعبي واسع، تواصل نقابة المعلمين الأردنيين إضرابها للأسبوع الثالث على التوالي، للمطالبة بعلاوة الخمسين بالمئة على الراتب الأساسي، مصحوباً بسلسلة من الوقفات الإحتجاجية في عدد من المحافظات و التي لاقت مشاركة شاسعة من جمهور المعلمين، إلتزاماً بقرار نقابتهم، بالإضافة لمشاركة شعبية من مختلف مؤسسات المجتمع المدني و الأحزاب و النقابات الأخرى. يعد مطلب المعلمين بالعلاوة أحد البنود الأساسية التي قدموها للحكومة عام ٢٠١٤ بعد حراك مطلبي كبير لتأسيس نقابتهم، و على إثر تفاهمات حكومية-نيابية بتلبية مطالبهم على فترات زمنية، و الموافقة على تأسيس نقابة لهم، أوقف المعلمون حراكهم المطلبي.
الأستاذ عرفات بلاسمة، عضو الهيئة المركزية لنقابة المعلمين الأردنيين، يؤكد في حديثه لـ نداء الوطن أن علاوة الـ٥٠٪ التي تطالب بها النقابة تأتي لتحقيق أدنى درجة من العيش الكريم للمعلم الأردني، و ما ترويج الحكومة لـ «علاوة الـ ٢٥٠٪» و ربطها بالمسار المهني، سوى حوافز لا علاوة، يستحقها المعلم حسب أدائه و عطائه. و يضيف بلاسمة بخصوص المسار المهني؛ مجلس النقابة ليس ضد المسار المهني بما يرتبط بالحوافز لا العلاوة التي تضمن حياة الكفاف للمعلم، لكن ليس بالشكل الذي قدمته الحكومة، لأن ذلك سيضع على كاهل المعلم مصاريف اضافية، كـ ثمن الدورات غير المدفوعة و الكثيرة، و التي يشترط أن يتلقاهى المعلم كي يتقدم في تقييمه المهني، بالإضافة الى جملة من التفاصيل التعجيزية و عدم فهم محددات اختيار الجهات المسؤولة عن التقييم.
العقلية الأمنية التي تعاملت مع المعلمين المطالبين بحقوقهم بسلميّة و رقيّ، من خلال فض اعتصامهم على الدوار الرابع في الخامس من أيلول، و اغلاق الطرق أمام آخرين، و ما مارسته الحكومة من اعتقال و اعتداء بحقهم، هو الذي قاد النقابة لقرار الإضراب العام، هكذا كان تصريح نائب نقيب المعلمين د.ناصر نواصرة.
الدكتور سعيد ذياب، أمين عام حزب الوحدة الشعبية، يؤكد أن الحكومة لم تتعامل مع مطالب المعلمين بحس سياسي، بقدر ما تعاملت معهم بحس أمني و سعي محموم لتأليب فئات المجتمع على بعضها، و رغم ذلك إن النجاح الكبير الذي حققته نقابة المعلمين بمشاركة واسعة مع اعلانها الإضراب، و دخول الإضراب اسبوعه الثالث بزخم و تماسك أكبر، يدلل على أن الإضراب في جوهره ليس من أجل العلاوة فحسب، و إنما هو صرخة احتجاجية على نهج الرضوخ الحكومي لتوجيهات صندوق النقد الدولي المتمثلة بوقف أو تقنين الإنفاق الحكومي و بشكل خاص قطاعيّ التعليم و الصحة.
طيلة فترة حراك المعلمين و اضرابهم، كان دور وزارة التربية و التعليم هو الصدمة الكبرى لدى الطيف الأكبر من المعلمين و المجتمع بشكل عام، فلم تبدي الوزارة أي نيّة حقيقية للوصول الى نقطة تفاهم مع المعلمين، ذلك بعد أن رفضت مراراً طلب النقابة للقاء معها قبل الخروج للشارع.
الأستاذ تامر البواليز، عضو نقابة المعلمين، يؤكد بهذا الخصوص أن موقف وزارة التربية و التعليم ممثلة بالدكتور وليد المعاني يؤكد على أن الوزارة ليست ذات سيادة بتحقيق مطالب المعلمين، ففي الوقت الذي كان يجدر بالوزارة استدراك الوضع و طرح حلول حقيقية تحفظ كرامة المعلم، لم يكتفِ الوزير كما سابقيه بإتباع سياسة الحياد، بل ذهب بشكل غير مسبوق بالثناء على قمع الحكومة و إهانتها للمعلمين المعتصمين على الدوار الرابع، و هذا التصرف كان الأكثر إيلاماً لعموم المعلمين و المجتمع الأردني.
يضيف الأستاذ تامر البواليز، بخصوص دور لجنة التربية في مجلس النواب، و يؤكد أن مجلس النواب برمته فاقد للثقة الشعبية، و دوره في قضية المعلمين جاء تحت عنوان «الوساطة» و لكن جوهره و ما قدمه من حلول، كان يصب لمصلحة الحكومة و دليل ذلك أن معظم الحلول المقترحة كانت تقفز عن مطلب النقابة بعلاوة الـ٥٠٪.
دولة الدكتور عمر الرزاز، بعد غياب مريب منذ انطلاق مطالب المعلمين إلى الشارع، خرج بلقاء على التلفزيون الأردني عكس من خلاله الوجه الحقيقي للرأسمالية النيوليبرالية، و وجه تهديدات مبطنة للمعلمين، مؤكداً عدم قدرة خزينة الدولة على تلبية مطالبهم.
الرفيق محمود مخلوف، مسؤول لجنة المعلمين في الدائرة المهنية لحزب الوحدة الشعبية، يؤكد أن مبررات الحكومة حول عدم قدرتها على تلبية مطالب المعلمين، هي نتاج املاءات صندوق النقد الدولي و غياب دولة الإنتاج لصالح الخصخصة و الإعتماد على المساعدات و تحويلات المغتربين و الضرائب العديدة. و يضيف مخلوف أن مجلس النقابة قدم الكثير من الحلول للحكومة خلال الفترة الماضية، بما يضمن عدم استنزاف الخزينة، و حفظ حق المعلم من جهة أخرى، مؤكداً أن موقف النقابة لا يقبل أي مساومة على مطلب العلاوة، و يعتبره حجر الأساس لأي حوار مع الحكومة، داعياً كافة القطاعات و المؤسسات و المجتمع لمواصلة تأييدهم لمطالب المعلمين المحقة، لما لموقفهم من دور مهم في تصليب موقف النقابة و دعمها في حراكها المطلبي المحق.
بيانات مؤيدة لمطالب المعلمين صدرت عن مؤسسات و نقابات و أحزاب، و بيانات أخرى لقطاعات مختلفة طالبت بعلاوات و تحسين للظروف الإقتصادية على غرار المعلمين، كل ذلك في ظل توجيهات صندوق النقد الدولي للأردن بضرورة خفض فاتورة القطاع العام، دون التدقيق بحجم رواتب كبار الموظفين بالنسبة للسواد الأعظم لبقية الموظفين.
الدكتور سعيد ذياب، الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، يؤكد أن حراك المعلمين بمجمله يعكس حالة التوحد السياسي و الإغتراب لهذه الحكومة عن المجتمع و قضاياه الملحة، فالتفاعلات التي تجري تدلل على أن اضراب المعلمين ليس مجرد فعل محصور في شريحة من المجتمع، بقدر ما هو الـ باروميتر الذي يقيس مقدار ما فعلت السياسات الإقتصادية الحكومية فعلها من ضرر و تدمير مجتمعي، و يضيف ذياب أن شرائح مجتمعية أخرى كالأطباء و المهندسين الزراعيين سينخرطوا في النضال الديمقراطي من أجل تحقيق مطالبهم ضد حكومة لم تحترم تعهداتها و التزاماتها.