بيان صادر عن ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية بمناسبة عيد العمال العالمي
من أجل حياة كريمة وعمل لائق وأجر عادل
بمناسبة الأول من أيار – عيد العمال العالمي – يتقدم ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية من عمال الأردن وسائر الكادحين، بأحر التهاني، ويشيد بمساهماتهم وعطائهم في مجالات العمل والإنتاج المختلفة وينوه بتضحياتهم من أجل تعزيز الاستقلال الوطني بتفكيك منظومة التبعية للمراكز الرأسمالية العالمية، وتحقيق الديمقراطية ببعديها السياسي والاجتماعي وإرساء العدالة الاجتماعية.
كما يستعيد الائتلاف، بهذه المناسبة، الدور البارز الذي اضطلعت به الأحزاب والقوى الديمقراطية والتقدمية الأردنية في انشاء النقابات العمالية ورفدها بقيادات نقابية التزمت بمصالح شغيلة اليد والفكر وانتصرت لحقوقهم ودافعت عنها بكل تفان وصلابة وحققت على هذا الصعيد إنجازات مشهودة.
يستقبل شغيلة بلدنا وكادحوه في المدن والارياف والبوادي والمخيمات عيد الأول من أيار في ظل أوضاع سياسية واقتصادية ـ اجتماعية لا زالت تفرز مزيدا من البؤس والشقاء لكل من يعتمد في إعالة أسرته على بيع قوة عمله في سوق عمل تتراجع فيه فرص العمل اللائقة المتاحة، وتنعدم أمام الداخلين الجدد اليه، ومنهم من حصل على تعليم جامعي، فرص الحصول على الوظيفة المناسبة، إضافة الى ما يشهده (سوق العمل) من ارتفاع حاد ومقلق في اعداد من يتم فصلهم من أعمالهم ويلتحقون مكرهين بجيش المتعطلين عن العمل.
وساهمت جائحة كورونا، التي لم تتعاف البلاد منها ومن تداعياتها تماما في تراجع المداخيل والأجور الفعلية لمن بقي على رأس عمله، وتدني مستوى معيشة جميع العاملين بأجر، وفي تراجع قدراتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية، وفي تأمين شروط الحياة الكريمة، وقد انعكس ذلك كله على تراجع الطلب العام على السلع والخدمات، مما عمق من ظاهرة الكساد (التضخمي) والركود، واتسع نطاق التذمر ليشمل أصحاب الورش وقطاع الاعمال الصغيرة والمتوسطةـ الذين باتت أوضاعهم المعيشية قريبة جدا من أوضاع العاملين بأجر.
ومع أن الجائحة تتحمل قسطا من المسؤولية عن تردي الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية، الا أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق السلطة ونهج الليبرالية الاقتصادية الجديدة والتبعية المتزايدة للمراكز الرأسمالية ومؤسساتها المالية والنقدية، كذا على السياسات الاقتصادية والمالية والضريبية التي تتمسك بها السلطة بكل عناد ومكابرة، رغم اتضاح عجزها ليس فقط عن حل المشكلات الحادة، بل وفي توليد المزيد منها.
وفي الجانب السياسي، بات واضحا أن نظام الحكم مصمم على إعادة تشكيل (هندسة) الحياة السياسية والحزبية بما يتماشى ورؤى أطراف التحالف الطبقي الحاكم حصرا ومصالحه الضيقة، وبما يتعارض تماما مع متطلبات الانفتاح على سائر المكونات الاجتماعية والسياسية للمجتمع الأردني. وهذا الانفتاح يفترض تجسيد الالتزام بمنظومة الحريات والحقوق المكفولة في الدستور وفي العهود والمواثيق الدولية التي وقعها الأردن، وفي مقدمتها حرية التعبير عن الرأي، والتعددية السياسية والفكرية، وضمان الحريات النقابية، بما في ذلك حرية تشكيل التنظيمات النقابية العمالية والتوقف عن التدخل في شؤونها الداخلية وفرض قيادات مطواعة تعمل على إعاقة تبلور الوعي الطبقي لدى العمال، وتضمن بقاءهم ضمن دائرة الخضوع (البطريركي) لسلطة رأس المال. كما ويفترض، بطبيعة الحال، حرية تشكيل الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية المختلفة بدون العوائق والتعقيدات والقيود العديدة التي تضمنها قانون الأحزاب الجديد.
إن هذا النهج المجرب سابقا الذي أوصل البلاد قبل ثلاثة عقود ونيّف الى طريق مسدود، لن يفضي اليوم الا الى استفحال الأزمة السياسية والاقتصادية ـ الاجتماعية، وارتفاع منسوب الاحتقان الشعبي وتعمق هوة الثقة بين السلطة والشعب. وكما كان المخرج آنذاك سياسيا، باحترام إرادة الجماهير الشعبية التي عبرت عنها في هبة نيسان 1989، فان المخرج اليوم يبقى سياسيا ويتمثل في احترام الإرادة الشعبية المطالبة بتغيير النهج السائد والقائمين عليه.
إن ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية اذ يؤكد على وحدة وترابط النضال الذي يخوضه عمال الأردن جنبا الى جنب وكتفا الى كتف مع الطبقة العاملة العربية والعالمية من اجل انهاء شتى اشكال الاستغلال الطبقي والاضطهاد القومي الذي تمارسه قوى رأس المال واحتكاراتها العالمية، يعبر عن تضامنه، من موقع الشريك، مع نضال الطبقة العاملة الفلسطينية وسائر الكادحين الفلسطينيين، وعموم الشعب الفلسطيني في مواجهة سياسات القمع والتنكيل “الإسرائيلية”، ومخططات الدوائر الامبريالية الصهيونية لتصفية القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية تحرر وطني، وطمس الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الوطنية الفلسطينية وعاصمتها القدس.
كما يعبر عن تضامنه مع نضال الطبقة العاملة العربية من اجل التحرر من شتى اشكال الهيمنة الأجنبية، واستمرار سياسات التطاول على حقوق الشعوب العربية، والتدخل في شؤونها الداخلية، كما في مواجهة سياسات الأنظمة الحاكمة النيوليبرالية التي تتسم بتبعية جلها الاقتصادية والسياسية للبلدان الامبريالية، وخاصة الامبريالية الامريكية، وبعدائها الصريح للديمقراطية ببعدها السياسي والاجتماعي، وبتنكرها المكشوف لمصالح الجماهير الشعبية وحقوقها السياسية والاقتصادية ـ الاجتماعية والثقافية.
كما ويعبر الائتلاف، في ذات الوقت، عن تضامنه مع نضال الطبقة العاملة في العالم اجمع في مواجهة الاحتكارات الرأسمالية متعددة ومتعدية الجنسية ودولها الامبريالية، ونهجها القائم على أساس المحافظة على الشروط والظروف التي تمكنها من استمرار هيمنتها المطلقة على الأسواق ومصادر الطاقة والمواد الخام، ومواصلة استغلالها للطبقة العاملة وسائر الكادحين في البلدان الرأسمالية الرئيسة، ونهبها لمقدرات شعوب ودول العالم اجمع الاقتصادية والنفطية – الغازية.
في الأول من أيار، عيد العمال العالمي، يؤكد ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية انحيازه لصالح الجماهير الشعبية الكادحة والفقيرة، ويجدد التزامه بمصالح شغيلة اليد والفكر، ويجسد امالهم وطموحاتهم في أردن وطني، متحرر وديمقراطي، ومجتمع مدني، تعددي، قائم على مبادئ المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص وعدالة توزيع عوائد التنمية، والدخل، والسهر على رعاية مصالح وحقوق ومكتسبات الشغيلة والكادحين، بما في ذلك ضمان أجور عادلة وضمانات اجتماعية تضمن حياة كريمة للعمال بعد سنوات العطاء الطويلة لصالح الوطن واقتصاده وتعزيز قدراته.
عمان في 30/4/2022
الناطق الرسمي باسم الائتلاف، الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني
فرج اطميزه