تطبيع من أجل حفنة دولارات .. هل تصبح الخيانة وجهة نظر؟؟
مشهدان ظهرا على السطح بالتزامن مع ذكرى معاهدة وادي عربة، المشهد الأول: قيام مجموعة من المزارعين بالاعتصام أمام وزارة الزراعة احتجاجاً على قرار حكومي بوقف تصدير الزيتون إلى الكيان الصهيوني. والمشهد الثاني هو توجه 150 شاباً أردنياً إلى إيلات للعمل هناك وفق تصاريح عمل يومية تقدمها لهم حكومة العدو، كخطوة أولى لتوظيف 1500أردني.
تزامن هذان الحدثان مع ذكرى وادي عربة لا يعني شيئاً للمعتصمين أمام وزارة الزراعة أو العاملين في إيلات، بل إن السواد الأعظم منهم قد لا تستهويه لغة التاريخ والأرقام إلا ما تعلق منها بأرقام الأموال التي سيجنيها من التعامل مع الصهاينة.
ولكن يبقى الأهم، أن هذه الأفعال وقعت في ظل اجتياح واستباحة صهيونية للقدس والحرم المقدس، وقتل وحرق للشعب الفلسطيني توأم الشعب الأردني وشقيقه الأقرب إلى قلبه، ما يطرح تساؤلاً كبيراً: ما هي الأسباب التي تجعل مزارعين قد يكون آباء بعضهم قد استُشهدوا على يد جيش العدو الإسرائيلي، وما الذي يجعل من شباب شارك بعضهم – على الأرجح – في مسيرات تطالب بإلغاء معاهدة وادي عربة، للتوجه إلى إيلات ليس من أجل محاربة إسرائيل، وإنما من أجل العمل والنهوض في اقتصاد الكيان؟!
هل يكفي الحديث عن الطمع في المزيد من الأموال لتبرير رغبة بعض المزارعين بتصدير زيتون إلى أعدائهم؟! وهل الفقر والبطالة والعوز أسباب كافية ليعمل هؤلاء الشباب لدى من يعتبرونهم أعداء الله والوطن؟!
السؤال الواجب طرحه هو: هل ستتحرك اللجنة الوطنية لمجابهة التطبيع لأخذ دورها الوطني والريادي؟ هل ستلتقي اللجنة بالمزارعين وتكشف لهم مخاطر التعاطي مع هذا الكيان وأن الصهاينة يشترون زيتكم ليبيعونه للسوق الأوروبية على أنه زيت فلسطيني وبأسعار مضاعفة؟ هل ستعمل اللجنة على كشف أسماء السماسرة من شخوص وشركات تغرر بشبابنا وتبيعهم في سوق النخاسة الصهيوني بأثمان بخسة؟
أما الأحزاب والمؤسسات الوطنية من نقابات ومؤسسات مجتمع مدني، فمطالبة بتعزيز الوازع الوطني المعادي للكيان الصهيوني في ظل منظومة حكومية تعمل منذ سنوات على زرع ثقافة (السلام والتعاون المشترك). هذا الوازع الذي أبقى التطبيع محصوراً في طابعه الرسمي ومنع انتشاره على المستوى الشعبي رغم كل المغريات الرسمية الأردنية والصهيو-أمريكية.
لا يمكن تبرير ما فعله المزارعون أو ما يفعله الشباب العاملون في إيلات، ولكن في المقابل، فإن على الحركة الوطنية الأردنية أخذ دورها كي لا يصبح ما حدث أمراً واقعاً و”طبيعياً” وأن لا نصل لمرحلة تصبح فيها الخيانة وجهة نظر.