ثقافة وأدب
اللوحة / رضا استيتية
فَدْم : لا بد لي من تدخين سيجارة أخرى .
- تارا : ألا تلاحظ أنك دخنت كثيراً اليوم ؟
- نعم صحيح، أعدك أنها الاخيرة .
- لكنك وعدتني قبل ثمان أو تسع سجائر!
- حسناً , سأكتفي عند نفاذ أعواد الثقاب .
- نفاذ أعواد الثقاب ! لربما لدينا أكثر من ألف علبة .
- إذاً كان الله في عون صدري .
- لا بد لي أن أخبر أبي عند عودته .
- أبي؟ لا أعلم كيف يظهر لنا فجأة من العدم , كل يوم يأتي ويذهب من العدم الى العدم .
- نعم غريب , ولكن لا تتحدث عن أبي ؟
- ما بكما ؟ بإمكان المدينة المجاورة أن تسمع صراخكما .
- أبي , فَدْم دخن كثيراً اليوم .
- كم دخنت يا أبله ؟
- لا أعلم يا أبي , فلتقم بعدّ بقايا السجائر لتعلم عددها .
- أين وضعتها ؟
- هناك على الأرض .
- هناك على الارض ؟ أبله لا يوجد شيء هنا .
- وضعتها على الارض لا أعلم أين ذهبت , كل شيء في هذا البيت غريب , لا أعلم أين يذهب رماد السجائر وبقايا أعواد الثقاب , أنت دائما لا تخرج ولا تدخل من الباب دائما من العدم , وبالأساس لماذا لا يوجد لدينا باب ! كل يوم يتغير أثاث البيت لوحده , كيف؟ لا أعرف .
- لا بد أنك جننت تماماً يا بني , تارا لقد جُن أخاكي , ماذا يضع داخل هذه السجائر ؟
- نعم يا أبي , أنه مجنون تماماً، انظر له كيف يستلقي على الأريكة دون حراك؟
- لا بد أنه يستعمل العقايقر المهدئة , مجنون مسكين .
- أبي أبي أين ذهبت يد فَدْم ؟ عينه اليسرى تختفي أيضاً !
- ابني فَدْم استيقظ أرجوك .
- أبي ما هذا الخط الذي ظهر في سقف الغرفة ! أبي جدران المنزل تتهاوى علينا ! أبي أبي .
اختار الرسام أن ينهي الرسمة بعد ملله من التعديل عليها , مزقها من دفتر رسمه , كمشها بكل قوة وقذف بها الى سلة المهملات , حيث تقبع هناك العشرات من الأوراق المتشابهة , العشرات من فَدْم وتارا وأبيهما .