تغييب الدور الوطني للنقابات المهنية .. إلى متى؟!
- حجاوي: قوى داخل النقابات المهنية تعمل على تمزيق وحدة العمل النقابي
- أبو حسان: فلسطين هي بوصلتنا وهي القادره على أن تجمعنا مهما اختلفنا
في العدوان الصهيوني على غزة عام 2008، ومع أول غارة صهيونية عليها، لم يحتج الناشطون في عمان للكثير من الوقت لإقرار فعالية تضامنية أو غيرها والبحث في آليات المسيرة ومسارها ومكان التجمع .. الخ. فبعد ساعتين من الغارة الأولى تجمع مئات الناشطين والمواطنين في مجمع النقابات المهنية لينطلقوا في مسيرة نحو رئاسة الوزراء.
النقابات مقر للفعل الوطني
كان مجمع النقابات المقر الدائم للفعل الوطني الأردني سواء في القضايا المحلية أو قضية فلسطين أو القضايا العربية. وكلنا يتذكر جيداً الملتقى الوطني للنقابات المهنية والأحزاب والشخصيات الوطنية الذي كان يقود الحركة الوطنية في الأردن ويعقد إجتماعاته في مجمع النقابات المهنية. وقد لعب هذا الملتقى دوراً كبيراً في تحريك الشارع الأردني والضغط على الحكومات المتعاقبة في الحرب الأمريكية على العراق والانتفاضة الفلسطينية الثانية وتحرير أسعار المحروقات.
إلا أن هذا الدور لمجمع النقابات المهنية ومجالس النقابات تراجع بشكل كبير وملحوظ مع بداية الحراك في الشارع الأردني والعربي، بل إننا لم نسمع صوتاً لمجلس النقابات طيلة فترة الحراك باستثناء مسيرة أثناء هبة تشرين صاحبتها إشكاليات وانسحب منها عدد من النقباء.
كما اكتفى مجلس النقباء ومجمع النقابات بحملات تبرع بالدم في مواجهة العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة، وهو فعل تستطيع أي منظمة أو جمعية خيرية عمله!!
أحداث سورية وانقسام عامودي
يؤكد الدكتور هاشم أبو حسان نقيب الأطباء والعضو في مجلس الأعيان أنمجلس النقباء لم يغب أبداً عن القضايا الوطنية والعربية وإن كان دوره أقل مما نطمح إليه. وأشار إلى أن مجلس النقباء واكب مجتمعاً وأحياناً كل نقابة كانت تعمل بأسلوبها ومن خلال لجانها وبما يملي عليها التزامها الوطني.
ويضيف بأن ما أضعف دور مجلس النقباء خلال الفترة الماضية هو الخلاف حول ما يجري في سوريا ومصر مما أدى الى التوافق بعدم الخوض في القضايا الخلافية لعدم تعميق الشرخ.
الدكتور طارق حجاوي عضو مجلس نقابة الأطباء الأسبق وعضو دائرة الرقابة الحزبية في حزب الوحدة الشعبية يتفق مع ما ذهب إليه أبو حسان من أن الرؤى السياسية المختلفة بين أعضاء المجالس أدت إلى انقسام بين وجهات نظر مختلفة. حيث أن أحداث سوريا والعراق واليمن وفلسطين ومجمل المواقف على الساحة العربية والمحلية، أدت إلى ضعف شديد في تقييم مجالس النقابات لما يجري وأصبح هناك إنقساماً بين وجهات نظر مختلفة واتخاذ الموقف الموحد إزاء مجمل القضايا العربية والوطنية.
إلا أن حجاوي لفت إلى محاولات الحكومة والأجهزة الأمنية التدخل المباشر في شؤون النقابات لحرفها عن مسارها الوطني، ما أدى لإضعاف دور النقابات المهنية أولاً وانعكس ذلك على دور المجالس النقابية، إضافة إلى وجود قوى داخل النقابات المهنية لديها الاستعداد الكامل للعمل على تمزيق وحدة العمل النقابي خصوصاً في القضايا المفصلية “أجندات خاصة” لأن النقابات المهنية ومجالسها المتعاقبة تضم في صفوفها ما يزيد على (150) ألف نقابي مسؤولين عن أكثر من نصف مليون مواطن أحياء وأموات، إضافة إلى ما يزيد على نصف مليار دينار أردني موجودات هذه النقابات.
فلسطين وعودة الدور الوطني للنقابات
يؤكد الدكتور هاشم أبو حسان أن “فلسطين هي بوصلتنا ووحدها القادرة على أن تجمعنا مهما اختلفنا معتبراً أنه يجب على كافة القوى النقابية أن تتوحد اليوم تحت شعار الأقصى، مشيراً إلى أن لنقابة الأطباء مشاركة واسعة في فعاليات نصرة المسجد الأقصى والقدس والتي تتعرض لهجمة صهيونية شرسة وغير مسبوقة.
فيما يرى الدكتور حجاوي أنه كلما تصاعد النضال الوطني الفلسطيني بكافة أشكاله وعلى رأسه المقاومة الوطنية المسلحة والتصدي للعصابات الصهيونية والمستوطنين، وربط هذا النضال مع نضالات الأحزاب القومية واليسارية، حيث أن الرئة الأساسية التي يتنفس منها الشعب الفلسطيني هي البُعد القومي، فإن حدة التناقضات بين النقابات المهنية ستخف، ستعود ثانية إلى لعب دورها الوطني والقومي.
إعادة إحياء الملتقى الوطني
يرى أبو حسان نقيب الأطباء صعوبة صعوبة في إعادة إحياء الملتقى الوطني للنقابات والأحزاب، مستدركاً أنه يتمنى إحياءه، إلا أن الخلافات الجوهرية حول العديد من القضايا الوطنية والعربية بين الأطياف الحزبية المختلفة سواءً القومية واليسارية والإسلامية، تجعل من الصعوبة بمكان إعادة إحيائه.
إلا أنه أكد على أن مجلس نقابة الأطباء جاهز للتنسيق مع الجميع فيما يتعلق بقضية فلسطين. معتبراً “أن هذه قضيتنا ولا نقبل الصمت حيالها” وأن “المستقبل سيكون أفضل من الماضي وأمانة المسؤولية تقتضي أن يلتقي الجميع على برنامج وطني واضح المعالم لا يوجد فيه مغالبة بل مشاركة”.
الدكتور طارق حجاوي رأى أن إعادة إحياء الملتقى يعتمد على مدى تجاوز الأحزاب والنقابات والشخصيات الوطنية إلى مجمل الخلافات الداخلية ومحاولة إعادة الاعتبار إلى بناء الجبهة الوطنية العريضة على قاعدة برنامج وطني مشترك سياسياً واجتماعياً وثقافياً، وتجاوز التناقضات الصغرى، لصالح التناقضات الكبرى، إن ما يجري في الساحة العربية يدمي القلب ويعيدنا إلى عند الاستعمار والتبعية.
تاريخ لا يرحم
عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، يتفق الجميع على ضرورة توحيد الجهود لدعم الشعب العربي في فلسطين، ولكن يبقى الأهم هل ستكون النقابات المهنية على مستوى الحدث في القدس بشكل خاص وفلسطين بشكل عام؟ المسؤولية التاريخية تقع على عاتق الجميع والتاريخ لا يرحم.