مقالات

“تختيم الفواتير” طريقة جديدة للتهرب الجمركي والضريبي

بنظرة بسيطة على قوانين الموازنة الأردنية، تستطيع ملاحظة أن جانب الإيرادات ينقسم إلى إيرادات محلية ومنح ومساعدات خارجية، وأن جانب الإيرادات الضريبية من الإيرادات المحلية يفوق ما نسبته 59% من مجموع الإيرادات العامة ويفوق ما نسبته 70% من مجموع الإيرادات المحلية.

فبناءً على قانون الموازنة العامة لعام 2015، فإن مجموع الإيرادات العامة بلغ 7.408 مليار دينار أردني، تنقسم إلى إيرادات محلية مقدرة بقيمة 6.210 مليار دينار أردني، ومنح ومساعدات خارجية مقدرة بقيمة 1.128 مليار دينار أردني. هذا وتقدر قيمة الإيرادات الضريبة بقيمة 4.730 مليار دينار أردني، والإيرادات المحلية غير الضريبية مقدرة بقيمة 1.910 مليار دينار أردني.

ويشكل موضوع التهرب الضريبي والتهرب الجمركي، أحد أهم مصادر استنزاف الميزانية، حيث “تتفنن” بعض الجهات والأشخاص في ابتكار آليات للتهرب الضريبي والجمركي.

أحد أشكال هذا التهرب، ما يحدث في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وقيام البعض بالتهرب الضريبي من خلال التهرب الجمركي، حيث يتم ذلك من خلال البضاعة التي يتم إدخالها إلى منطقة العقبة من خارجها بكونها منطقة اقتصادية خاصة. يقوم التاجر الموجود بالعقبة باستيراد بضاعة من مدن المملكة المختلفة، وهنا يتم الاتفاق، بأن يتم إصدار فاتورة تحمل إسم التاجر العقباوي بقيمة وكمية أكبر من الفعلية، ليتم ختمها من جمارك العقبة، وبالتالي، يحصل المُورّد على نسخة الفاتورة المختومة والذي بدوره يستطيع استرداد قيمة ضريبة المبيعات على هذه الفاتورة من دائرة ضريبة الدخل والمبيعات، وذلك لأن أي بضاعة يتم إدخالها إلى منطقة العقبة الاقتصادية، هي بضاعة معفاة من ضريبة المبيعات، وبالمقابل يحصل التاجر العقباوي على حسم كبير من قيمة البضاعة الفعلية مقابل هذه الفاتورة الوهمية التي يقوم بختمها من دائرة الجمارك في العقبة، وهذا بدوره ينعكس على ضريبة الدخل المترتبة عليه ويخفض قيمتها الفعلية. هذا الأسلوب منتشر بين تجار العقبة ويعرف بإسم ” تختيم الفواتير “.

تقدّر قيمة الإيرادات الجمركية بـــ 1.6 مليار دينار أردني لعام 2015 وبقيمة مقدرة 1.57 مليار دينار أردني لعام 2014 وبقيمة مقدرة 1.5 مليار دينار أردني لعام 2013، وذلك باعتبار سنة 2010 سنة أساس. وقد تم تقدير نسبة قضايا التهريب الجمركية المحصلة إلى العدد الكلي للبيانات بنسبة مقدرة 1% للأعوام من 2012 ولغاية 2017 باعتبار سنة 2010 سنة أساس (موقع الجمارك الأردنية – الموازنة العامة للجمارك الأردنية) وما يعنيه ذلك من مشكلة حقيقية تنعكس بالضرورة على البُعد الضريبي.

لقد أصبحت مشكلة التهرب الضريبي مصدر قلق حقيقي للدولة لما تعنيه هذه الأرقام من دلالة خطيرة على الموازنة العامة الذي انتشر بشكل كبير في الأردن حيث بلغ لعام 2011 ما يقارب 800 مليون دينار(دائرة ضريبة الدخل، 2012)، التي لو حُصّلت لغطت ما يقارب 69% من عجز الموازنة العامة لنفس العام الذي بلغ 1.16034 مليار دينار أردني (دائرة الموازنة العامة، 2011)، ولخفّضت ما يقارب 4% من دين الدولة الذي بلغ 21 مليار أردني، حسب ما أظهرته بيانات وزارة المالية الأردنية. ومن المتوقع أن يصل التهرب الضريبي ما يقارب 1.57 مليار دينار أردني نهاية عام 2015 (دراسات صندوق النقد الدولي)، الذي لو حُصّل هذا المبلغ، لغطى عجز الموازنة بالكامل وحقق فائض في الموازنة ما قيمته 1.032 مليار دينار أردني، ولخفض هذا الفائض ما يقارب 6.9% من دين الدولة، الذي من المتوقع أن يبلغ نهاية العام الحالي 23 مليار دينار أردني.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى