تصريح صحفي صادر عن الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني
أُعلن قبل أيّام في الجريدة الرّسمية، ومن خلال وسائل الإعلام، عن قرار التفسير رقم 1 لسنة 2020 والصادر عن المحكمة الدستوريّة، بعد أن طلب مجلس الوزراء تفسير المادة 33 من الدستور الأردني، فيما إذا كان يجوز إصدار قانون يتعارض مع الالتزامات المقررة على أطراف معاهدة صادقت عليها المملكة بمقتضى قانون، أم أن المعاهدات الدوليّة التي يتم إبرامها بمقتضى المادة الدستورية المذكورة في طلب التفسير، لها قوّتها الملزمة لأطرافها ويتوجّب على الدول احترامها.
ونصّ قرار التفسير الصادر عن المحكمة الدستوريّة، والمتعلّق بالمعاهدات المبرمة في إطار المادة 33 من الدستور، على أنّه “لا يجوز إصدار قانون يتعارض برمّته مع الالتزامات المقرّرة على أطراف معاهدة كانت المملكة قد صادقت عليها بمقتضى قانون (…) [و]لا يجوز إصدار قانون يتضمّن تعديلًا أو إلغاءً لأحكام تلك المعاهدة (…) [و]إن المعاهدات الدوليّة لها قوّتها المُلزمة لأطرافها ويتوجّب على الدّول احترامها، طالما ظلّت قائمة ونافذة…”
هذا يعني، وبشكل مباشر، أن الاتفاقيّات التي أُبرمت خارج إطار المادة 33 من الدستور، مثل اتفاقيّات استيراد الغاز من العدوّ الصهيوني، يمكن للحكومة أن تُلغيها، كما يمكن للحكومة أن تُصدر قانونًا بشأنها يتعارض مع الالتزامات المقرّرة فيها، وينهيها مرّةً وإلى الأبد، خصوصًا وأن هذا الأمر يدعمه قرار سابق للمحكمة الدستوريّة، وهو قرار التفسير رقم 2 لعام 2019، والذي نصّ على أن “الاتفاقيّات [وهي هنا اتفاقيّة استيراد الغاز من العدو الصهيوني، بحسب نص السؤال الحكومي] التي تبرمها شركات مملوكة بالكامل للحكومة [وهي هنا شركة الكهرباء الوطنيّة، بحسب نص السؤال الحكومي] لا تدخل في مفهوم الاتفاقيّات المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 33 من الدستور…”
بناءًا عليه، فإن الحملة الوطنيّة الأردنيّة لإسقاط اتفاقيّة الغاز مع الكيان الصهيوني (غاز العدو احتلال)، تضع الحكومة وأصحاب القرار اليوم، وبعد هذين القرارين من المحكمة الدستوريّة، أمام مسؤوليّاتهم التاريخيّة، من أجل الرجوع النهائيّ والفوريّ عن الخيانة المتمثّلة بتسليم أمن ومستقبل الأردن في مجال الطاقة للصهاينة، والجريمة المتمثّلة بدعم الإرهاب الصهيونيّ بالمليارات من أموال دافعي الضرائب الأردنيّين، بواسطة اتفاقيّة تسحب مليارات الدولارات من جيوب مواطنينا المُفقرين، ومن اقتصادنا المُنهك، وتضخّها لدعم الإرهاب الصهيوني ومشاريعه الاستيطانيّة والتوسعيّة، ولتمكينه من تهديد أمننا ومصالحنا الاستراتيجيّة، وذلك بإصدار أمر دفاع يُلغي اتفاقيّات استيراد الغاز من العدوّ، خصوصًا وأن جائحة الكورونا تمثّل فرصةً ذهبيّة لن تتكرّر أمام أصحاب القرار لإلغاء هذه الاتفاقيّات.
فعلى الصعيد الصحيّ: يُمكّن إلغاء اتفاقيّات الغاز أصحاب القرار من تحويل مئات ملايين الدولارات التي ستُبدّد على تمويل دفعات هذه الصفقات، إلى اقتصادنا المحليّ، لتحصينه في مواجهة آثار الجائحة، وتوفير التمويل اللازم للقطاع الصحّي.
على الصعيد الاقتصاديّ القريب والمتوسّط المدى: ستخلّف هذه الجائحة ركودًا وأزمة اقتصادية يمكننا تجاوزها جزئيًّا باستثمار المليارات التي كانت ستذهب لدعم الاقتصاد الصهيوني وإرهابه، في مشاريع محليّة، خصوصًا في قطاع الطاقة المتجددة، وقطاعات إنتاجيّة تُعنى باحتياجاتنا المحليّة المباشرة، مما سيخلق عشرات آلاف فرص العمل لمواطنينا ممن يرزحون تحت وطأة البطالة والفقر، الأمر الذي سيخفّف آثار الأزمة الاقتصاديّة أو يحيّدها، ويحصّن اقتصادنا المحليّ.
على الصعيد السياسيّ: يستغلّ الصهاينة انشغال العالم بجائحة كورونا لتسريع وتيرة الاستيطان، وتسريع مشاريع ضمّ مناطق الضفّة الغربيّة وغور الأردن وشمال البحر الميّت، وهنا علينا ألا ننسى أن اتفاقيّات الغاز مع العدو تمثّل دعمًا مباشرًا لما يُسمّى “الاستيطان غير المشروع”، وخرقًا للقانون الدولي، ودعمًا لجرائم الحرب (المتمثلة بالاستيطان)، نظرًا لأن جزءًا كبيرًا من أموال هذه الصفقات يصبّ في “مجموعة ديليك” الشريك الرئيسيّ في ائتلافات استخراج الغاز الفلسطيني المسروق، والوارد اسمها في القائمة التي أصدرتها الأمم المتحدة للشركات التي تخرق القانون الدولي عبر عملها في، ودعمها، لـ”الاستيطان غير المشروع” في فلسطين المحتلة عام 1967. الردّ السياسيّ على هذا التصعيد الصهيوني بتهديد مصالح الأردن الاستراتيجيّة وضمّ الضفّة الغربيّة وغور الأردن وشمال البحر الميّت وتسريع وتيرة الاستيطان، يكون بإلغاء اتفاقيّات الغاز فورًا.
على صعيد الضغوط الخارجيّة الأميركيّة: من الثابت أن صفقات الغاز مع العدو قد وُقِّعت تحت ضغوط مباشرة من الإدارة الأميركيّة. الآن كل العالم مشغول بنفسه وبالتحدّيات التي تتطلّبها مواجهة الانتشار السريع لفايروس كورونا المستجدّ، وبإيجاد حلول للأزمات الاقتصاديّة التي ستخلّفها الجائحة، في نفس الوقت الذي صعد إلى سدّة البيت الأبيض رئيس يدعم بشكل واضح “انسحابًا” أميركيًّا من العالم وتركيزًا على الداخل الأميركيّ. هذه الظروف تشكل فرصة حقيقيّة ذهبيّة تمكّن أصحاب القرار في الأردن من الانسحاب من اتفاقيّات الغاز مع العدو دون التعرّض لضغوط أميركيّة كبيرة.
على صعيد الإطار القانوني وتجنب الشرط الجزائي: يشكّل الظرف الطارئ الحالي والذي تم بموجبه تفعيل العمل بقانون الدفاع، إمكانيّة لن تتكرّر لإلغاء اتفاقيّات الغاز فورًا، ومن خلال “أمر دفاع” يصدر عن رئيس الوزراء، استنادًا إلى الظروف الاستثنائية الحالية، واستنادًا إلى قرارات المحكمة الدستوريّة، واستنادًا إلى المبررات المختلفة المذكورة أعلاه، ورغبة من الحكومة بتحويل جميع الموارد المتاحة لمواجهة جائحة كورونا، وتخصيص جميع الموارد لتعزيز إمكانيّات واقتصاد الأردن في مواجهة تبعاتها، ويمكن تجاوز الشّرط الجزائي بالاستناد إلى خروقات شركة “ديليك” للقانون الدولي بحسب قائمة الأمم المتحدة المذكورة اعلاه، وبالاستناد إلى المادة رقم 4.2.8 من اتفاقيّة استيراد الغاز من العدو والتي تمكّننا من إنهاء العمل بالاتفاقيّة في حال “وقوع البائع في إعسار يتوقع بشكل معقول أن يؤثر سلبًا وبشكل جوهري على أداء البائع لالتزاماته بموجب الاتفاقية”، وذلك بعد أن انهار سعر سهم شركة نوبل إنرجي، وانهارت قيمتها السوقيّة إثر انهيار أسعار النفط بسبب جائحة كورونا.
إن الحملة الوطنيّة الأردنيّة لإسقاط اتفاقيّة الغاز مع الكيان الصهيونيّ (غاز العدو احتلال)، والتي تتشكّل من ائتلاف عريض من أحزاب سياسيّة، ونقابات عماليّة ومهنيّة، ومجموعات وحراكات شعبيّة، ومتقاعدين عسكريّين، وفعاليّات نسائيّة، وشخصيّات وطنيّة، تؤكّد أن هذا الظرف الاستثنائي الذي يمرّ به الأردن، والقرارات التي أصدرتها المحكمة الدستوريّة، تفتح نافذة استثنائيّة لن تتكرّر، تُمكننا من إيقاف هدر أموال المواطنين دافعي الضرائب على اتفاقيّات الغاز التي لا حاجة لنا به، وإيقاف دعم الإرهاب الصهيوني دون وازع من ضمير أو أخلاق، وإيقاف مشروع تسليم الأردن ومواطنيه للصهاينة؛ واستعادة أموال هذه الصفقات لصالح الاقتصاد المحلي والمواطن الأردني وجهود مواجهة جائحة كورونا ومواجهة الآثار الاقتصاديّة المترتّبة عليها، في ظرف محليّ وإقليميّ ودوليّ نادر يسمح بذلك، فهل سيفعلها أصحاب القرار؟