نداؤنا

انخراط الأردن في الحلف الدولي “الأمريكي”

يشكل قرار انخراط الأردن في التحالف الدولي “الأمريكي” واحداً من أخطر القرارات السياسية الذي ستترتب عليه مجموعة من التداعيات والمخاطر ، ومزيداً من الارتهان لواشنطن ، وادارتها لملفات الصراع بما يخدم مصالحها الحيوية في المنطقة ، على حساب حقوق ومصالح وطموحات الأمة العربية من خلال توفير “الغطاء العربي” والأداة  التنفيذية لإعادة ترتيب الولايات المتحدة لأوراقها وتأمين مصالحها الحيوية الجيوسياسية ، والنفطية ، وأمن الكيان الصهيوني في المقدمة ، بعد أن تراجع دورها ولم تعد القطب الوحيد المقرر في تطورات المنطقة والعالم. كما أن من شأن تأمين هذا الغطاء العربي والذي سعت له واشنطن  بشكل حثيث أن يعطي “المبرر والمشروعية” للتدخل العسكري الأمريكي بالشكل والتوقيت الذي ترتأيه واشنطن ، وتنفيذه بأقل الكلف والخسائر، في سياق مسعاها الاستعاضة عن جيوشها الجرارة بقوات نخبة وتدخل سريع منتشرة في قواعد داخل بعض بلدان المنطقة أو في الجوار ، مترافقاً مع إعادة انتاج لنموذج “الكونترا”، من خلال التدريب والتسليح لما تسميه “المعارضة المعتدلة” ، يستخدمها هذا الحلف الأمريكي كقوات على الأرض بديلاً لجيوشها. فنحن أمام إعادة صياغة للاستراتيجية والتكتيك العسكري للجيش الأمريكي تكيفاً مع دروس وعبر حروبه في أفغانستان والعراق ، واستجابة لتقليص الموازنات العسكرية بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية. لكن الأخطر يكمن في أن هذه “المعارضة المعتدلة” قيد الإنشاء ستكون مصدراً لتفريخ مزيد من المجموعات المتطرفة على غرار ما حدث مع سابقاتها ، وهو ما يعني إعادة انتاج التطرف وأدواته المحلية ، المعول الأساس في عملية “التدمير الذاتي لأمتنا” ، لقطع الطريق أمام أي نهوض شامل وحقيقي يمكن أن يعيد الفرصة لبناء الدولة القومية العربية الموحدة.

كما أنه في المباشر يشكل انخراطاً في المشروع الأمريكي الصهيوني الساعي لتقويض مقومات الدولة الوطنية السورية وإضعاف جيشها ، واستباحة أجوائها وسيادتها ، وتدمير بناها التحتية ، وتكريس حالة من التقسيم الجغرافي على أساس عرقي وطائفي ، وتمرير التدخل العسكري الأجنبي الخارجي (الأمريكي والغربي بشكل محدد) والذي لن يتوقف عند حدود ما يدعيه من “محاربة التطرف والارهاب” بل سيقفز عن ذلك ليصل إلى استباحة الوطن العربي بتاريخه وحاضره ومستقبله ، وإبقاء مبررات استمرار التواجد العسكري الأمريكي وقواعده في المنطقة.

التجربة الحسية والملموسة لسياسات واشنطن وبشكل رئيسي منذ 2001 لم تساهم في  حسر التطرف واقتلاعه ، بل عملت على توفير بيئات حاضنة ساهمت في نموه وقوت من شوكته ووسعت من دوائر انتشاره ، وها هو أوباما يعترف بخطأ التقديرات الاستخبارية الأمريكية في قضية بهذا الحجم !! ، وهو بهذا يجسد نموذجاً للقيادة الفاشلة والعاجزة والمخادعة.

بعد كل هذا كيف تقبل السلطة التنفيذية والحكم استمرار انخراط الأردن في هذا الحلف البغيض؟

اظهر المزيد

نداء الوطن

محرر موقع حزب الوحدة الشعبية… المزيد »
زر الذهاب إلى الأعلى