بيان صادر عن الحملة الوطنية للدفاع عن عمال الأردن (صوت العمال) في الأول من أيار – يوم العمال العالمي
تتوجه الحملة الوطنية للدفاع عن عمال الأردن (صوت العمال) بالتحية لكل الشغيلة في الوطن والعالم؛ وتعلن انحيازها للطبقة العاملة وعموم الكادحين في بلدنا العزيز، كما تقف إلى جانب عمال فلسطين الذين يتصدون للاحتلال الصهيوني وممارساته العنصرية التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، كما نوجه التحية لعمال العراق وسوريا واليمن، الذين يواجهون عدوان الإدارة الأمريكية وحلفاؤها من الرجعيات العربية، ونوجه تحيات التضامن لعمال العالم في قاراته الخمس.
في هذا اليوم من كل عام تحضر أمامنا التضحيات العظيمة التي قدّمها عمّالُ العالم من أجل حياة حرة وكريمة، مع تأكيدنا على أن ما تحقق من مكاسب وحقوق لم يكن إلا نتاج النضال العمالي المثابر والمتواصل والتضحيات والشهداء الشغيلة، الذين ارتقوا في أكثر من بلدٍ ومكان، خلال ما يزيد على 150 عاماً، مذ أدركت الطبقة العاملة دورها، تناضل من أجل حقوقها، وتطور مفهومها من كونها طبقة بذاتها إلى طبقة لذاتها.لقد عانت الطبقة العاملة من الاضطهاد الطبقي ومن الحروب العدوانية والاستعمارية في البلدان التي شنت الحروب ومارست الاستعمار كما في الدول المستعمرة والتي خضعت للاحتلال ودفعت ثمن العدوان.
إلى ذلك إن إحياء هذا اليوم يقترن بالدعوة والتأهب لتحقيق أقصى درجات التضامن والوحدة في صفوف الطبقة العاملة وقواها النقابية العمالية المخلصة لقضاياها وحقوقها، لأن وحدة الطبقة العاملة ووحدة القوى المعبرة عن مصالحها تمثل الشرط الأول والأساسي لشق طريق نضالي نقابي عمالي في مواجهة كافة أشكال الاستغلال والجشع الرأسمالي.
إنّ الرأسمالية العالمية تكشف اليوم عن وجهها الأقبح والأكثر وحشية من خلال النموذج الليبرالي الجديد الذي تحاول فرضه كنموذج وحيد في توجيه الاقتصاد العالمي، وبشكل رئيسي في دول العالم الثالث الفقير؛ لتكريس التبعية الاقتصادية والسياسية، وكل ما يحمله ذلك من ذهنية استعمارية تستخدم أدوات متجددة تكفل لاحتكاراتها السيطرة على اقتصاد الدول من خلال إغراقها بالديون وفوائدها غير القابلة للسداد، لتأبيد التبعية والنيل من سيادة الدول واستقلالها، ولتحولها إلى بيادق تحركها بما يحقق مصالح المركز الرأسمالي الامبريالي.كل هذه السياسات دفعت بالملايين من العمال إلى البطالة والتشرد، وعائلاتهم للتفقير والعوز المدقع، وفي كثير من الدول الفقيرة جداً للهجرة هروباً من الموت جوعاً لملاقاة الموت في عرض البحر.
في يوم العمال، وفي هذا العام تحديداً، فإن بلادنا تمر بظروف استثنائية وصعبة، بسببٍ من عاملين، فاقما من معاناة طبقتنا العاملة الأردنية، الأول تمثله السياسات الليبرالية الجديدة التي طبقتها الحكومات المتعاقبة خلال العقود السابقة؛ أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة لتقارب 25% من القوى العاملة، وتردي ظروف بيئة العمل، وتفاقم معاناة أكثر من نصف القوى العاملة من البطالة و/ أو العمل بشروط قاسية تخلوا من أي حماية واستقرار للعامل وأسرته، ولا تضمن له تأمين احتياجاته من الرعاية الصحية والتعليمية لعائلته ولأبنائه. والعامل الثاني مثلته جائحة كورونا التي زادت بشكل متسارع من ظاهرتي الفقر والبطالة، في ظل عجز حكومي عن إيجاد حلول تحمي العاملين في القطاع غير النظامي، الذين لا يتمتعون بمظلة الضمان الاجتماعي. فخلال العام الماضي، وحسب الاحصائيات الرسمية التحق بجيش العاطلين عن العمل ما لا يقل عن 140 ألف شخص ليلتحقوا ب 475 عاطل عن العمل في العام 2019. في ذات السياق فان قرابة 2500 مصنع لم يقوموا بتجديد رخص المهن وقرابة 1000مصنع قام اصحابها بنقلها إلى بلدان مجاورة، وذلك نتيجة سياسات الجباية المتمثلة بالضرائب التي تفرضها الحكومات على الصناعة، وكل ذلك كانت له انعكاسات قاسية على وضع الطبقة العاملة.ان السياسات التي اتخذها الحلف الطبقي الحاكم منذ ثلاثة عقود والتي رهنت مقدرات البلاد، لصندوق النقد والبنك الدوليين، أدت إلى تفاقم معاناة العمال والكادحين وصغار الكسبة.
لقد قام الحلف الطبقي الحاكم ببيع مقدرات البلاد عبر ما سمي ببرنامج الخصخصة، واقترن ذلك بتراجع دور الدولة والتزاماتها تجاه التعليم والصحة والعمل، خدمة للشرائح الطفيلية والكمبرادورية، وتكريساً للتبعية.
لقد أمعنت الحكومات المتعاقبة بالاقتراض من صندوق النقد الدولي حتى تم إغراق البلاد بمديونية تجاوزت 35 مليار دينار أردني، وعجز متنامي في الموازنة العامة ارتفع خلال العقدين الأخيرين إلى أكثر من ستة أضعاف قيمته، في ظل غياب رقابة حقيقية من قبل السلطة التشريعية، فأخذت تقترض من أجل سداد فوائد الدين ليتجاوز حجم الدين العام إلى مجمل الناتج المحلي الإجمالي حد 110%.
ان هذه الاختلالات في السياسات المالية والاقتصادية أدت إلى ارتفاع نسب الفقر لتتجاوز في نهاية 2020 نسبة 27٪، وارتفاع نسبة البطالة إلى 25٪، وفي فئة الشباب تجاوزت 54٪ وبين النساء 33% النسبة، وهي من بين النسب الأعلى في العالم. لقد لجأت الحكومية التي توظيف قانون الدفاع لخدمة أغراض سياسية، فبدلا من تشريع قوانين توفر الحماية الاغلاقية لتحفيز الصناعة الوطنية، وتقنين استيراد المنتج الأجنبي، وبشكل خاص المنتجات الزراعة، مارست عكس ذلك، لنحصد مزيداً من التراجع في حصة هذه القطاعات الانتاجية من الاقتصاد الوطني.والأخطر أن الحكومة الحالية والسابقة، تجرأت وتطاولت على مدخرات الاردنيين في صندوق الاستثمار في الضمان الاجتماعي، وهي تعمل على تقويض استقرار هذه المؤسسة من خلال الاقتراض الذي وصل لأكثر من 6.5 مليار دينار أردني، وهذا يستدعي من الحريصين التصدي لهذه السياسات التي ستقود البلاد إلى الهاوية.
يا عمال الأردن،اننا نقف امام حلف طبقي حاكم، عمل خلال السنوات الماضية على قطع الطريق أمام المطالب الشعبية المنادية بالحرية والديمقراطية، والكرامة، والعدالة الاجتماعية، ما يستدعي تشكيل أكبر ائتلاف وطني لمواجهة سياسات حكومات التبعية والافقار، فلم يعد مقبولاً أن تبقى الطبقة العاملة التي تخلت عنها النقابات العمالية الصفراء، بدون نقابات عمالية حقيقية تدافع عن مصالحها. لقد آن الأوان لفرض التجديد في هيكلية وبنى النقابات العمالية القائمة والمتكلسة، لتفسح المجال أمام تجديد هيئاتها وقياداتها لتكون معبرة عن المصالح الحقيقية للطبقة العاملة، وأن تغادر حالة التبعية لرأس المال ومؤسساته. فلنناضل متحدين من أجل ائتلاف يضم كل أصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير الوطني الديمقراطي، نستطيع من خلاله تغيير التشريعات لإخراج قانون عمل ديمقراطي يتيح للطبقة العاملة تشكيل نقاباتها بعيدا عن تدخل السلطة التنفيذية وأدواتها، ويلزم الحكومة بتطبيق المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها الحكومات المتعاقبة.
كل التحية للطبقة العاملة الأردنية
عاش نضال الطبقة العاملة
عاش الأول من أيار
حملة “صوت العمال”