آراء ومقالات

تحديات كورونا المستجدة والحلول الضرورية

مع تزايد الحالات المؤكدة المصابة بفيروس كوفيد 19، وتزايد عدد الحالات الجديدة غير معروفة المصدر، والانتقال إلى حالة التعايش مع فيروس مستوطن وعدوى مجتمعية، ورصد تصاعدي في عدد الإصابات ضمن صفوف الكوادر الصّحية في القطاع العام، وبشكل رئيسي في مستشفى البشير، الذي يشكل الرئة الرئيسية ضمن شبكة مستشفيات وزارة الصحة، فقد أصبح لزاماً على الحكومة وضع سيناريوهات متعددة لمواجهة تطور الحالة الوبائية، وارتباطاً بكل سيناريو توضع خطة للتعامل مع كل واحدٍ منها.

 دائماً يجب الاستعداد المسبق والوقائي لأصعب السيناريوهات، حتى نضمن أقل الخسائر وأفضل النتائج، بأقل الكلف البشرية، والمادية – الاقتصادية – الاجتماعية، فاللجوء لوضع مستشفيات القطاع الخاص تحت تصرف وزارة الصحة لتتحول إلى جزءٍ من منظومة القطاع الصحي العام مؤقتاً، خلال فترة الجائحة، وتسخير بناها التحتية وإمكاناتها البشرية والكادرية لخدمة هدف احتواء الجائحة وآثارها، مع الحفاظ (الضروري والحيوي) على حالة التوازن التي تضمن استمرار علاج الحالات المرضية الأخرى بنفس نوعية ومستوى الرعاية الصحية العلاجية التي كانت تقدم سابقاً، أصبح خياراً واقعياً يجب أخذه بعين الإعتبار. هذا الخيار يقترب مجازاً من مفهوم “تأميم مؤقت” أو ما يشابه ذلك، رُغم أن هذا المفهوم قد يثير حفيظة وتخوف البعض، لكنه أحد الخيارات الواقعية الممكنة.

من ضمن الخيارات التي يمكن العمل بها أيضاً، بناء المستشفيات الميدانية المجهزة عُدداً وكوادرَ متخصصة للتعامل مع حالات كورونا، ولنا في تجارب دولٍ أخرى عديدة لجأت لهذا الخيار نموذجاً ناجحاً أدى الغرض.

الموضوع ببساطة “أمن صحي وطني” يتطلب الاستعداد لاحتواء أي ارتفاع في عدد الحالات يفوق قدرات مستشفيات وزارة الصحة على استيعابها، ما يعني الحاجة للبحث عن صيغ وخيارات مختلفة توفر حلولاً استثنائية، لظروف وتحديات استثنائية، ولا ضير من العمل بها كمخرج واقعي وضروري، سيسجل كخطوة جريئة ومؤشر نجاح في إدارة الازمة لحين تجاوز الحالة الوبائية بسلام.

هذه الخيارات الواقعية، والضرورية من وجهة نظرنا، ولا يُقبل أن يستمر العمل بعقلية البزنس في ظل الأزمات والجوائح الكبرى، فالنموذج الليبرالي الإقتصادي الجديد في رسم وإدارة الإقتصاد الوطني عجز عن إيجاد حلول أمام التحديات الصحية الجائحية الكبرى التي مثلتها كورونا في معظم الدول، كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها.

الآن تظهر الحاجة الماسة لاستعادة الدولة لدورها في الهيمنة والسيطرة على الخدمات الصحية العلاجية، واعادة الاعتبار الاستراتيجية، للقطاع الصحي العام، ومراجعة فلسفة صياغة بنود الموازنة العامة لتتضمن أولوية “رفع نسبة وحصة وزارة الصحة من الموازنة العامة” للضِعف كحدٍ أدنى، طبعاً إضافة إلى رفع حصة قطاع التعليم العام.

بواسطة
د.عصام الخواجا
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى