تعديلات على نظام المساهمة المالية للأحزاب يفرض الرقابة على مؤتمراتها
أقر مجلس الوزراء مشروع نظام معدل لنظام المساهمة في دعم الأحزاب السياسية لسنة 2016. وجاء مشروع النظام, الصادر بمقتضى المادة 28 من قانون الأحزاب السياسية رقم 39 لسنة 2015, بهدف زيادة مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية وتشجيع وصول الأحزاب البرامجية إلى البرلمان، الأمر الذي من شأنه الارتقاء بالمؤسسة البرلمانية فضلاً عن دعم الأحزاب التي تشكل ائتلافات حزبية تجمعها المبادىء المشتركة.
ويشير الأستاذ عبدالعزيز الزبن رئيس لجنة الأحزاب في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية، إلى أنه بموجب النظام تكون المساهمة المالية المقدمة للحزب 50 الف دينار سنوياً مع إمكانية استفادة الحزب من مبلغ إضافي بما لا يزيد على 50 ألف دينار شريطة أن يثبت الحزب أن مرشحيه المعلنين قد غطوا نسبة لا تقل عن 35 بالمائة من عدد الدوائر الانتخابية وأن يثبت الحزب أن لديه مرشحين انتسبوا إليه قبل مدة لا تقل عن سنة واحدة من موعد الانتخابات النيابية ويستثنى من ذلك الأحزاب التي لم يمض على ترخيصها مدة سنة.
ما الجديد في نظام المساهمة المالية؟!
ولفت الزبن في حديثه لـ نداء الوطن إلى أن النظام الساري المفعول حالياً يقدم دعماً للأحزاب السياسية يصل إلى 100 ألف دينار لكل حزب: 50 ألف للمصاريف العمومية و50 ألف أخرى تقدم بشكل إضافي وبشروط وأسس معينة ومعايير محددة وفي الحالات التالية:
1_ عدد النواب في المجلس النيابي على شرط أن يكونوا حزبيين قبل بسنة على موعد الترشح.
2_ يستطيع الحزب الحصول على مبلغ إضافي 5 آلاف دينار لكل مقر جديد بعد المقر الخامس.
إلا أن نظام المساهمة الذي صدر قي 2008 والذي صدر في 2012 –وفق الزبن- جاءا خاليين من تقديم أي دعم لغايات الانتخابات والحملات الانتخابية الحزبية.
ويؤكد الأستاذ الزبن “معالي الوزير طلب وضع تصور جديد هو نظام المساهمة في دعم الأحزاب وربط موضوع المساهمة في الانتخابات النيابية والمشاركة فيها، ونتائج الانتخابات النيابية.” ومن هنا جاءت التعديلات الأخيرة على نظام المساهمة المالية للأحزاب، والتي اشتملت وفق الزبن على رفع الدعم المقدم لغاية 100 ألف دينار، وهذا تطور وتقدم إلى الأمام في دعم الأحزاب السياسية مربوط ببعض القواعد والأسس التي من شأنها رفعة الأحزاب السياسية وانطلاقها إلى الجماهير والميادين، وفتح باب أوسع من مشاركة المواطنين في الأحزاب السياسية.
فيما يرى الرفيق نضال مضية نائب الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني أن من يتابع السلوك الحكومي تجاه الأحزاب والحياة الحزبية بشكل عام، قلّما يعثر على مؤشرات كافية تؤكد أن الحكومة معنية أو مهتمة بتطوير الحياة الحزبية والسياسية إجمالاً، بحيث تتوفر بيئة حاضنة لتنمية الحياة السياسية، تنعكس إيجاباً على الحياة الحزبية.
ويرى الرفيق مضية أن الحكومة تسعى على الدوام أن تحشر أنفها في كل ما له صلة بنشاط الأحزاب. وما إن تنجح الأحزاب في حشد رأي عام أو رأي نيابي ضاغط يحد من التدخل الحكومي في الحياة الداخلية للأحزاب. حتى تحاول الحكومة التسلل مجدداً من باب خفي أو خلفي للقيام بهذا التدخل.
معتبراً أنه لا يمكن مناقشة التعديلات الأخيرة التي طرأت على نظام المساهمة المالية للأحزاب السياسية إلا في هذا السياق.
ولفت مضية في اتصال هاتفي أجرته معه نداء الوطن إلى أن النظام بقي بعد التعديلات كما كان قبلها يحدد أوجه صرف هذه المساهمة المالية، ويحصرها ضمن نطاق المصاريف الجارية للأحزاب من أجور مقار ونفقات تشغيل ورواتب، وليس هناك ذكر، مثلاً للنفقات المتعلقة بالنشاطات السياسية للأحزاب، أو ما له علاقة بنشر سياسة الحزب والمطبوعة الحزبية التي تستنزف من الحزب الذي يواظب على إصدار صحيفة أو نشرة إعلامية جزءاً كثيراً من إيراداته.
واعتبر نائب الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني أن نظام المساهمة المالية للأحزاب يشكل رافعة من روافع التدخل الحكومي في الشؤون الداخلية ويفرض قيوداً لا مبرر لها على النشاط الحزبي، وهو أحد عوائق تطور الحياة الحزبية في البلاد.
مندوب حكومي “غير مرغوب به” في مؤتمرات الأحزاب
قد يكون أهم ما جاء في التعديلات على نظام المساهمة والذي سيتم العمل به مع بداية شهر أيلول من هذا العام، هو التعديل الذي يشترط على الأحزاب حضور مندوب حكومي لمؤتمراتها على أن يتم عقد هذه المؤتمرات سنوياً.
ويرى الرفيق نضال مضية أن الأحزاب التي تسمى “تاريخية” دأبت ولا زالت على عقد اجتماعات سنوية منصوص عليها في أنظمتها الداخلية تسمى مجالس حزبية أو كونفرنس حزبي، وهذه الاجتماعات ضرورية لمراجعة سياسات الحزب وأدائه التنظيمي والسياسي العام، معتبراً أن هذه الأحزاب ليست في حاجة لنص قانوني يذكرها بأهمية هذا الإجراء والتدبير التنظيمي الهام.
واعتبر مضية أن النص على عقد مؤتمر حزبي في النظام المالي، هو في غير محله، حيث أن المؤتمر والقضايا التي يجب أن يناقشها منصوص عليها في النظام الداخلي للحزب الذي اعتمد رسمياً عند التأسيس. وهناك نص على أن يعقد المؤتمر مرة واحدة كل أربع سنوات. فما هو التصرف حيال هذا التعارض بين ما ينص عليه النظام الداخلي للحزب وما ينص عليه النظام المالي.
واستغرب الرفيق مضية من أن يكون حضور مندوب حكومي يتم بموجب نظام مالي وليس وفق قانون الأحزاب، معتبراً أن أي محاولة من جانب الحكومة لحضور مندوبيها أي اجتماع داخلي للأحزاب سيواجه برفض أقله من جانب حزبنا، وسنواجه مثل هذا التوجه. إن حضور مندوب “التنمية السياسية” لاجتماع حزبي داخلي، هو حضور غير مرحب به، وسيكون حضوراً غريباً وثقيلاً وشديد الوطأة على سير عمل هذه الاجتماعات.
ويؤكد مضية على أن تمويل الأحزاب من موازنة الدولة، هو حق وليس منّة من جانب الدولة إزاء الأحزاب، التي هي إحدى مؤسساتها الهامة، وأن المساهمة المالية للأحزاب يجب أن تتم بموجب قانون يقره البرلمان وليس وفق نظام يتم تعديله على هوى وزير أو مسؤول، وسيبقى إقرار مثل هذا القانون أحد المطالب الرئيسة لتطوير الحياة الحزبية.
وطالب مضية الحكومة بالكف عن التعامل مع الأحزاب السياسية، كما لو كانت قاصرة وبحاجة إلى وصاية ورقابة حثيثة عليها وعلى نشاطها، وأن على الحكومة أن تحترم الأنظمة الداخلية للأحزاب، التي تعبر عن توافق أعضاء الحزب على نصوصها، وهي أنظمة تتماشى مع الدستور ومع قانون الأحزاب، والا لمّا تم الترخيص للحزب، ولمّا تمكن من ممارسة نشاطه السياسي بصورة علنية.
وختم الرفيق نضال مضية حديثه لـ نداء الوطن بالتأكيد على ثقته بأن الأحزاب السياسية التي نشاطرها قناعات سياسية وفكرية متماثلة ستقف صفاً واحداً في مواجهة الفقرات السلبية الموجودة في نظام المساهمة المالية للأحزاب وستعمل بصورة جماعية ومشتركة على إلغائها.
ورغم استفسار نداء الوطن الذي وجهته لرئيس لجنة الأحزاب في وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية السيد عبدالعزيز الزبن حول حضور مندوب من الوزارة مؤتمرات الأحزاب وربط ذلك بالتمويل الحكومي لهذه الأحزاب، إلا أن السيد الزبن تراجع عن الإجابة على استفسارنا بهذا الشأن.