أخبار محلية

المناطق الصناعية المؤهلة QIZ تجربة تطبيعية أثبتت فشلها على كافة الصعد

“اعترافاً من الطرفين بأن العلاقات بينهما ينبغي لها أن تسير استرشاداً بمبادئ الانسياب الحر للسلع والخدمات الذي لا يعترض شيء سبيله، فإنهما سيدخلان في مفاوضات بهدف التوصل إلى عقد اتفاقيات تتعلق بالتعاون الاقتصادي، بما في ذلك التجارة وإقامة منطقة أو مناطق تجارة حرة، والاستثمار، والعمل المصرفي، والتعاون الصناعي والعمالة، وذلك لأغراض تعزيز قيام علاقات اقتصادية مفيدة تقوم على مبادئ يتم الاتفاق حولها، كما تقوم على اعتبارات التنمية البشرية على مستوى الإقليم. وسيتم اختتام هذه المفاوضات في موعد لا يتجاوز فترة ستة أشهر من تاريخ تبادل وثائق التصديق على هذه المعاهدة.”

من المادة الثانية من معاهدة وادي عربة بين الأردن والكيان الصهيوني.
لم تكن معاهدة وادي عربة مجرد اتفاق لإنهاء حالة عداء بين بلدين، أو وقف قرع طبول حرب بين دولتين. فهذه المعاهدة كرّست دوراً أردنياً رئيسياً لتسويق الكيان الصهيوني بشكل خاص والمشروع الإمبريالي بشكل عام في المنطقة العربية. وما الاتفاقيات التي تم توقيعها لاحقاً بين حكومتي البلدين وبرعاية أمريكية إلا تثبيتاً لهذا الدور.

المناطق الصناعية المؤهلة
بمبادرة من الرئيس الأمريكي –آنذاك- بيل كلينتون، أقرّ الكونغرس الأمريكي في عام 1996 إنشاء مناطق صناعية مؤهلة في منطقة الشرق الأوسط، بهدف دعم السلام، وعرضت الولايات المتحدة الأمريكية على مصر والأردن والسلطة الفلسطينية الانضمام لهذه الاتفاقية، إلا أن مصر أرجأت الانضمام إليها، بينما وافقت الأردن ‏والسلطة الفلسطينية. وقد تم توقيع اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة بين الكيان الصهيوني والاردن في الدوحة بتاريخ 16/11/1997.
والمنطقة الصناعية المؤهلة هي أي منطقة تم اعتمادها بهذه الصفة من قبل حكومة الولايات المتحدة الأمريكية وتم تسميتها من قبل السلطات المحلية كمنطقة يسمح للبضائع المنتجة فيها دخول سوق الولايات المتحدة الأمريكية الكبير دون رسوم جمركية وضرائب ودون اشتراط تحقيق منفعة متبادلة، ودون وجود حد أعلى حصص/ سقوف. ويتمتع المستثمرون في الأردن بعدم وجود سقف تصديري للبضائع المنجة في الأردن والمصدرة للولايات المتحدة الأمريكية.
وفي بدايات تطبيق الاتفاقية شهد الأردن نمواً كبيراً في عدد المناطق الصناعية المؤهلة ووصل إلى ستة مناطق، حيث كانت البداية مع مدينة الحسن الصناعية التي كانت أولى المناطق الصناعية المؤهلة في العالم، ثم افتتحت مدينة الحسين بن عبد الله الثاني الصناعية (QIZ)، فمجمع ضليل QIZ، ومدينة التجمعات QIZ، ومشروع معبر وادي الأردن QIZ، ومدينة سايبر سيتي QIZ.
 

استغلال للأيدي العاملة الأردنية
الرفيق محفوظ جابر عضو اللجنة المركزية لحزب الوحدة الشعبية وعضو لجنة مجابهة التطبيع النقابية، أكد في حديث خاص لـ نداء الوطن، أنه وفقاً لاتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة عام (1997)، تدخل المنتوجات المصنّعة في هذه المناطق إلى سوق الولايات المتحدة معفاة من الكوتا ومن الجمارك بشرط أن تكون ما نسبته (35%) على الأقل من قيمة السلعة المصدرة مكونة من منتج محلي منها (8%) أردني و(8%) “إسرائيلي” وأن التركيز على صناعة الملابس.
واعتبر الرفيق جابر أن الهدف من هذه الاتفاقية، هو فتح الأراضي الأردنية أمام التطبيع الاقتصادي مع “إسرائيل” واختراق الاقتصاد الأردني عبر الاستثمار الإسرائيلي في الأردن.
كما أنه يهدف وفقاً للرفيق جابر إلى عملية استغلال للأيدي العاملة الرخيصة، خاصة وأن الأردن لديه الأيدي العاملة، ولكن ليس لديه المواد الخام للصناعة، وبذلك فإن المستثمرين الأردنيين في هذه المناطق المؤهلة لا يشكلون حجماً كبيراً في عملية الاستثمار، بل هم فئة محددة لا تمتلك سوى رأس مال محدود تريد استثماره وحتى أنها لا تمتلك الخبرة الصناعية.
ويلفت الرفيق محفوظ جابر إلى أن المستثمرين الأردنيين أيضاً تم استغلالهم عبر تكلفة المواد التي يجب أن تساهم فيها “إسرائيل” والتي لا تقل نسبتها عن (8%) حسب الاتفاق والتي ارتفعت لعدم توفر مواد خام أردنية.
ويشير جابر إلى أن تم العامل الأردني نفسه تم استغلاله في هذه المناطق غير الخاضعة لقانون العمل، حيث تتراوح أجرته بين (80 – 120) دينار أردنياً. ورغم ذلك فإن العمالة الأردنية المستغلة العاملة في المناطق المؤهلة لم تتجاوز (12) ألفاً من الأردنيين، بينما يصل عدد العمال الوافدين العاملين في هذه المناطق حوالي (40) ألفاً، أي أن العمال الوافدين أكثر من ثلاثة أضعاف العمال الأردنيين. ناهيك عن انتهاك الحقوق الإنسانية الذي يتعرضون له يومياً والذي وصل حد الضرب وتم تثبيته من خلال مؤسسات حقوق الإنسان الدولية والمحلية الأردنية، وهذه تشوه صورة الأردن أمام العالم، علماً بأن القرار الحكومي يستثني العاملين في المناطق المؤهلة من تطبيق تعليمات الحد الأدنى للأجور بدعوى الحفاظ على الاستثمارات الأجنبية.
إذن، فقد تم استغلال المستثمر الأردني بتدفيعه كلفة عالية للمواد الخام، وتم استغلال العمالة الأردنية، وبذلك يكون المستفيد الوحيد هو العدو الصهيوني الذي يحقق الأرباح المالية ويحقق الأرباح السياسية من خلال عملية التطبيع الاقتصادي والذي يمهد ليصبح الأردن سوقاً لبيع الإنتاج الإسرائيلي، ومركزاً لتسويق الإنتاج الصناعي والزراعي إلى الدول العربية.
ويرى الرفيق جابر أن لهذه المناطق أضراراً أخرى أهمها: الأثر البيئي على الأردن، حيث تضررت البيئة الأردنية بسبب صناعة الملابس، بل إن “إسرائيل” نقلت مصانعها في المنطقة المحتلة عام (1948) إلى المناطق المؤهلة، لتتخلص من الآثار السلبية على البيئة جراء مخلفات هذه المصانع.
الاستثمارات الأجنبية في المناطق الصناعية المؤهلة كانت من عدة دول أهمها: الصين، كوريا الجنوبية، الفلبين، تايوان، وباكستان إضافة إلى “إسرائيل”. ووفقاً للرفيق محفوظ جابر، فإن أرباح هذه الاستثمارات لا يتم الاستفادة منها في الأردن ولا تدخل في حسابات الاقتصاد الأردني باستثناء ناتج المصانع الأردنية وهي كانت محدودة العدد.
 

تجربة فاشلة واستثمارات بلا فائدة
ويعتبر الرفيق جابر أن اتفاقية المناطق المؤهلة ثبت فشلها في الأردن، ولم تحسن الاقتصاد الأردني ولم تطور الصناعة الأردنية، كما لم تقدم مردوداً جيداً للمستثمرين الأردنيين فيها. وإضافةً إلى ذلك، فإن العامل الأردني بدلاً من تحسين وضعه، صار يعاني من أمراض الاستغلال الأجنبي له.
ويلفت الكاتب علي حتر إلى أن أي محاولة لتحسين أي حل لا يتضمن عودة ملايين اللاجئين المشردين هي محاولة تصب في مصلحة تثبيت العدو المغتصب على الأرض وتكريس وجوده ودعم للاستيطان الذي يكرس هذا الوجود في الأرض المغتصبة.
ويضيف حتر وهو عضو لجنة مجابهة التطبيع النقابية سابقاً وتم اعتقاله عام 2001 على خلفية نشاطه المناهض للتطبيع مع الكيان الصهيوني، يضيف حتر أن تقييم المناطق المؤهلة لا يجب أن يزيد عن تقديم معلومات خلال الصراع معه، وليس من حقنا أن نضع حلولاً تنتقص من حق أهل الأرض المغتصبة الأصليين.
ويلفت حتر في حديثه لـ نداء الوطن، أن القبول بالمناطق الصناعية المؤهلة على أرض عربية، هو تأكيد الاعتراف والالتزام بمستحقات معاهدة وادي عربة وغيرها عملياً.
ويشير حتر إلى أن المناطق المؤهلة كان لها أثر لوجستي في تسهيل تسويق الصناعة اليهودية في الدول العربية بشاحنات أردنية، حسب استحقاقات المعاهدة. كما وفرت هذه المناطق فرصة للعدو لاستغلال إمكانيات البُنية التحتية كالماء والطاقة ومعالجة الفضلات على حساب الأردن.
وينوّه الكاتب حتر إلى أن هذه المناطق المؤهلة سمحت بتقديم العمالة الأجنبية للمغتصب وتوفير سكن لها في الأردن مع ما أنتجته من مشاكل اجتماعية لقطاع الشباب في المناطق القريبة منها، وبالتالي تقديم حل للعدو، لتوفير شبابه للجيش، وتحريره من تحمل العبء الاجتماعي لوجود العمالة الأجنبية الشابة فيه.
إذن، المناطق الصناعية المؤهلة تجربة أثبتت فشلها على كافة الأصعدة، ولم تحقق للحكومات الأردنية سوى عار التطبيع مع الكيان الصهيوني. كما أنها لم تجلب أية منافع حقيقية للاقتصاد الأردني. وإذا أضفنا اتفاقية المناطق الحرة مع الولايات المتحدة كمنافسة للمناطق المؤهلة، فإن التسهيلات فيها للأردني جعلته يتعامل مع السوق في الولايات المتحدة بشكل مباشر أفضل من المناطق المؤهلة مما جعلها تصبح “غير مؤهلة”، وفقاً لحديث الرفيق محفوظ جابر لـ نداء الوطن.
يقول الرفيق محفوظ جابر: “إن هذه الأوضاع والنتائج توصلنا إلى أن الأردن يدفع ثمناً باهظاً نظراً لتبعيته السياسية للولايات المتحدة التي جرته إلى المناطق المؤهلة المفلسة والتي تشكل فقط حالة التطبيع مع العدو الصهيوني دون أي فائدة تذكر.”

قانون صندوق الاستثمار: انحياز نيابي لرأس المال الأجنبي و”إسرائيل” شريك استثماري

لم يمر إقرار مشروع قانون صندوق الاستثمار بسلام كما كانت تأمل الحكومة. فمشروع القانون الذي يحمل في طيّاته علامات استفهام كبيرة، استطاع النواب في جلسة إقراره الصباحية إحداث اختراقات هامة فيه، سرعان ما تراجع عنها –كعادة مجلس النواب السابع عشر- في الجلسة المسائية.
في الجلسة الصباحية التي استقبل فيها مجلس النواب الطفل الفلسطيني أحمد الدوابشة الناجي الوحيد من جريمة حرق عائلته على يد الصهاينة، أقر مجلس النواب تثبيت استثناء “إسرائيل” من صندوق الاستثمار ومنع الشركات الصهيونية من العمل وفق قانون الصندوق.
إلا أن مجلس النواب انقلب على نفسه في الجلسة المسائية، حيث قدم مجموعة من النواب مذكرة تطالب بفتح المادة المتعلقة بالتعريفات في القانون والعودة إلى نص المادة كما وردت في مشروع الثانون المقدم من مجلس الوزراء واللجنة المالية، وحذف التعديل الذي أضافه مجلس النواب بـ “استثناء اسرائيل”.
إصرار الحكومة على حذف التعديل النيابي وحجم الضغط على النواب، يؤكد على أن هذا الصندوق الاستثماري له أهداف أخرى، قد تكون أولاها فتح باب الاستثمار المشترك بين دول عربية بعينها والكيان الصهيوني. كما أن تراجع النواب عن قرارهم يؤكد على أن هذا المجلس ليس سيّد نفسه ولا يمتلك قراره.
كما تراجع المجلس النيابي عن قرار اتخذه يفرض على المستثمرين أن تمثل العمالة الأردنية 75% من العاملين في مشاريع صندوق الاستثمار، حيث تم إعادة التصويت على هذا القرار في الجلسة المسائية ما أدى إلى تراجع المجلس عن قراره. ويعتبر هذا القرار استمراراً لاستهداف حكومي للطبقة العاملة الأردنية وانحيازاً صارخاً لرأس المال، كما جرى في كافة التوجهات الحكومية في السنوات العشرين الأخيرة.
وأعفى القانون الصندوق والشركة من الرسوم الجمركية ورسوم الطوابع وأي رسوم أو ضرائب أو بدلات حكومية أخرى، بما في ذلك الضريبة العامة على المبيعات والضرائب الخاصة وضريبة الدخل، بما في ذلك ضريبة الدخل على الأرباح التي يوزعها الصندوق أو توزيعها على المساهمين”. إضافة إلى إخضاع “كافة مشتريات الشركة والصندوق من السوق المحلي للضريبة العامة على المبيعات بنسبة صفر”.
أما الأخطر في هذا القانون فهو ما أقره النواب في المادة التي تقول: “إذا تطلب إنشاء أي مشروع تملك الصندوق أو الشركة لأي عقار وامتنع مالك العقار عن بيع العقار أو أي جزء منه بسعر عادل، فللصندوق أو الشركة الطلب من المجلس استملاك ذلك العقار، فإذا وجد المجلس أن ذلك العقار ضروري لإنشاء المشروع يقرر التوصية إلى مجلس الوزراء الموافقة على استملاك ذلك العقار أو الجزء اللازم منه لمصلحة الصندوق أو الشركة، باعتبار أن إنشاء المشروع يحقق النفع العام بالمعنى المقصود في قانون الاستملاك”.
هذه المواد تؤكد على أن المستثمر الأردني وصاحب المصنع الأردني لا أولوية له في الحسابات الحكومية، وأن مفهوم السيادة الوطنية هو مفهوم ملتبس لدى حكومتنا الرشيدة التي جعلت من الشركات التي ستستثمر عبر هذا الصندوق أقوى من القانون الأردني وفوق كل تشريعاته.

.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى