بلير والعودة للتاريخ البريطاني الاستعماري الخبيث

يعود الدور البريطاني الخبيث على فلسطين وعموم الوطن العربي إلى الاتفاقية المعروفة باتفاقية سايكس–بيكو عام 1916، وأطماع كلتا الدولتين الاستعمارية في أرضنا وثرواتنا، وسعي بريطانيا أن تكون فلسطين في دائرة انتدابها الذي تم إقراره في عصبة الأمم عام 1922، لتطبيق ما عُرف بوعد بلفور الذي أطلقه عام 1917 وزير خارجيتها آنذاك.
اليوم يعود مجددًا الدور البريطاني، وعبر ما يعرف بـ”صفقة ترامب” لوقف الحرب الإجرامية على غزة، ومن خلال اعتماد توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا السابق، والشريك مع بوش في الكذب واحتلال وتدمير العراق عام 2003، عبر تسويق امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل.
لماذا بلير؟ ولماذا الإدارة الدولية؟ أليس هذا انتقاصًا من القدرة الفلسطينية على حكم أنفسهم بأنفسهم؟ بل والأهم: أليس هذا تكريسًا لفكرة أن هذه الأرض “متنازع عليها” وليست “محتلة”، كما تسعى إسرائيل لترويجها؟
لم يكن السعي لتنفيذ المشروع الإمبريالي الصهيوني ممكنًا إلا بإضفاء نوع من الشرعية الدولية، وهذا تم من خلال التوافقات بين الدول الاستعمارية، والتي تكللت بقرار تقسيم فلسطين عام 1947. وهذا يفسر استحضار توني بلير كنوع من إعطاء الشرعية للدور التاريخي الاستعماري البريطاني في فلسطين.
إن سعي ترامب لمثل هذه الحلول لوقف الحرب ليس إلا انتقاصًا من حق وقدرة الفلسطينيين على إدارة شؤونهم بأنفسهم، وضربًا للبعد الوطني الفلسطيني، وسعيًا لتكريس الأهداف الإسرائيلية بالتهجير تحديدًا.
إني أعتقد أن هذه الصفقة، وعلى رأسها توني بلير، لا تهدف إلا إلى تكريس الانقسام الجغرافي للوطن الفلسطيني، واستكمال تجاوز سياسة استهداف الهوية الوطنية الفلسطينية، والتي بدأت بوعد بلفور 1917، الذي لم يتحدث عن الشعب الفلسطيني كشعب، وأنكر وجوده، بل تحدث عنه كأحد الطوائف. ومنذ تلك اللحظة كان السعي لتجاوز الهوية الفلسطينية الوطنية.
إن الدماء الطاهرة التي سالت على أرض غزة الطاهرة، وآلاف الشهداء الذين ارتقوا إلى العُلا، كل هذا لم يتم من أجل أن يأتي الخبيث والكذاب توني بلير، بل من أجل دحر الاحتلال.
ومئات الآلاف من العالم الذين انتصروا لفلسطين، ما عملوا ذلك إلا لوقف الحرب وزوال الاحتلال.