تسارع حكومي في التطبيع وفي قمع مناهضيه: لقاءات أكاديمية واتفاقية الغاز على أعتاب التنفيذ
شهد الأردن في الأيام القليلة الماضية تسارعاً رسمياً في التطبيع مع الكيان الصهيوني، فبعد قمع اعتصام “جك” بالقرب من سفارة الكيان الصهيوني ومنع إقامته بعد أكثر من أربعة سنوات على انطلاقته، إضافة إلى منع فعالية التجمع الشبابي والطلابي لمواجهة التطبيع “اتحرك” في شارع الرينبو، ومنع إقامة خيمة تضامنية مع الأسرى في مخيم الوحدات، قامت الجهات الرسمية في هذا الأسبوع بخطوات تطبيعيىة أكثر جرأة تمثلت بعودة ملف استيراد الغاز الطبيعي من الكيان الصهيوني إلى الواجهة عبر اجتماع الحكومة الأردنية مع شركة نوبل إنرجي المسؤولة عن مشروع استيراد الغاز الصهيوني. كما أعلنت أمانة عمان عن انضمامها إلى مشروع 100 مدينة مرنة الممول من عائلة روكفلر الصهيونية ولقاء لأكاديميين صهاينة مع وزراء سابقين وأكاديميين أردنيين.
تراجع الحراك: الفرصة الذهبية لتسويق التطبيع
ويرى الدكتور أحمد العرموطي رئيس اللجنة الوطنية العليا لمجابهة التطبيع أن هذه الخطوات تؤكد على الموقف الرسمي الداعم لعمليات التطبيع مع العدو الصهيوني والرافض للإرادة الشعبية التي ترفض كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني.
ويضيف العرموطي في حديثه لـ نداء الوطن، أن الحكومة لا تزال تسير في هذا الاتجاه بالرغم من المعارضة الشعبية ومعارضة حتى بعض النواب في موضوع التطبيع مع الكيان الصهيوني في ما يخص شراء الغاز.
فيما يلفت الدكتور إبراهيم علوش رئيس جمعية مناهضة الصهيونية وحماية الوطن في حديث لـ نداء الوطن، إلى أن الحكومة لم تكتف بالتسارع بالتطبيع، بل هنالك تسارع في قمع مناهضي التطبيع، وهذا كله يعطينا صورة بأن الأردن الرسمي قرر أن يفرض التطبيع شعبياً بالقوة فلم يعد يكتفي بالتطبيع الرسمي.
ويؤكد علوش على أن هذا التسارع يترافق مع تراجع في حالة الحريات العامة في البلاد وفي مؤشرات الفساد، هذه الحزمة من التطبيع (القمع والوضع الاقتصادي) مجتمعة، تعطينا صورة عما يجري من تدهور في الحالة السياسية في البلاد والمزيد من الارتهان للإمبريالية الأمريكية وللرجعية العربية. لافتاً إلى أن هذا الأمر له بُعد إقليمي وليس محلياً فقط.
ويشير أمين عام حزب الوحدة الشعبية الدكتور سعيد ذياب، إلى أن التطبيع لم يتوقف منذ توقيع معاهدة وادي عربة، وإن تراوح بين فترة وأخرى بين مدّ وجزر، وارتبط هذا المدّ بعاملين؛ دور القوى الشعبية العربية بشكل عام، والأردنية بشكل خاص. والعامل الآخر يتعلق بدور وتماسك النظام الرسمي العربي ومؤسساته.
ونوّه ذياب في اتصال أجرته معه نداء الوطن، إلى أنه كلما شهدنا تراجعاً في الحركة الشعبية العربية وتراجعاً في دور وتماسك النظام الرسمي العربي، فإن الحكم يندفع كثيراً باتجاه التطبيع، وهذا تبدى بشكل واضح في الاتفاقات الأخيرة ذات الطابع الإستراتيجي كاتفاقية الغاز واتفاقية ناقل البحرين. وتزداد خطورة هذا التوجه وهذه الاتفاقات، إذا علمنا أن التطبيع هو مرتكز أساسي للسياسة الصهيونية يستهدف إضعاف وضرب المناعة العربية الرافضة لوجود هذا الكيان الصهيوني.
مواجهة التطبيع ومسؤولية الحراك الشعبي العربي
هذ االتسارع في التطبيع وفي استهداف الناشطين المناهضين له، يستوجب على القوى الوطنية أن تلتئم لدراسة الوضع وأن تخرج بخطة عمل للتصدي لهذا التغول في عودة القبضة الأمنية وتزايد حالة الفساد وتراجع الوضع الاقتصادي، وفق ما صرّح به الدكتور علوش، مضيفاً إلى أنه “لا بد من مجموعة خطوات احتجاجية على تراجع الحريات العامة وتزايد التطبيع مع الكيان الصهيوني.”
فيما يرى الدكتور سعيد ذياب أن على القوى الوطنية في عموم الوطن العربي وليس في الأردن فقط، أن تقرأ جيداً مخاطر التطبيع وانعكاس ذلك على واقعها الداخلي، وتربط التصدي له بالتصدي والمطالبة بتصويب الأوضاع الداخلية لأقطارها.
محذراً من أن تنامي التطبيع دائماً ما يصاحبه تراجعاً في الحريات العامة والديمقراطية والتنمية الاقتصادية، والعكس صحيح، إن تقلص التطبيع بل والتخلص منه، يقود إلى مزيد من الحريات العامة وإلى مزيد من التحرر من التبعية وبناء الاقتصاد المستقل.
وأقرّ الدكتور أحمد العرموطي بأن القوى الوطنية كانت سابقاً في موقف أوضح وأقوى في مواجهة التطبيع عند توقيع اتفاقية وادي عربة، وكان هناك نشاط مقاوم للتطبيع أفضل بكثير مما هو عليه الآن، داعياً كل هذه القوى السياسية والاجتماعية والوطنية لإعادة تنسيق موقفها من مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني.