المشهد الإعلامي في 2016
في اي قضية كانت في هذا الكوكب، عليك ان تنبش اثارها ابحث اولا عن الاعلام الذي كان خلفها، مؤسة الاعلام التي تعتبر اساس اي قضية كانت، سيطرت على المشهد في عام 2016 سيرت شعوب، انتهكت شعوب واطلقت قضايا الى فضاء الكون.
قضايا انت لا تدرك اهميتها من عدمها، الا ان الاعلام من خلال سياسته هو الذي يرتب لك اولوياتك على اولوياته طبعا، ويعيد لك العالم بصورة جديدة اكثر عمقا، المفكر الفرنسي المعاصر جان بودريار يرى ان الاعلام “عالم الواقع المفرط”، انه كذلك في عام 2016 اتضحت صورة افراطه في المهشد العام.
في سوريا، الحرب واللاحرب والسلم واللاسلم، ضحايا ام ارهاب، جيش يدافع ام ميليشات تقاتل، اسئلة عديدة ستضعها في راسك اذا ما نظرت للمشهد السوري، ولكن اذا كنت تتابع مثل قناة “الجزيرة” سترى ان المشهد مرتسم بجيش يقتل ابناء وطنه، واذا ما شاهدت لدقائق قناة “الدنيا” ستجد جيشا يدافع عن ارض الشام امام ميليشات متطرفة، انه الاعلام، المرآة الخادعة التي تريك العالم بعدستها امها المحدبة او المقعرة حسب اولوياته واهدافه.
في الانتخابات الامريكية، الاعلام الغربي سلط الضوء على الولايات المتحدة وعلاقتها بقضايا العالم الكبيرة مثل سوريا والعراق وعلاقتها مع روسيا، اما العرب الذي يشتعلون داخل دائرة امريكا لم يهمهم الموضوع كثيرا، فمؤسسات العربية راحت لساعات وساعات وهي تحلل وتنظر حول مفهوم ترامب للاسلام ونظرته للمسلمين هناك، فلو سالت اي مشاهد عربي وقت الانتخابات الامريكية عن رايه سيقول لك بان ترامب هو عدو الاسلام بدون اي تحليل او ادنى فكرة عن ما يقول.
في 2016 لعب الاعلام لعبته الكبيرة، وعرض الزاوية اتي يريدها من امشهد، لم تكن هناك اي وسيلة اعلام في العالم رصدت اي مشهد بشكل كامل، كل مؤسسة عرضت ما يتوافق معها، حول الحيادية والانحياز لا يمكن ولا لكلمة واحدة ان تقول ان الاعلام يجب ان يكون محايد، الاعلام يجب ان يكون منحاز، الانحياز واجب وطني في القضايا المصيرية وفي القضايا الاخلاقية العامة، لا يحق ولا لاي وسيلة عربية ان تكون حيادية في القضية الفلسطينيةلا يمكن الا نكون اشد انحيازا لدم الشهداء ولتاريخنا المهوب وارضنا المسلوبة.
العالم الكندي ماكلوهان اعتبر أن كل وسيلة إعلامية معينة، تلفاز، إنترنت، إذاعة، صحيفة… هي بحد ذاتها رسالة، إذ أن اختلاف نظام تلقي المضمون من قبل المستقبل من وسيلة لأخرى، يتسبب بدوره في اختلاف استيعاب الفكرة المرسلة، وهذا ما حدث في 2016، كل وسيلة اعلامية شكلت صورة تتوافق مع سياستها واهدافها وعكستها على المشاهد الذي اصبح صورة طبق اصل عن صورة الوسيلة التي يتابعها.