بيانات وتصريحات الحزب

بيان صادر عن اللجنة المركزية لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني

الزلزال السوري

بسقوط النظام السوري، تدخل سوريا مرحلة شديدة الخطورة والغموض، خاصة وان قوى إقليمية ودولية تتنافس وبشكل قوي على صياغة حاضر ومستقبل سوريا، وبالرغم من ان الكثير من المعلومات لا تزال غامضة سواء لجهة العمليات العسكرية المفاجئة او لجهة انسحابات الجيش غير المبررة، او خروج الرئيس بشار المفاجئ، إلا ان تفسير الأحداث لا يستقيم بدون ربط كل هذه التطورات المتسارعة بمشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي تحدث عنه نتنياهو كثيرا. 

أولاً: من المفيد، بل والضروري التوقف امام الدور الذي لعبته سوريا في المرحلة السابقة كجزء من محور المقاومة، وما هو مستهدف من السلطة الجديدة. ثانياً: طبيعة النظام الذي سينبثق بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يسعى اليه نتنياهو

مشروع “الشرق الأوسط الجديد” لم يبتدعه نتنياهو، بل أن كونداليزا رايز كانت أول من صرحت به عام 2006، وان كانت الفكرة قد بشر بها قبل ذلك برنارد لويس، المؤرخ البريطاني الامريكي الجنسية، حيث اشار امام الكونجرس عام 1983 من ان الحل الامثل للمنطقة العربية يكون بتقسيم الدول العربية على اساس مذهبي وعرقي وبالتالي يتسنى للغرب السيطرة والتحكم بها.

بعد طوفان الاقصى، وحرب الكيان الصهيوني الاجرامية ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة تحديداً، والحرب العدوانية على لبنان أعلن نتنياهو بوضوح أن حربه وسعيه يستهدف إعادة بناء شرق اوسط جديد. لكن ما هي خصائصه وأهدافه من وجهة النظر الصهيونية – الأمريكية؟

اولاً: تثبيت الكيان كقوة اقليمية مهيمنة في المنطقة من خلال تطبيع العلاقة مع دول المنطقة العربية ودمج الكيان الصهيوني “إسرائيل” في الاقليم.

ثانياً: تقسيم الدول العربية باستخدام الصراعات المذهبية والعرقية.

ثالثاً: السيطرة على الموارد الطبيعية من غاز ونفط وثروات طبيعية ومقدرات ضخمة.

رابعاً: استغلال الدعم الامريكي والغربي اللامحدود لتوجيه ضربات مؤلمة لقوى محور المقاومة بهدف القضاء عليه أو إضعافه إلى الحد الذي يجعله غير قادر على إعاقة مشروع “الشرق الأوسط الأمريكي الصهيوني”.

في هذا السياق كانت حرب نتنياهو وكيانه المفتوحة على لبنان والتدمير الممنهج لمناطق نفوذ وحضور المقاومة اللبنانية، وحجم الاغتيالات التي طالت قيادات الصف الأول والثاني وعلى رأسهم سماحة السيد حسن نصر الله، ما دفعه إلى الاعتقاد بتحقيقه الانتصار، الا ان صمود المقاومين الاسطوري وإفشالهم لعدوانه البري في الحافة الحدودية لجنوب لبنان لمدة شهرين، منعه من التحقيق الفعلي في الميدان لتلك الصورة التي سعى الى تكوينها.

أهم أسباب سقوط النظام السوري:

  1. هجوم “هيئة تحرير الشام” والمجموعات المتحالفة معها، ما كان له ان يتم بدون دعم وترتيب أمريكي إسرائيلي تركي.
  2. حالة الحرب التي أنهكت واستنفذت قدرات الجيش العربي السوري على امتداد 13 عاماً.
  3. تَكَشَفت محاولات منظمة لتحييد الجيش ودفعه للاعتكاف وعدم المواجهة، سواء بسبب الفساد والفوضى، أو بسبب تردي الحالة الاقتصادية وصعوبتها.
  4. غياب الحريات قاد الى خسارة النظام للحاضنة الشعبية التي كان بإمكانها حمايته.                                                                                                                                                                                                                       
  5. التفاهمات بين بعض القوى، دولية وإقليمية (الدول المؤثرة وذات نفوذ في سوريا)، في نطاق حالة صراع المصالح والنفوذ بينها، ومكمن المصالح الاستراتيجية لهذه الدول في المنطقة وعليها.
  6. الضربات القاسية التي تعرض لها محور المقاومة، وساهمت في تبلور واقع جديد حُيدت فيه إيران وروسيا بشكل كبير، مع الفوارق الواضحة بين الطرفين وحساباتهما ودورهما، استخدمته تركيا والولايات المتحدة والكيان الصهيوني للسير باتجاه فرض أمر واقع جديد أصبحت فيه سوريا مقسمة في السيطرة على حاضرها وقرارها بين ثلاثة قوى؛ التركي، الأمريكي ، والصهيوني “إسرائيل”.
  7. التردد الروسي بعدم تقديم المساعدة اللازمة وبالحجم المؤثر في منع حدوث الانهيار، بسبب انشغاله الكبير في الأزمة الاوكرانية.
  8. إيران كذلك، لم يكن تدخلها ممكنا لانكشاف قواتها امام سلاح الجو الاسرائيلي، وبروز تباينات مع النظام السابق.
  9. تردد النظام في خياراته، وإظهار استعداده للتجاوب مع “العروض العربية” مقابل الدعم ورفع الحصار، مما خلق حال من الشك والقلق داخل المحور.

الاخطار التي تحيط بسوريا:

  • لا شك أن أبرز الاخطار هي تقسيم سوريا على اساس عرقي ومذهبي، وما يرجح هذا الاحتمال هو القوى المقررة، وهي امريكيا و”إسرائيل”، وان كانت تركيا تبدي تحفظا على هذا الخيار، خشية من تبلور كيان كردي في الشمال وانعكاس ذلك على الامن القومي التركي.
  • طبيعة النظام الجديد وما يمكن ان يبرز من تناقضات بين القوي العلمانية والدينية والصراعات داخل المجموعات العسكرية ذاتها.
  • موقف المجموعات المسلحة من الكيان الصهيوني وقابليتها لمهادنته والتطبيع معه مما يضع سوريا خارج دائرة المقاومة.
  • ما يثير القلق كثيراً موقفها من فصائل المقاومة الفلسطينية، وتسامحها مع التوسع الاحتلالي “الاسرائيلي” في الأراضي السورية (احتلالاً وعدواناً جوياً) وسعية لتوسيع احتلاله للمناطق الجنوبية من سورية المتاخمة لحدود لبنان مقترباً من طريق دمشق بيروت، وتدمير كل مقدرات الجيش السوري، لجعل سوريا ضعيفة غير قادره حتى على حماية نفسها ووحدة ترابها في المستقبل.
  • الخلل في الموقف باعتبار إيران وحزب الله معسكراً للأعداء، وتجنب الاشارة الى الكيان الصهيوني كعدو محتلاً لفلسطين ولمساحات واسعة من الأرض السورية، حيث أكدت بوضوح تصريحات القوى الجديدة الحاكمة في سوريا نيتها بعدم التعرض للكيان الصهيوني وعدم الدخول في مواجهة مع دولته “إسرائيل”.
  • تدمير مقدرات الشعب السوري وجيشه العربي من قبل الكيان الصهيوني دون رادع، يعكس جوهر المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني والإحلالي (الاستعماري التوسعي)، ودون احتجاج أو رفض حازم أو مؤثر من قوى الحكم الجديد في سوريا، أو من قبل الدول العربية مجتمعة أو فرادى.
  • الضخ الاعلامي الصهيوني (والإعلام العربي المتصهين) والذي يستهدف حرف اهتمام الجماهير عن حقيقة الصراع مع المشروع الصهيوني الاحتلالي ، الذي يتوسع ويحتل أرضا عربية سورية جديدة كل يوم ، ويصعد من حملة الابادة ضد شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة، وما زال يعتدي على لبنان وينتهك اتفاق وقف اطلاق النار، ويلهي جماهير أمتنا بتغطية أجزاء من فسيفساء المشهد السوري الجديد واعتماد “خبر الاثارة” على حساب الرؤية للوضع الجديد الذي نقل سوريا من محور المقاومة إلى محور التبعية للتركي والأمريكي والكيان الصهيوني، وعلى حساب القضية المركزية للأمة العربية، قضية فلسطين.
  • إن وجهة نظرنا لحاضر ومستقبل سوريا ينطلق من أن مستقبل سوريا يرسمه ويحدده الشعب السوري القائم على إرساء نظام وطني ديمقراطي مقاوم ومناهض للصهيونية والهيمنة الأمريكية.
  • إن خطورة ما يتم العمل عليه من خلال الحملة الديبلوماسية المكوكية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ويشاركها مجموعة من دول الإقليم المرتهنة للأمريكي وسياساته إنما تدعو الى هدف رئيسي واحد، وهو التخلي عن المقاومة نهجاً وفكراً وممارسة. ونحن بدورنا نؤكد على أن استمرار المقاومة وعدم الاستسلام، هما الراية والهادي لمسيرتنا.

الأردن والزلزال السوري

  • نحن هنا، في الأردن، الأكثر قربًا لسوريا، فاستقرار سوريا وأمنها مصلحة أردنية. ولكي ندرك حجم الأثر المترتب على الأردن، لا بد من الإشارة إلى إن مليون ونصف لاجئ سوري استضافهم الأردن، وحجم التبادل التجاري بين سوريا والأردن الذي وصل قبل عام 2011 إلى 615 مليون دينار، استمر بالتراجع حتى وصل الى 65 مليون دينار عام 2021. كما أن الأردن عانى من الإرهاب الداعشي ودفع ثمنًا لذلك من دماء أبنائه.
  • إن سوريا بما تمثله كحجر الرحى في المنطقة، واستقرارها من عدمه سيترك أثره على الأردن. ونعتقد أن على الأردن التزام الحذر من حالة عدم الاستقرار والمشاريع التي يمكن أن تشهدها سوريا، وانعكاسها على الوضع في الأردن.
  • الأردن وبحكم الجوار مع سوريا والجوار مع فلسطين فإن التغييرات في الموقف السوري من التطبيع مع الكيان سيكون له الأثر الكبير على على الموقف الأردني.

حكومة جديدة

بعد اجراء الانتخابات البرلمانية، رحلت حكومة بشر الخصاونة غير مأسوف عليها، بعد أربع سنوات ثقال عانى فيها الأردنيون من وطأة تراجع الحريات ومن سياسة الجباية التي اعتمدتها. ولعل ما نشاهده من زيادة معدلات الفقر والبطالة لأكبر دليل على تلك السياسة.

إن مجيء حكومة جعفر حسان لم يكن ليثير فينا التفاؤل والارتياح لأن بيانها الوزاري لم يتضمن جديدًا، بل هو تأكيد على ذات النهج الاقتصادي الذي كان السبب في ايصال الأردن الى هذا الحال الاقتصادي، ونعتقد أن الرشاقة اللغوية لم تنجح في إضفاء جمالية وتحولاً في المضمون، لأننا كنا نأمل أن تتعهد في بيانها باحترام حرية التعبير والحريات العامة وتتعهد بإعادة النظر في التشريعات التي كبلت حرية التعبير، وتسببت في اعتقال العديد من الشباب والشابات الأردنيات.

نحن بحاجة الى رؤية واضحة في كيفية استقدام الاستثمار والمستثمرين في القطاعات الانتاجية، وتعهدًا برؤية واضحة لمحاربة الفساد. على العموم فالبرلمان والحكومة أمام اختبار لمدى جديتهما في معالجة المشكلات والتحديات التي يعاني منها ويواجهها الأردن.

التحديات والمخاطر التي تواجه الأردن

أولاً: القرار الصهيوني بإلغاء الأونروا الذي يأتي في سياق السعي الصهيوني الأمريكي للقضاء على حق العودة، جوهر القضية الفلسطينية. إن إلغاء الأونروا ليس مجرد إلغاء لمنظمة أممية، بل هو استهداف للمخيمات الفلسطينية، الشاهد والمولد الأساسي لاستمرار مقاومة الشعب الفلسطيني أينما كان.

ثانياً: حقبة ترامب الرئاسية الجديدة تشكل تحدياً كبيراً لأمتنا العربية، دولاً وشعوباً ومقاومة، بسبب توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة الداعمة لخيارات التمدد والتوسع الصهيوني، وضم الضفة الغربية، وتوسيع رقعة السيطرة الصهيونية على مزيد من الأرض العربية (وليس فقط  فلسطين)، وفرض الهيمنة الصهيونية – الأمريكية على مقدرات الوطن العربي وسلب سيادتنا ومحو هويتنا.

ثالثا: ضم الضفة الغربية.لم يكن إعلان سموتريش عن ضم الضفة الغربية حدثاً عادياً ولم يكن مفاجئاً، لقد كانت خطط الضم جاهزة مع ولاية ترامب الأولى بوصفها أحد مكونات صفقة القرن، وأحد أهداف الحكومة اليمينية والدينية المتمثل بحسم كافة الملفات المعلقة. فدولة الاحتلال “÷سرائيل”، كانت تترقب وصول ترامب إلى الرئاسة، فهو الذي تراهن عليه في تحقيق أهدافها بدون ردود فعل دولية، تمامًا كما جري مع الاعتراف الأمريكي بضم الجولان ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.

وفي سياق التحضير لهذا القرار أصدر سموتريش تعليمات لإدارة الاستيطان لإعداد خطط فرض السيادة على أراضي الضفة مؤكدًا إن عام 2025 سيكون عام السيادة. ولعل قراءة ما يجري في غزة من حصار وتجويع وقتل بقصد التهجير وتقسيم القطاع والتوجه لاستيطانه يكشف عن حجم المخاطر التي تحيط بالقضية الوطنية للشعب الفلسطيني.

وهذا يعطي للحرب الدائرة في جنوب لبنان وقطاع غزة أهمية قصوى لان صمود المقاومين سيحدد مستقبل المنطقة، من هنا علينا التنبه لما يخطط له نتنياهو للوطن العربي.

قانون الموازنة

اقرت الحكومة مشروع قانون الموازنة وعرضته على اللجنة المالية لمجلس النواب. والقراءة الأولية لهذا المشروع تجد انها لا تختلف عن الموازنات السابقة، فالعجز في الموازنة مستمر، ولا تزال الضرائب تشكل الجزء الأعظم من الإيرادات الضريبية، وبشكل خاص إيرادات ضريبة المبيعات. ولا تزال الإيرادات غير الضريبية متواضعة، ولا تزال المديونية مرشحة للازدياد في ظل العجز. هذا الحال يضع الموازنة امام عبئ كبير كخدمة الدين لسداد الفوائد أو الأقساط. نحن امام حلقة جهنمية بين العجز والاستدانة وخدمة الدين. إن هذا الارتفاع في المديونية يضعنا امام سؤال مركزي في كيفية التعامل مع هذا المشكل.

خلاصة الكلام، نحن امام تغيير في الوجوه مع ثبات لذات السياسات، وما لم يتم التغيير في النهج فان أي تغيير سيكون طفيفاً.

السياسة الخارجية

عام واربعة أشهر، وعلى الرغم من الموقف اللفظي بدعم الشعب الفلسطيني بإدانة حرب الابادة بحق الشعب الفلسطيني والتأكيد على حق الفلسطينيين بإقامة دولتهم، إلا أن الحكومة استمرت في سياسة التطبيع وانسياب السلع والخدمات للكيان، وبقيت سفارته مفتوحة في عمان، وكان الجهد الدبلوماسي لوقف الحرب الإجرامية محدودًا. هذه السياسة، كانت في الضد من المزاج الشعبي الاردني ومطالبه المتكررة بوقف التطبيع.

اظهر المزيد

نداء الوطن

محرر موقع حزب الوحدة الشعبية… المزيد »
زر الذهاب إلى الأعلى